قبل أن تخلو الطرقات من المارّة والحركة، كانت ممرات الفنادق وغرفها، على مدى سنوات، «تتأقلم» تباعاً مع «التباعد الاجتماعي» و«ابتعاد» النزلاء. لم يأت «كورونا» بجديد، إلا أنه عجّل في إشهار «وقائع موت معلن» في القطاع الفندقي، فيما ألقى إقفال فندق «البريستول» أخيراً ظلالاً قاتمة على المشهد مع خشية كثيرين من ملاقاة المصير نفسه.
6 أشهر كانت كفيلة بالقضاء على 70 سنة بقي فيها «البريستول» صامداً رغم الحروب المتتالية. «إيمان أصحاب الفندق ظل راسخاً بإمكانية نهوض لبنان وانتعاش السياحة فيه، ما دفعهم إلى إنفاق أكثر من 30 مليون دولار لترميمه وتحديثه بين عامي 2013 و2015، في عزّ معاناة القطاع التي بدأت عام 2011»، بحسب نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر. إلا أن «المنطق والعقل غلبا العاطفة والأمل بعدما تبيّن استحالة الاستمرار والصمود لأن الأشهر الستة الأخيرة كانت كارثية وأدّت إلى شلل القطاع تماماً». «البريستول» ليس الفندق الوحيد الذي أُغلق أخيراً. سبقه «الحبتور» و«غابريال» و«مونرو» و«رمادا» وغيرها. الفرق أن أصحاب «البريستول» أعلنوا الخبر، فيما فضّل آخرون التستر.
يكشف الأشقر أنه «من أصل 25 ألف غرفة في لبنان هناك اليوم 200 غرفة فقط مشغولة. في فينيسيا بين 3 و4 نزلاء، وحوالى خمسة في فور سيزنز، وهم من الزبائن الدائمين الذين يقطنون الفندق على مدار العام. أما في الفنادق التي أملكها وتعدّ 220 غرفة، فلديّ زبون واحد»! هذا الواقع فرض على الفنادق التي لا تزال تعمل خفض أعمالها إلى الحدّ الأدنى، «وبعض الفنادق أقفل مطابخه، وعلى نزلائه تدبّر أمور طعامهم بالاعتماد على الديليفري… وإلا مع السلامة»!
يعني ذلك، في شكل أساسي، تهديداً لمصير نحو 24 ألف موظف ثابت في القطاع، يضاف إليهم 12 – 15 ألف عامل موسمي. علماً أنه منذ 17 تشرين الأول الماضي، فإن غالبية الفنادق تدفع نصف راتب لموظفيها، وبعضها لا يدفع أكثر من ربع راتب.
المشكلة الفعليّة التي ترهق الفنادق ليست فقط انعدام الأعمال، بل تكمن أساساً في القروض المصرفيّة وفوائدها. ووفقاً للأشقر، «انخفضت مداخيل القطاع عام 2018 بنسبة 40% مقارنةً بعامي 2009 و 2010. وكان قسم من خسائرنا ممولاً من المصارف التي ارتفعت فوائدها على القروض بشكل خيالي بين 10% و18% حتى بات عملنا كله بين عامي 2017 و2019 بالكاد يغطي كلفة الفوائد. حالياً، خُفضت الفوائد على الودائع بالدولار إلى حدود 5% لكنها بقيت على القروض تتراوح بين 10% و12%، فيما نشاطنا متوقف بالكامل، وهذا ما دفعنا إلى التوقف عن السداد». وفي ما يتعلق بإمكانية جدولة الديون، لفت الأشقر الى أن «ما يهمنا هو أن نعرف متى سيكون استحقاق الدفع. فما نفع أن تؤجل الدفعات شهرين أو ثلاثة فيما القطاع لن يعاود العمل بشكل طبيعي قبل سنة على الأقل؟»، مشيراً الى أن «الدولة من جهتها غائبة عن السمع. الخطط والوعود كثيرة لكن ما من مبادرة جديّة وملموسة. أساساً ما هي إمكانات الدولة؟».