IMLebanon

بيت بمنازل كثيرة

١٤ آذار، بيت بمنازل كثيرة، منزل المجلس الوطني الذي احتفل باستحداثه بالأمس، ومنزل ثورة الأرز الذي احتفل به حزب الكتائب طلابياً، ومنزل التيار الوطني الحر، الذي أقام لسنويته العاشرة عشاء رئاسيا للعماد ميشال عون، مصحوبا بزفة غنائية.

الاحتفال المركزي ل ١٤ آذار ذلك الذي شهدته بيال، وهو كان بالأمس غيره في السنوات السابقة، خاصة على مستوى الحشد والحضور القيادي، إلاّ أن الارادة كانت متوفرة، وان بحماسة أقلّ، وهذا ما تطلب الوثبة الجديدة المتمثلة بالمجلس الوطني الذي ان اعترض عليه بعض أهل البيت، فعلى توقيته المتأخر، وليس على لزوميته من الأساس.

وثيقة المجلس الجديد لم تختلف عن سابقاتها، فالثوابت الوطنية عينها والتطلعات المستقبلية طبق الأصل، أما الجديد الجدّي، فتلك الحملة المباشرة على الارهاب، التي تضمنتها كلمة الرئيس فؤاد السنيورة، وتسميته النظام السوري والطروحات الامبراطورية الايرانية، وحزب الله، متجاوزاً الحوار الدائر بين المستقبل والحزب، مما أزعج بعض أطراف الثامن من آذار، لعدم تناوله الارهاب التكفيري ومن لفّ لفّه…

الرئيس السنيورة وصف المجلس الوطني بالدينامية الجديدة الهادفة الى الحدّ من العنف، وبعض المتحفظين من مكونات ١٤ آذار، يرون ان ما كان ممكناً بعد العام ٢٠٠٥ مباشرة، لم يعد ممكناً الآن، بسبب اختلاف الظروف الاقليمية والمعطيات الداخلية، لكن ثمة من يعتقد من المراهنين على المجلس الوطني الجديد، بأن الدأب والصبر والاصرار تصل بصاحبها الى أي مكان، فالماء مع رقّته، يقطع الحجر رغم صلابته…

بعض الحلفاء الحذرين، كان يفضّل ان يسمع مراجعة ذاتية للصحّ والخطأ، ويرى ان الاكثار من المؤسسات الاضافية تقلّل الفعالية، لكن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حثّ على وقف النواح، معتبراً ان البكاء على الأطلال تدمير ذاتي.

من جهته حزب الكتائب احتفل بالمناسبة، كثورة أرز متميّزاً عن الحلفاء، الرئيس أمين الجميّل طرح شعار شعب الشهادة ينادي من أجل السيادة. والنائب سامي الجميّل، استجمع طلاب ثورة الأرز الذين جاء هذا اليوم بفعل تضحياتهم… يوم شكّلوا الصوت الصارخ بوجه الجيش السوري.

أما العماد عون، فقد كانت له ١٤ آذاره الخاصة، فالتيار الوطني الحر كان جزءاً من حزمة ١٤ آذار الى جانب الأحزاب والتيارات والقوى التي هبّت ضاغطة من أجل الانسحاب العسكري السوري من لبنان وشارك في التظاهرة المليونية، لكنه عاد وابتعد باتجاه الثامن من آذار، عندما اكتشف بأنه أخرج من مولد التحالف الرباعي بلا حمص…

واذا كان الحد من العنف جوهر مهمات المجلس الوطني ل ١٤ آذار، بحسب الوثيقة التي تلاها الرئيس السنيورة، فان رئاسة الجمهورية كانت ديدبان احتفال التيار الوطني الحر في هذه المناسبة، فخطاب العماد عون تضمن رسائل عدة في هذا السياق أبرزها بقوله: لا دوحة بعد اليوم، وان هذه الغلطة لن تتكرر…

والمعنى واضح، انه يعتبر انتخاب الرئيس ميشال سليمان غلطة، لن يكررها بانتخاب من هو في منزلته، مهما كانت الظروف…

هنا لا تبدو العقبة عند الدكتور سمير جعجع، الذي دعاه احد نواب التغيير والاصلاح الى الافساح بالمجال امام العماد عون للوصول الى الحكم، بل كأن المشكلة عند العماد جان قهوجي قائد الجيش، الذي اعتبره اهالي العسكريين الشهداء المعتصمين في ساحتهم أمس، الكابح لخطر الارهاب على اختلاف مصادره…

ومن هنا اشاعت بعض الاوساط الطموحة، بأن طريق بعبدا تمر في سلسلة جبال لبنان الشرقية، قياساً على الاشتباه بمرورها في النهر البارد عام ٢٠٠٨!..

لكن الاوساط المتابعة، تضع مثل هذه الاقوال في خانة الحرتقات الداخلية، ليقينها بأن رئاسة لبنان مربوطة بوتد خيمة المفاوضات النووية الأميركية – الايرانية، وان رئيس الجمهورية العتيد سيكون من ١١ آذار كما يقول أحد المفكرين العائدين من جولة اقليمية، اي وسطياً، لا من ٨ ولا من ١٤ آذار.

أما توقيت الانتخاب، فانه رهينة تلك المفاوضات المفتوحة على الزمن، فطهران التي أمسكت بتلابيب تشكيل حكومة تمام سلام، لا ترى مبرراً للتخلي عن ورقة الرئاسة اللبنانية الان، كما لا ترى من يضغط عليها في هذا السبيل، طالما ان الاستقرار النسبي المطلوب دولياً، مؤمن وفي حرز حريز، وان القوى المحلية مثل البرغي المملص، يتعذر بها الشد…