أزيحت الستارة عن الإنتخابات البلدية التي كشفت عن مفاجآت للكثير من القوى السياسية بنتائجها غير المتوقعة في أهمّ المدن والمناطق اللبنانية، خصوصاً تيار «المستقبل» في العاصمة بيروت على رغم فوزه، وعاصمة لبنان الثانية طرابلس حيث لم يحالفه الحظ أمام حليفه القديم، ومنافسه الجديد اللواء أشرف ريفي. هذه الإنتخابات برهَنت حتميّة إجراء الانتخابات النيابية بحيث تدرس اللجان المشترَكة إقرارَ قانون جديد، توازياً مع حركة ديبلوماسية خفيفة لتحريك الملف الرئاسي.
يؤكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري، لـ«الجمهورية»، أنّه «من حيث المبدأ، فإنّ مجرّد إجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية يشكل نجاحاً للديموقراطية والدستور وللقوانين المرعيّة، وفي الوقت نفسه، نجاحاً لمبدأ تداول السلطة، لذلك نهنّئ جميع الذين انتُخبوا هذا العام والذين عبّروا عن رأي الناس في هذه الانتخابات».
ويوضح: «إذا قوّمنا انتخابات بيروت، يمكن القول إنّ في انتخابات العام 2010 وصلت نسبة الاقتراع إلى 18،5 في المئة، أمّا نسبة الاقتراع هذا العام، فكانت 20،14 في المئة»، ملاحظاً أنّ «الأوّل في اللائحة التي دعمناها حظيَ هذه المرة بأقلّ من الإنتخابات السابقة، لكنّ الفارق أنّه عام 2010 كانت هناك لائحة واحدة مع بعض المستقلّين، بينما كانت هناك 5 لوائح انتخابية هذا العام في العاصمة».
ويشدّد على أنّه «على رغم ذلك، فإنّ الأوّل في اللائحة التي دعمناها تقدّم بفارق 17 ألف صوت عن اللائحة الأخرى»، مشيراً في المقابل إلى أنّ «هذا الأمر لا يُقلّل من أهمّية الرأي الآخر الذي ظهر في كُلّ اللوائح الأخرى».
ويعلن حوري «أنّنا في مرحلة تقويم دقيق لنتائج بيروت على مستوى الكتلة وتيار «المستقبل»، والبعض حاول التحفيف من بريق هذه النتيجة أو هذا النجاح، حتّى إنّ الرأيَ الآخر المُعبّر عنه تحديداً عبر لائحة «بيروت مدينتي» هو رأي نُقدرّه والرئيس سعد الحريري توجّه إليهم بالقول: أنتم رفعتم شعاراتٍ وعناوين تشبهنا وتُمثّلنا».
ويلفت حوري إلى أنّ «اللائحة التي دعمناها في الميناء فازت بغالبيّتها، أمّا في دائرة طرابلس، فكانت النتيجة ثلثين للّائحة التي دعمها اللواء أشرف ريفي والثلث للائحتنا»، مؤكّداً أنّ «ما حصل في طرابلس ظاهرة تستحق الدراسة والتقويم، وكثيرون ممَّن اقترعوا لريفي يحملون قناعاتنا».
ويضيف: «نكنّ كُلّ الاحترام للناخب الطرابلسي لكن يجب أن نكون موضوعيّين وندرس بتأنٍّ واحترام الرسالة التي وجّهها الناخب الطرابلسي إلينا، سواءٌ على مستوى التيار أو بقية المُكوّنات».
ويشير إلى «ظواهر شبابية في السنوات الأخيرة يجب أن نستمع لها ونقيّم أراءها ونتفاعل معها»، معتبراً أنّ «الحال ليست مأسوية في «المستقبل»، ففي الكثير من بلديات الشمال وبقية المناطق فزنا أو فاز بها قريبون لنا، ونعم نحن في مرحلةِ تقويمٍ واستخلاصِ عِبَر».
وفي ما يتعلق بصحة انقسام السُنّة بين الحريري وريفي وغيرهما من القيادات السُنّية، يشدّد حوري: «لست مع هذا التعبير ولا أعتقد أنّ الحريري كان إلغائياً أو احتكر القرار السنّي، والدليل أنه مدّ اليد إلى جميع القيادات السُنّية، باستثناء ريفي في طرابلس والدكتور أسامة سعد في صيدا، والقيادات في الطوائف الأخرى منذ عودته إلى لبنان».
ويؤكد أنّ «سياسة اليد الممدودة نجحت في كُلّ الاتجاهات. وشرح ريفي أنّنا لسنا في خصومة بل هناك اختلاف في وجهات النظر ونتفق على نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أهداه فوزه».
ورداً على دعوة ريفي الحريري للعودة إلى الجذور «14 آذار» وثوابتها، يكرّر حوري وجوبَ حصول «نقاش وتقويم، وكُنّا مع ريفي في تنافس ديموقراطي وليس في خصومة». وتوجّه بالسؤال إلى جمهور «المستقبل»: «هل المطلوب أن نتقوقع وأن نكون في انعزال عن الآخرين ونعلن الحروب ضدّ الجميع. لا أعتقد أنّ هذا ما تريدونه»، لافتاً إلى أنّ «جمهورنا يلومنا على بعض المواقف، وسنتابع السلبيات ونعالجها».
من جهة أخرى، يؤكد حوري «أنّنا لم نرفض إجراءَ الانتخابات النيابية أو تأجيلها، بل المجلس النيابي في غالبيته الساحقة أجّل الانتخابات مرتين لأسباب أمنية أوّلاً ثمّ في انتظار إقرار قانون الانتخاب»، لافتاً إلى أنّ «كلّ الأحزاب والتيارات السياسية في البلد تُعاني من أزمة، وهناك تراجع لدى الجميع بنسب متفاوتة».
ويوضح أنّ «إعتراضنا على النسبية الكاملة هو بسبب قوى الأمر الواقع، وعندما يُزال السلاح غير الشرعي المتمثل بـ«حزب الله» والذي يُصادر الرأي الآخر، نقبل بالنسبية في لبنان».
أما رئاسياً، فيشدّد حوري على أنّهم «لا يزالون يدعمون ترشيح النائب سليمان فرنجية، والواضح أنّ الفريق الآخر يدعم النائب ميشال عون، والمشكلة تكمن في مصادرة إيران إقليمياً لانتخابات الرئاسة في لبنان عبر «حزب الله» وحليفه عون»، مضيفاً: «بمعنى آخر، لدى إيران تعقيدات في سوريا والعراق واليمن وتحاول مصادرة هذه الورقة»، مشيراً إلى أنّ «زيارة الحريري إلى باريس والكويت تشكل استمراراً لنهج الشهيد عبر التواصل لدعم قضايا لبنان».
ويلفت حوري إلى أنّ «حوارنا مع الحزب هو لمحاولة «لبننة» الاستحقاق الرئاسي وإقناعه بأنّ انتخاب رئيس هو لمصلحة الجميع».