ما دام معطّلو الانتخابات الرئاسية لا يرون في الفراغ خطرا على البلاد انما في انتخاب رئيس ضعيف. ولا يرون ايضا ان الوضع الاقتصادي في البلاد يقترب من الكارثة كما يقول اهله، فان نداء الهيئات الاقتصادية والعمالية والنقابية الذي صدر عن لقائها في “البيال”، قد لا يكون له تأثير على هؤلاء مثله مثل نداءات اخرى صدرت عن مراجع دولية وسياسية ودينية. فكيف يمكن الاتفاق على معالجة مشكلة ما دام الفريق الآخر لا يعترف بوجودها؟
الواقع ان اي انتصار لا يستطيع الشعب تحقيقه بالوسائل السلمية والديموقراطية الا اذا كان موقفه واحداً. فنداء بكركي الشهير عام 2000 بدعوة القوات السورية الى الانسحاب من لبنان لم يستطع فريق لبناني واحد اجتمع في لقاء قرنة شهوان تحقيقه الا بعد انضمام الفريق الآخر اليه في البريستول.
و”الثورة البيضاء” التي اطاحت عهد الرئيس بشارة الخوري ما كانت لتنجح لو لم يشارك فيها المسيحيون والمسلمون وبأكثرية ساحقة. ولم يكن في امكان ما عرف بـ”ثورة الارز” ان تطيح حكم الرئيس اميل لحود عند اخراج القوات السورية من لبنان لأن فريقاً آخر رفض ذلك لا بل ابدى استعداده للتصدي. ولا الشعب اللبناني كان في استطاعته التخلص من الانتداب الفرنسي ونيل الاستقلال لو لم يشارك المسيحي والمسلم في طلب ذلك. وهذا يؤكد ان لا انتخاب لرئيس للجمهورية ما دام في لبنان فريق يعطّل هذا الانتخاب لاسباب شتى. واذا صار الرد عليه في الشارع فان الفريق الآخر يرد عليه بالمثل فيزداد الخراب خراباً. واذا كان معطّلو الانتخابات الرئاسية لا تؤثر فيهم النداءات بما فيها نداء الهيئات الاقتصادية والنقابية والعمالية. وقد شكّل لقاء هذه الهيئات استفتاء يؤيد انتخاب رئيس للجمهورية، بأسرع وقت، فهل يأخذ المعطلون باقتراح البطريرك الراعي، وهو اقتراح طبيعي ودستوري كان ينبغي العمل به ضمن المهلة الدستورية وليس بعد اكثر من سنة على الشغور وذلك بأن تعلن 8 آذار رسميا مرشحها للرئاسة الاولى وان تفعل 14 آذار الشيء نفسه كي يقترع النواب لاحدهما ومن يفوز بالاكثرية النيابية المطلوبة يعلن فوزه.
لكن السؤال المطروح: هل المطلوب حصر الترشيح بمرشحين اثنين فقط يسميهما 8 و14 آذار ولا يحق لسواهما ذلك؟ وماذا لو ان ايا منهما لم ينل اصوات الاكثرية النيابية المطلوبة؟ هل يستمران في الترشح فتعود عملية الاقتراع لتدور في كل جلسة في حلقة مفرغة ومن دون نتيجة؟ وهل يصير اتفاق على مرشح ثالث؟
ان العودة الى الدستور هي الحل. وكل حل آخر لن يكون دستوريا الا بعد ا دخال تعديل عليه يجيز بدعة الاستفتاء او استطلاع الرأي لان النتائج لا تلزم مجلس النواب. ولان انتخاب الرئيس يتم بالاقتراع السري وليس برفع الايدي. ان معطلي الانتخابات الرئاسية اذا عادوا الى رشدهم واستيقظ فيهم ضميرهم الغائب. ما عليهم سوى النزول الى مجلس النواب لانتخاب مرشحين معلنين وغير معلنين. وهو ما كان يحصل في كل انتخاب ولم يكن النواب يشترطون معرفة نتيجة الانتخاب قبل حصوله والا عطلوا الجلسة. فالرئيس سليمان فرنجيه ما كان ليفوز بصوت واحد على منافسه الرئيس الياس سركيس لو ان كــل نائب اشترط معرفة النتيجـــة قبل الانتخــــاب والا عطّل النصاب.
ويتساءل الناس القلقون من استمرار الشغور الرئاسي: هل يكون لكل هذا الحراك الداخلي والخارجي نتيجة تفضي الى انتخاب رئيس مطلع الصيف كي يكون لهذا الانتخاب انعكاس ايجابي على حركة الاصطياف فيحرك عجلة الدولة ويفعِّل عمل كل مؤسساتها؟
في معلومات لمصدر ديبلوماسي ان القوى السياسية الاساسية في لبنان اذا لم تتوصل الى اتفاق على انتخاب رئيس يكون من صنعها فانه سيكون حتما من صنع الخارج. وهذا قد لا يتحقق الا اواخر الصيف وليس بمجرد الاتفاق على الملف النووي الايراني”. لان هذا الاتفاق سيحتاج الى تسويق، خصوصا لدى السعودية ودول الخليج، والى إزالة كل الهواجس وجعل ايران دولة من دول حسن الجوار في المنطقة ونقطة انطلاق لتحقيق سلام شامل ودائم فيها. ولن يتحقق ذلك الا اذا شمل هذا السلام اسرائيل بالتوصل الى حل القضية الفلسطينية حلا عادلاً، فهل يكون شهر ايلول هو الموعد؟