في وقت لم تتخطّ فيه نسبة الاشغال الفندقي 30 في المئة خلال الاعياد ولم تتجاوز الحجوزات المطعمية الـ 35 في المئة ليلة رأس السنة، هل لا يزال ممكناً اعتبار لبنان بلدا سياحيا، والتعويل تالياً على السياحة لإدخال العملات الصعبة؟ والى اي مدى لا تزال المؤسسات السياحية قادرة على الصمود مع شبه انعدام السياح واقتصار الحركة السياحية على المقيمين الميسورين وبعض المغتربين؟
تقضي الخلافات السياسية على ما تبقى من مرافق اقتصادية في البلاد كانت لا تزال تؤمّن صمود اقتصاده في الأمس القريب، فقد كشف موسم الاعياد عن هشاشة القطاعات التجارية والسياحية والفندقية والمطعمية بتسجيلها حركة خجولة جدا، الى جانب ما تعانيه اصلا من انهيار في القطاع المصرفي والاستشفائي والدوائي والتربوي…
ورغم تسجيل حركة المسافرين من والى لبنان في نهاية شهر كانون الأول الفائت أكثر من 454 ألف راكب بزيادة حوالى 61 في المئة عن الشهر ذاته من العام 2020، يبدو انّ القطاع السياحي لم يستفد من هذه الحركة بدليل تراجع نسبة الاشغال الفندقي والحجوزات المطعمية الى مستوياتها الدنيا خلال فترة الاعياد في ظل ارتفاع التكاليف التشغيلية المتمثلة خصوصا بارتفاع اسعار المحروقات. وبما ان غالبية رواد القطاع باتوا من المقيمين، هل لا يزال التعويل على القطاع لإدخال العملات الصعبة قائما؟
في هذا السياق، اشار نقيب اصحاب الفنادق بيار الاشقر لـ«الجمهورية» الى ان وضع الفنادق خلال الأعياد كان سيئا لأن غالبية الوافدين الى لبنان خلال هذه الفترة كانوا من المغتربين القادمين من منطقة الخليج العربي او افريقيا وهؤلاء لديهم بيوتهم ولا يزال قسم كبير من عائلاتهم مقيماً في لبنان، لذا لم يستفد القطاع من وجودهم في لبنان. أما خلال ليلة رأس السنة، فإنّ نسبة الإشغال الفندقي في بيروت لم تتجاوز الـ50%، أما خارج بيروت فلم تتخطّ الـ30 في المئة. أما فقرا وفاريا ومناطق التزلج فهي الاستثناء، حيث لا يتخطى عدد الفنادق هناك العشرة بما يوازي نحو 500 غرفة، أما الشاليهات وهي بالمئات فكانت مستأجرة في غالبيتها. وفي المحصلة، تراوحت نسبة الاشغال في هذه المناطق بين 70 الى 100% إنما لمدة لا تتجاوز الـ3 ايام.
أما حالياً وبعد الاعياد عادت نسبة الحجوزات في الفنادق لتتدنى مع العلم ان هناك 2000 غرفة فندق في بيروت مغلقة بالكامل منذ انفجار مرفأ بيروت مثل اوتيل «فينيسيا» و«مونرو» و«فور سيزنز» و«لو غراي». ورغم هذا الاغلاق لم تنطبق مقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد» على بقية فنادق بيروت التي لم تنتعش بدورها. وأكد ان هناك عددا كبيرا من الفنادق داخل بيروت وخارجها اقفل الا ان اصحابها يفضّلون عدم الاعلان عن ذلك لتسهيل العودة الى الفتح إذا ما تحسّنت الظروف التي نمر بها.
أما عن الاسعار، فأشار الاشقر الى ان ليلة الإشغال الفندقي تدنت من 200 دولار الى 60 و70 دولارا، والامر مشابه لوضع المطاعم بحيث تدنت كلفة الوجبة على الشخص من 40 و50 دولارا الى 20 دولارا.
واعتبر ان مشكلة التراجع التي اصابت القطاع السياحي هي سياسية بحت ولا علاقة لها بكورونا اذ كيف يمكن التهجّم على السعوديين ودول الخليج وان نتوقّع في المقابل ان يأتوا الى لبنان للسياحة؟ وأكد ان بوادر التحسّن الوحيدة للقطاع تبدأ بعد المصالحة مع الخليج العربي، من دون ان ننسى ان غالبية الدول الاوروبية حذرت مواطنيها من المجيء الى لبنان، مثل المانيا وبريطانيا وفرنسا… وعليه، يمكن القول انه الى حين تحسن الاوضاع السياسية فإن السياحة الداخلية من المقيمين ستبقى الوحيدة التي يعول عليها لتحريك القطاع.
الاشغال الفندقي
وفقاً لتقرير أرنست أند يونغ حول أداء الفنادق ذات فئتَي الأربعة والخمسة نجوم في منطقة الشرق الأوسط، تراجع معدل إشغال الفنادق في مدينة بيروت بـ 1.9 نقطة مئويّة على صعيدٍ سنويّ إلى 35.3% خلال شهر تشرين الأوّل 2021. وقد انخفض متوسّط تعرفة الغرفة بنسبة 62.0% على أساسٍ سنويّ إلى 68 دولارا في شهر تشرين الأوّل، كما تراجع مستوى الإيرادات المحققة عن كلّ غرفةٍ متوافرة بنسبة 64 في المئة إلى 24 دولارا. ويمكن تعليل هذا التراجع بتسعير الغرف بالدولار الفريش مؤخّراً أي بحسب أرقام شهر تشرين الأوّل من العام 2021 مقارنةً بالتسعيرات السابقة والتي كانت محتسبة بالدولار المحلّي.
على صعيدٍ إقليميّ، سَجلت مدينة بيروت خامس أدنى متوسّط نسبة إشغالٍ فندقيّ (43.7%) بين العواصم التسع التي شملها التقرير خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2021 بحيث تصدرت أبو ظبي لائحة عواصم المنطقة لجهة معدل إشغال الفنادق من فئتَي الأربعة والخمسة نجوم، والذي بلغ 75.7%، تبعتها الدوحة 74.0% والرياض 55.3%، للذكر لا للحصر. في سياقٍ متّصل، تذيّلت مدينة بيروت لائحة العواصم في المنطقة في متوسّط تعرفة للغرفة الواحدة والذي بلغ 48 دولارا، مع العلم أنّ الكويت سجّلت أعلى متوسّط تعرفة للغرفة الواحدة في المنطقة والذي بلغ 228 دولارا، تلتها مدينة عمّان (135 دولارا) ومدينة الرياض 133 دولارا وغيرها.