Site icon IMLebanon

الانهيار المؤسساتي نذير للدول المعنية بلبنان حماوة تواكب وساطة فابيوس مع طهران

لا تنفصل التطورات المتسارعة في الايام العشرة الاخيرة في لبنان عن تداعيات تطورات خارجية مرتقبة، وفق ما تتفق على ذلك مصادر سياسية من جانبي الاصطفاف السياسي، على رغم ان جذورالازمة الحالية سابقة لما حصل من توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست الكبرى. بل انه مع الاعلان عن الزيارة الاولى التي يعتزم القيام بها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لايران، مدشناً عهد انفتاح مع الجمهورية الايرانية بعد قطيعة سنوات عدة، وعلى جدول اعماله وفق ما ذكرت معلومات فرنسية فتح ملف الرئاسة اللبنانية وحض طهران على الافراج عن الانتخابات، تعاملت مصادر في 8 آذار مع التصعيد الداخلي وسريان معلومات عن احتمال اعلان رئيس الحكومة تمّام سلام استقالته كأنه بمثابة لي لذراع ايران ابان الزيارة الديبلوماسية الفرنسية. فمشهد الانهيار المؤسساتي في بيروت يشكل نذيرا خطيرا تقلق منه كل الدول المعنية بالوضع اللبناني ولا تريده ايران لاعتبارات تتعلق بحساباتها الخاصة وحماية “حزب الله” في عز انخراطه في الحرب السورية. ومن جهة اخرى يشكل الانهيار المؤسساتي الدستوري عاملا مؤثرا يمكن ان تضغط به بقوة الدول الغربية، وفي مقدمها فرنسا بالاصالة عن نفسها وبوكالتها عن الدول الاقليمية والغربية الاخرى على ايران التي يزورها فابيوس الاربعاء في 29 الحالي، أي على وقع تهديدات باستقالة الحكومة قد تكون حصلت أو على وشك الحصول بما يفرض حكما الموضوع اللبناني بتداعياته الخطيرة على جدول اعمال المباحثات وربما يخفض قيمة الاوراق التفاوضية في يد طهران باعتبار ان الوضع في ظل استقرار هش غيره على شفير انهيار وفوضى. وهو الامر الذي قد يحشر طهران اكثر في حال عدم وجود حكومة بغض النظر عن استعداداتها أو جهوزيتها للمساومة حول ملف الرئاسة اللبنانية، علما ان تكرار الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للمرة الثانية الدفع في اتجاه ان يفتح “تيار المستقبل” حواراً مع العماد ميشال عون حول آلية عمل الحكومة والتعيينات الامنية يؤشر الى ان موضوع الرئاسة لا يزال خارج رادار اهتمامات ايران اقله في المرحلة الحالية. اذ ان المنطق يقول بضرورة الحوار في اصل المشكلة أي انتخابات الرئاسة التي تفرع عنها خلاف حول آلية وضع جدول الاعمال واتخاذ القرارات في مجلس الوزراء في ظل استمرار الشغور الرئاسي. وكان الامين العام للحزب رمى بكرة الازمة في ملعب “تيار المستقبل” في 10 تموز أي قبل توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية وعاد فكرر المنطق نفسه قبل يومين في 25 تموز أي بعد توقيع الاتفاق وذلك في معرض رده على معلومات تحدثت عن تهديد الرئيس سلام بالاستقالة، الامر الذي يوجه رسالة عبر لبنان أيضاً بأن ايران غير جاهزة أو غير راغبة بتحريك الوضع اللبناني ابعد من الحدود التي يدور فيها الان، في الوقت الذي يسري في بعض الاوساط ان اندفاع الامور تحت وطأة الخلاف السياسي، بغض النظر عن المتسبب الحقيقي به في ظل تقاذف التهم والمسؤولية من بينها اتهام نصرالله لتيار المستقبل بدفع الامور الى الفراغ كما قال، سيفرض حكماً فتح ملف لبنان بسرعة تحت وطأة عدم امكان انتظار الامور فيه اكثر مما حصل حتى الآن.

ثمة عامل ضاغط آخر الى جانب عامل الدفع في اتجاه الفراغ المؤسساتي والدستوري وهو ما بات عليه مضمون المواقف الاخيرة التي يعلنها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والذي توّجها قبل ايام قليلة في مناسبة مؤتمر حول المسيحيين في الشرق بحضه “كل فريق سياسي وكتلة نيابية عندنا من اجل ان يعيّن مرشحه النهائي المقبول من الجميع لانتخابات الرئاسة…”، معتبرا انه بانتخاب رئيس تعود الحياة الطبيعية الى المؤسسات الدستورية. ويعد هذا الموقف تطوراً بالنسبة الى موقف الكنيسة من حيث خروجها الى ما يمكن اعتباره الخطة ب بعد اتهامها بمساهمتها في تكريس حصرية المرشحين الاساسيين الاربعة بعد تثبتها من ان سنة وثلاثة اشهر من المراوحة في المعطيات نفسها لن توصل الى ملء الشغور في موقع الرئاسة الاولى.

وبحسب المصادر نفسها فانه لا يمكن عزل مواقف البطريرك عن محاولته رفد الوساطة الديبلوماسية الفرنسية بورقة قوية تعبر عنها الكنيسة المارونية، بحيث تكون الوساطة الفرنسية مدعّمة بموقف المرجعية المسيحية الابرز من خارج الاصطفافات السياسية والانقسامات في شأن المرشحين على رغم ما ينسب من ضعف أو تراجع تأثير الكنيسة المارونية في الاستحقاق الرئاسي الابرز في لبنان، اذ لا يخفى ان موقع بكركي بالنسبة الى الخارج يظل مهماً في ظل الاعتبارات المعروفة عن انقسام المسيحيين في وقت تعول الكنيسة على وساطة غربية عموما وفرنسية أو فاتيكانية خصوصا من اجل التحدث مع ايران في ملف الرئاسة. ولذلك عدت الدعوة الى مرشح “يقبل به الجميع”، بما تعنيه في كلام البطريرك من ان المرشحين المطروحة اسماؤهم علناً غير مقبولين من الجميع، ومن غير الجدوى الاستمرار في المراوحة، بمثابة تزويد الوسطاء ما يحتاجونه لمهمتهم.