IMLebanon

كيف يثأر حزب الله

الآن، تحديدا الآن، كم هي المسافة بين الشرق الاوسط و…الانفجار؟!

المستغرب ان نسأل «كيف ومتى يثأر»حزب الله» لغارة القنيطرة؟». حتما الحزب لا يفكر قبليا، ولا يولي البروباغندا اي اهتمام في هذه الاوقات الفاصلة. ثمة صراع استراتيجي، شاء الغرب، وشاء العرب، وشاء الاتراك، وشاء الاسرائيليون ان يكون مسرحه سوريا دون اي اعتبار لما تعنيه سوريا، بنيويا وعضويا، للمحور الآخر الذي قال منذ البداية باستحالة سقوط دمشق في قبضة انقرة او في قبضة اورشليم…

الذي حدث في القنيطرة مظهر من مظاهر الصراع.كتبنا في مقالة سابقة ان الحزب لم يذهب الى الجولان من قبيل الفانتازيا او من قبيل الاثارة الاعلامية. ذهب الى هناك لمواجهة خطة اسرائيلية تتعلق بسوريا، ويسعى اللوبي اليهودي (ايباك) لتحقيقها، قبل ان يبرم الرئيس باراك اوباما الاتفاق النووي مع طهران بانعكاساته على المعادلات، او التوازنات، الجيوسياسية في المنطقة..

المسألة لم تعد تتعلق باغتيال سوريا، وانما باغتيال الشرق الاوسط برمته، دون اغفال الكلام الديبلوماسي حول قلق ما، تركي وعربي واسرائيلي، من ان تكون المبادرة الروسية جدية، وان يكون هناك اتفاق تحت الطاولة بين واشنطن وموسكو بعدما بدا ان الامور تذهب الى ابعد بكثير مما تم التخطيط له في البداية…

المعلقون اليمينيون في الولايات المتحدة مازالوا يأتون بالحطب ويلقون به في الحلبة السورية. نصغي اكثر الى ريتشارد هاس الذي يرى انه كان يفترض اعادة النظر في مقاربة الوضع السوري منذ السنة الاولى لبقاء نظام بشار الاسد، وبعدما اخفقت كل اجهزة الاستخبارات، بما فيها الاجهزة الاميركية، وكل الاموال الاسطورية التي انفقت، وكل التعبئة المذهبية، في تنفيذ عملية انقلاب او عملية اغتيال تقلب المشهد السوري رأسا على عقب…

نتصور ان «حزب الله» يثأر هكذا، مع ان كلمة الثأر ليست واقعية، وقد لا تكون منطقية اذا ما اخذنا بالاعتبار بنية الصراع ومداه. يثأر بالقول للاسرائيليين انه مثلما رسم خطا احمر في لبنان، من خلال ترسانته الصاروخية الهائلة، بالاحرى من خلال ترسانته البشرية الهائلة، سيمنع حكومة بنيامين نتنياهو من ان ترسم خطا احمر في سوريا…

الذين استشهدوا في القنيطرة انما ذهبوا الى هناك ليرسموا امام اسرائيل الخط الاحمر بعدما تجاوز دورها في سوريا، وبالتنسيق مع جهات عربية، كل الحدود، ودون ان يعني ما حدث الاحد الماضي الانكفاء او التراجع امام الدور الاسرائيلي.

من لا يدرك في هذه اللحظة، وحيث كل الاحتمالات تدق الابواب، ان مصير لبنان مرتبط بمصير سوريا، كما ان مصير سوريا مرتبط بمصير لبنان. الذين خططوا او الذين تورطوا في اللعبة السورية لم تكن غايتهم وضع سوريا وحدها في السلة، بل ووضع لبنان والعراق، وبعدما تعهد معارضون سوريون بارزون بابرام معاهدة سلام مع تل ابيب، فيما كانت الفضائح تتوالى حول اللقاءات التي عقدت في باريس من اجل وضع الخطوط العريضة للمعاهدة…

نذكرّ فقط بأن برنار-هنري ليفي الذي اضطلع بدور مكوكي (وفلسفي) في تلك اللقاءات، اشتكى لاعلامي عربي في باريس من ان العرب اغووه بالادمان على القهوة، فكان سؤال الاعلامي ما اذا كانوا قد اغووه بالاركيلة ايضا. من لا يعرف ما هي علاقة الفيلسوف الفرنسي بهيكل سليمان؟

البعض في الغرب يقول ان ثمة من يدفع الامور نحو حافة الهاوية. هناك تغدو التسوية ممكنة ومتوازنة. الكل يستشعرون الانفجار، وما ادراك ما هو الانفجار، حين لم تعد المشاركة الايرانية عن بعد، لا بل ان طهران انخرطت ميدانيا في الصراع. هل من سبيل اخر لتجنب الاهوال سوى الاقرار بأن تقويض النظام في سوريا مستحيل. المستحيل اكثر تفكيك محور موسكو – طهران -دمشق – «حزب الله»…

الاسرائيليون ضد اي تسوية في سوريا. الاتراك ماضون في اللعب على كل الحبال. العرب لم يغادروا عباءاتهم وينظروا كيف تتدهور المنطقة ويتدهورون معها، فمن تراه يتصور ان حرب النفط لن تأتي بنتائج عكسية وخطيرة بعدما وصلت الى العظم؟

لا ندري ما كانت وصية عماد مغنية لجهاد مغنية، لكننا نعلم ان رفقة التراب اكثر من ان تكون مقدسة حين تكون المواجهة مع من وصفهم باروخ سبينوزا، وهو اليهودي، بـ«قتلة الدهر». ثمة من يعيد الى الدهر القه، الى الحياة القها. الى الارض ايضا القها!

قال لنا مسؤول كبير في «حزب الله»: غير مسموح تعديل قواعد الاشتباك. ليفهم من يفهم…