IMLebanon

ساعة الحساب الآتية

لعلّ أبشع الدعوات التي سمعها اللبنانيون قبل يومين هي دعوة الحكومة الى اتخاذ اجراءات لحماية عسكرييها، وكأن فيها اعترافاً ضمنياً بأن الجيش في خطر، وبأن البيئة المحيطة به في بعض المناطق لم تعد حاضنة له. والكلام المضاد كثير وفيه احتضان كبير. لكنّ المهمّ هو البحث عن الحقيقة، لا العمل لتجميل الواقع. فالجيش حامي الحمى، ومهمته الذود عن الوطن من كل اعدائه في الداخل والخارج، ولا يحتاج إلى غطاء سياسي، أو حكومي، للقيام بمهمته الدفاعية، ولا يحتاج إلى تبنّ من طائفة أو مذهب، أو مزايدة في اعلان حبه، والى الدفاع عن نفسه، وتالياً عن الوطن، عليه ان يطلق النار على كل معتد، ويردّ الصاع صاعين لقاتلي جنوده. الكلام على دعم الجيش لا يكفي، فالكل مجمع على توفير الدعم له، ولكن ليس بالشكل الكافي. الكل يريد ان ينفّذ الجيش خططاً أمنية في مناطق “الآخرين”، وعندما تبلغ الخطة “مربعات” أمنية أو سياسية، تتبدل اللهجة حياله. لا يعامل الجيش كحالة تطلب الرعاية والشفقة، لان هذا الشعور يفقده صدقيته وقدرته وجهوزه. قوته تنبع من داخله، بعيداً من السياسة، ومن انضباطه، ومن ادائه، ومن حياده، ومن التزامه الشأن الوطني، لا حسابات المناصب والمواقع.

في المقابل، سمعنا كلاماً إيجابياً من وزير الداخلية نهاد المشنوق في إحياء ذكرى اللواء الشهيد وسام الحسن السبت، أبرز ما فيه ان “ساعة الحساب آتية، وان التحقيق بات قاب قوسين من اكتشاف الجريمة”. وهذا الأمر ننتظره جميعاً منذ سنوات، منذ محاولة اغتيال النائب مروان حماده، قبل عشر سنين، وفيه أمل بالاقتصاص من مجرم ما، لم يقبض عليه حتى تاريخه. واذا كنا ننتظر بأمل كبير نتائج أعمال المحكمة الخاصة بلبنان، التي تأخرت وفق الحسابات اللبنانية وخضعت لتشكيك كبير ومتواصل، فإننا أيضاً نتطلع الى الاجهزة الامنية اللبنانية التي يجب أن تتوصل الى حقيقة ما، أو خيوط تقود الى معرفة هوية الجاني أقله، لئلا تتهم بالعجز أحياناً، وبالتواطؤ مع المجرمين أحياناً أخرى.

وجدية الأجهزة الأمنية في عملها تبدأ بتوقيف خاطفي اللبنانيين، وخصوصاً في البقاع. هؤلاء معروفون بالأسماء والعناوين، يصولون ويجولون، ويخطفون ويبتزّون الناس، ويفاوضون ويقبضون أموالاً، من غير أن تعمل الأجهزة الأمنية على القبض عليهم.

نعود الى ساحة الحساب الآتية، ونكررها مع الراحل غسان تويني، اننا نريدها لا لانتقام، انما لدفن الأحقاد، وهذه لا تدفن الا بالعدالة. فلا يمكن المجرمين ان يصولوا ويجولوا أمام ضحاياهم، ويمضوا الى جرائم جديدة من دون أي رادع. إن القبض على قاتلي اللواء الشهيد وسام الحسن، إذا تحقق، يفتح باب العدالة على مصراعيه، ويعيد الأمل في دولة ومؤسسات وأجهزة أمنية يتآكل رصيدها يوماً بعد آخر.