مع انتقال السخونة الامنية من عرسال الى رأس بعلبك، كان كلام اخر عن استشهاد المزيد من العسكريين ما يشير الى ان لبنان امام مرحلة جديدة من الفلتان، ليس لان الجيش يقف بالمرصاد للتكفيريين، بل لان جبهات شرق البقاع قد تحولت الى حرب مفتوحة من شأنها رفع وتيرة المواجهة تباعا بعدما فشلت عمليات ازاحة المسلحين الخوارج عن المنطقة المشار اليها، لان السوريين قد اقتنعوا بان من تركوهم في عمق حدودهم سيخلقون بلبلة منقطعة النظير في لبنان، لاسيما ان هناك بؤرا ارهابية مرشحة لان تتحرك ما سوف يزيد الطين الامني بلة؟!
تتحدث الاخبار منذ مدة طويلة عن ان مخيم عين الحلوة مرشح لان يشهد تطورات درامية نتيجة التسيب من جهة ونتيجة استقطابه الفارين من طرابلس وصيدا وبعض مناطق البقاع، من غير ان تنفع المساعي لتسليم هؤلاء، والا ما معنى مجيء عضو اللجنة المركزية في حركة «فتح» عزام الاحمد وجولاته على المسؤولين للايحاء بان المخيم غير قابل للانفجار، فيما تؤكد مجموعة معطيات ان الانفجار لا بد حاصل في وقت قريب!
ان الامور في مخيم عين الحلوة تقاس بالتوترات الحاصلة في غير مكان وزمان، وهي شبيهة الى حد بعيد بــ «تجميع الفارين من وجه العدالة» من دون ان يستوعب مسؤولونا ما هو مطلوب منهم قبل حصول الانفجار المرجح في وقت غير بعيد، لان الظروف الداخلية في المخيم تشجع المتناحرين في داخله على نقل صراعهم الى خارجه، حيث من المؤكد ان الامور قابلة لفلتان امني كبير كما سبق وحصل في مخيم البداوي الذي دمره الجيش بعدما عجز عن ضبط الاداء الفلسطيني داخله، لكن بعدما خسرت المؤسسة العسكرية العشرات من الضباط والرتباء والجنود، ليأتي من يتحدث بعد تلك المرحلة عن انتصار عسكري لا يقارن بالضريبة التي دفعها الجيش؟
ان موضوع عين الحلوة اخطر من كل ما عداه، مثله مثل الوضع في عرسال ورأس بعلبك، قياسا على ما يحصل هناك من اعمال حربية لا تجد من يعرف كيف يفسرها، حيث يفاجأ اللبنانيون دوريا بان الجيش قد خسر من ضباطه وعناصره من دون تحديد المقابل باستثناء القول ان الجيش يخوض معارك غير متكافئة مع التكفيريين الذين لا يزالون يحتجزون عددا من العناصر منذ شهور على رغم محاولات مقايضتهم بالسجناء والموقوفين الاسلاميين في سجن رومية.
اما بعد عرسال ورأس بعلبك لا بد من انتظار جبهة ثالثة قد تكون مخيم عين الحلوة. وعندها سيكون المجال متاحا امام القول ان من الواجب حسم المعارك هناك قبل ان تتطور الامور نحو الاسوأ، والمقصود هنا اشتعال المخيمات في بيروت وطرابلس وصور وبعلبك من غير ان يعرف احد كيف ولماذا، الا في حال تلازم القتال ضد الدولة التي لم تعد تعرف من هو ضدها ومن هو معها لكثرة الكلام على تأييد الجيش بما في ذلك دعوته الى حسم المعارك المعلقة!
واللافت في هذا الصدد ان السياسيين الذين يدعون الوقوف وراء الجيش يتناسون المطلوب منهم غير الكلام الذي لا يطعم خبزا بدليل انتشار المشاكل الامنية واستمرار الكلام على حوار من هنا وحوار من هناك، فيما الواقع يؤكد ان الجيش متروك لنصيبه من الفلتان حيث ان السلاح غير الشرعي منتشر في غير مكان، في الوقت الذي لم يعد حزب الله يعرف ماهو المطلوب منه وطنيا لاعادة ضبط الفلتان والتسيب في غير منطقة ومكان!
لقد سبق وحصلت مواجهات بين حزب الله والتكفيريين في منطقة رأس بعلبك – الامتداد الطبيعي لمدينة عرسال – من غير تحديد نتائجها باستثناء ما ادعاه الحزب من انه قضى على اوكار وعناصر متقدمة باتجاه مدينة بعلبك وحال دونها وما كانت بصدده من اعمال مخلة بالامن وبالسلامة الوطنية؟!
لكن بعد عملية القنيطرة التي اصابت حزب الله في الصميم واوقعت شهداء في صفوفه اصبح لزاما عليه ان يفكر بما يجب القيام به الى جانب وحدات الجيش المنتشرة على طول الحدود اللبنانية – السورية في البقاع الشرقي، قبل ان تتطور الامور باتجاه يستهدف مدينة بعلبك في ما يشبه الحرب الحقيقية، وهذا ما لا ينفع معه القول ان انتشار الحزب هناك يمنع انتشار جماعة داعش ومثلهم جماعة النصرة. وهذا الشيء مرجو قبل ان تتطور الامور باتجاه الاسوأ والادلة على ذلك واضحة المعالم؟!