ليس في نية رئيس الحكومة تمام سلام توجيه دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وذلك للأسبوع الثالث على التوالي.
السبب كما تعزوه مصادر قريبة من السرايا أن كل حركة الاتصالات والمشاورات التي اجراها رئيس الحكومة لم تؤد نتيجة إيجابية تخرق المشهد المأزوم.
فالصورة لا تزال على حالها والمراوحة متحكمة في المشهد السياسي المعطل، في ظل استمرار رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون على موقفه من مسألة رفض بحث اي بند على طاولة مجلس الوزراء قبل بت تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش.
وتؤكد المصادر ان رئيس الحكومة لن يخطو أي خطوة في اتجاه دعوة المجلس إلى الانعقاد قبل ان تنضج صيغة توافقية تؤمن حضور كل المكونات الحكومية، مفسحا في المجال امام مزيد من الاتصالات، لعلها، في ظل الاخطار الداهمة، تدفع القوى المعطلة إلى إعادة النظر في موقفها.
وبهذا المعنى، لفتت مصادر وزارية إلى أن حال المراوحة والتعطيل لن تطول كثيرا، عازية ذلك إلى أكثر من سبب.
في مقدم هذه الاسباب ان الوقت كفيل بزيادة ضغط الملفات المتراكمة والملحة والتي تحتاج الى معالجات وقرارات فورية من السلطة التنفيذية. ذلك ان تعطيل التشريع قد لا يكون ضرره مباشرا، ولكن تعطيل السلطة التنفيذية لا بد أن يترك مضاعفات خطيرة على سير الدولة ومؤسساتها. ومن بعض الملفات التي ستفرض نفسها على الحكومة الوضع المالي والحاجة الى إقرار إصدار للاوروبوند ودفع رواتب القطاع العام. كذلك هناك استحقاق انتهاء مهلة التمديد لمطمر الناعمة في 17 تموز المقبل بعدما فشلت الحكومة في تلزيم جمع النفايات، وهناك ايضا استحقاق تسريح رئيس الاركان في 7 آب المقبل، فضلا عن ازمة التصدير الزراعي التي ستبدأ خلال اسابيع قليلة بإلقاء ثقلها على القوى السياسية، إذ لا تمييز في هوية المزارعين والمصدرين!
ثاني الاسباب يرتبط بالاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية الضاغطة في ظل ما يحكى عن احتمالات ظهور حالات لجوء سورية جديدة مع تطور الاوضاع العسكرية في سوريا وعلى الحدود وفي مناطق المواجهات الدامية المحيطة ببلدة عرسال.
ولكن هل التصعيد العوني متعمد لإطاحة الحكومة، خصوصا أن في أوساط “حزب الله” من بدأ يطرح كلاما على أن الحكومة استنفدت صلاحيتها وبات ممكناً الاستغناء عنها؟ وهو ما تفسره أوساط سياسية في 8 آذار على انه المبرر لتصعيد الزعيم البرتقالي الذي يركن إلى موقف حليفه الداعم له.
ترفض المصادر الوزارية هذه المقاربة لمبررات التصعيد العوني، وتؤكد أن ساعة الحكومة لم تحن بعد، كما ان صلاحيتها لم تنته، والا لكنا شهدنا انقلابا على طريقة الانقلاب الذي أودى بحكومة الرئيس سعد الحريري قبل خمسة أعوام تقريبا.
فالحزب، في رأي هذه المصادر، “لم يقطع ورقة الحكومة بعد، رغم ان وقوفه الى جانب حليفه في موقفه من انعقاد جلسة لمجلس الوزراء يعزز هذا الانطباع. لكن الواقع ان الحزب لا يزال حريصاً على استمرار الحكومة نظراً إلى الوظيفة الاساسية التي تؤديها في توفير الغطاء الشرعي لوجوده في سوريا او في جرود عرسال، وهو ليس في وارد التخلي عن هذا الغطاء في المرحلة الراهنة المشوبة بالتحديات والاعباء.
وفي اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة بوزيري شؤون مجلس النواب محمد فنيش والخارجية والمغتربين جبران باسيل قبل أيام في السرايا للبحث في الوضع الحكومي، بدا من المحادثات أن لا تقدم تحقق وان المشكلة لا تزال قائمة، لكنه بدا ايضا من تمني الوزير فنيش أن “يرتاح الوزراء قليلا في رمضان” ان لا نية للتصعيد، خصوصا ان البيان الاسبوعي لـ”تكتل التغيير والاصلاح” الذي صادف بعد هذا اللقاء، دعا مجلس الوزراء الى الانعقاد.
وعليه، لا تستبعد المصادر أن يبادر رئيس الحكومة إلى دعوة الوزراء بعد جولة ثانية من المشاورات، إلى جلسة، ولكن ليس خلال الاسبوعين المقبلين على الاقل. ذلك ان الدعوة لن تأتي “على البارد” بل ستفرضها ظروف او ملفات تتطلب تحركاً استثنائياً، لكن أوانها لم يأت بعد ومعطياتها لم تنضج.