عندما يصرّح «علي شيرازي» ممثل مرشد إيران «علي الخامنئي»، أنّ «جماعة الحوثي «أنصار الله» في اليمن هي نسخة مشابهة من حزب الله في لبنان، وستدخل هذه المجموعة الساحة لمواجهة أعداء الإسلام»، فعلى هذا الكلام أن يُوقظ اللبنانيين، والذين ما يزالون يفترضون في حزب الله «لبنانيّة» ما، قبل أن يُوقظ دول الخليج التي يتهدّدها الخطر، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية المعنيّة أوّلاً وأخيراً بتهديد كلام ممثّل المرشد، خصوصاً وأنّ كلمة «أعداء الإسلام» فضفاضة جداً، وتُخفي «تقيّة» إيرانيّة مدروسة ومعروفة.
وقبل الحديث عن خطورة تشبيه الشيرازي، وهنا لا بدّ من الإشارة بأن الجبهة البحرية لليمن تمتد على مسافة قدرها 2500 كم2، وفي بلد تبلغ مساحته 527,970 كم2، وبحسبة معروفة يقابل كل كيلو متر من المساحة يقابله 182.2 كم2، وبتموقع اليمن الجغرافي بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، وإشرافه على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي عن طريق خليج عدن، ومع ملاحظة أن حدود اليمن الشمالية مع المملكة العربيّة السعودية يبلغ طول الشريط الحدودي فيها بين البلدين 1,458 كم2، هذه الأرقام تجعل القارئ يُدرك حجم الخطر الإيراني بقناعه «الحوثي» الذي يتهدّد المملكة، أكثر من أي خطرٍ تهدّدها منذ تاريخ نشأتها، فماذا هي فاعلة، هذا أمرٌ سيتضح في مقبل الأيام.
وبالعودة إلى خطورة كلام الشيرازي على المستوى اللبناني، قد يكون الصدق مع القارئ هو أقصر الطرق للتدليل على هذه الخطورة، وهذه التنبيهات على خطورة حزب الله ودوره على لبنان وشعبه، بصرف النّظر عن «المعادلات الخشبيّة» التي يطلقها، سبق وكتبنا عنها مجملاً وتفصيلاً في هذا الهامش، وسنبقى ننبه منها حتى يستيقظ الغافلون من أصحاب العقد والحلّ في هذا البلد المريض بداء التكاذب والنفاق، لأنّ حزب الله يتحدّث بـ»السياسة» من باب «التقيّة» و»المخادعة» لأنّ لغته الأصلية «العقائديّة» التي تفرزها «هلوسات» إيران «المهدويّة»، وللأسف ما زال الجميع في لبنان والعالم يتعاملون مع إيران بمنطق السياسة، فيما هي تبني كل سياستها على «العقائديّة المهدويّة»!!
ويعتقد جماعة «الحوثي» ما يعتقده «حزب الله»، كلاهما كما اعتبرت «كيهان» صحيفة المرشد الإيراني، أنّ «انتصار جماعة الحوثيين في صنعاء ورفعهم صور مؤسس الجمهورية الإيرانية، آية الله الخميني، والمرشد علي خامنئي بمثابة انتصار وامتداد طبيعي للثورة الإيرانية ومبادئها»، واختصار إيران هذه وامتداداتها من لبنان إلى اليمن قد يختصرها ما قاله قبل بضعة أشهر «أحمد جنتي» أمين مجلس صيانة الدستور الإيراني، الذي أعلن وخلال اجتماع حكومي أنه: «تم التمهيد لظهور المهدي المنتظر ويجب أن نستعد للامتثال إلى أوامره (…) من أراد أن يكتشف مدى طاعته للإمام (المهدي) عندما يخرج فليكتشف الآن مدى طاعته لنائب الإمام [الوليّ الفقية، علي الخامنئي] الذي أُمرنا بطاعته، فإن المقياس في مرحلة الغيبة هو الطاعة لولي الأمر»، وخلاصة التنظير لطاعة «الوليّ الفقيه» نقع عليه في تفسير أمين عام حزب الله حسن نصرالله بقوله: «نحن ملزمون باتّباع الولي الفقيه، ولا يجوز مخالفته. فولاية الفقيه كولاية النبيّ والإمام المعصوم واجبة. والذي يردّ على الوليّ الفقيه حكمه فإنه يردّ على الله وعلى أهل البيت» [مجلة العهد العدد 148 الصادرة في 24 نيسان 1987]، فهل هناك أدنى شكّ بعد كلام الشيرازي بأن حزب الله «كيان إيرانيّ» موجود في لبنان بأدوات تدّعي أنها لبنانيّة، وإذا ما وُجِهت بحقيقتها قالت إذا أعيتها الحجّة: «احترموا عقيدتنا»، أليْس هذا ما قاله مرة حسن نصر الله أمين عام الحزب عندما بدأ بعض الإعلام اللبناني ينشر مقتطفات من كتاب علي الكوراني «عصر الظهور» والتحذير والتوعية من مخططات حزب الله للبنان؟!
ليس حزباً، الوهم الكبير الذي يعيش اللبنانيون في ظلّه، هو هم أنّ «حزب الله»، «مقاومة» أو «ذراع عسكري لإيران في لبنان»، فيما هو الواقع ومنذ البداية كان احتلالاً إيرانياً باطنياً للبنان، وقد تضخم اليوم وانتهى إلى كونه احتلال إيرانيّ أيضاً لسوريا، وهنا لا بدّ من تذكير أصحاب الذاكرة الضعيفة بذاك الخطاب لنصر الله الذي تحدّث فيه عن صواريخ حزبه التي ستبلغ البحر الأحمر، الآن بات هذا التهديد حقيقة واقعة مع مشارفة إيران على القبض على باب المندب عبر مجموعة «الحوثي»، هذا احتلالٌ إيرانيّ منظّم للمنطقة العربيّة في الشرق الأوسط وفي الخليج العربي!!
المنطقة اليوم، في لحظة مواجهة حاسمة وفي مخاض عسير على أرض لبنان وسورية و»الشام» بكلّ رمزيتها التاريخيّة في مواجهة «الكوفة» ـ أو فارس التي اتخذت في زمننا اسم إيران ـ هي لحظة تتواجه فيها «أمّتان»؛ «أمة إيران» و»الأمّة العربية والإسلاميّة»، فهل يُدرك اللبنانيون أنّ «أمّة إيران» هذه تحتل لبنان وحكومته وقراره وقراه من الجنوب إلى البقاع وتتخذ من الطائفة الشيعيّة رهائن ودروعاً بشرياً لهذا الامتداد الإيراني الأخطبوطي في المنطقة، انطلاقاً من لبنان و»نموذج» رديء اسمه حزب الله؟!