من بين كل التهديدات الماثلة للأمن والسلام في العالم٬ يعتبر الانتشار والاستخدام المحتمل للأسلحة النووية٬ هما أخطرها على الإطلاق. وذلك هو السبب في أنني٬ قبل سبع سنوات في مدينة براغ٬ أعلنت عن التزام الولايات المتحدة وقف انتشار الأسلحة النووية٬ والسعي وراء عالم خال من هذه الأسلحة وتهديداتها.
وتنبني رؤيتي هذه على سياسات رؤساء الولايات المتحدة السابقين٬ سواء أكانوا من الديمقراطيين أم الجمهوريين٬ ومن بينهم الرئيس الراحل رونالد ريغان٬ الذي قال: «إننا نسعى لإزالة الأسلحة النووية بالكامل٬ من على وجه الأرض».
في واشنطن أكثر من 50 زعيما من زعماء العالم لحضور قمة الأمن النووي الرابعة٬ من أجل دفع الركيزة الأساسية لجدول أعمال براغ وهو الحيلولة دون حصول الإرهابيين على الأسلحة النووية واستخدامها. سوف نعمل على استعراض التقدم الذي أحرزناه حتى الآن٬ ونجاحنا في تخليص أكثر من 12 دولة من اليورانيوم عالي التخصيب ومن البلوتونيوم. ولسوف تتعهد الدول المجتمعة٬ بما في ذلك الولايات المتحدة٬ بالتزامات جديدة٬ ولسوف نواصل تعزيز المعاهدات والمؤسسات الدولية التي تدعم الأمن النووي حول العالم.
وباعتبار التهديد المستمر الذي تشكله المنظمات الإرهابية مثل تنظيم داعش٬ فسوف نشارك حلفاءنا وشركاءنا كذلك في استعراض جهود مكافحة الإرهاب لدينا٬ من أجل الحيلولة دون حصول أكثر الشبكات الإرهابية في العالم على أكثر الأسلحة خطورة في العالم.
لقد حققنا تقدما مهما ومؤثرا في اتجاه تحقيق الرؤية الموسعة التي أشرت إليها في براغ.
أولا: نحن نتخذ خطوات ملموسة وراسخة نحو عالم خال من الأسلحة النووية. ولا تزال الولايات المتحدة وروسيا على نفس الطريق للوفاء بالتزامات معاهدة ) start)الجديدة٬ بغية أن نصل بعدد الرؤوس النووية الحربية الأميركية والروسية٬ المنتشرة حول العالم بحلول عام ٬2018 لأدنى حّد ممكن لها منذ فترة الخمسينات من القرن الماضي. وحتى مع محافظة الولايات المتحدة على ترسانة نووية آمنة وفعالة٬ بهدف ردع أي عدو٬ وضمان أمن وسلامة حلفائنا٬ فلقد قررت تخفيض عدد ودور الأسلحة النووية في إستراتيجية أمننا القومي. أيضا٬ قررت استبعاد أية جهود لتطوير الرؤوس الحربية النووية الجديدة٬ وضّيقت مجال حالات الطوارئ التي يمكن للولايات المتحدة وفقا لها استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية من أي وقت مضى.
ثانيا: إننا نعمل على تعزيز النظام العالمي – بما في ذلك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية – والتي تقضي بحظر انتشار الأسلحة النووية. ولقد حققنا نجاحا كبيرا في توحيد جهود المجتمع الدولي ضد انتشار الأسلحة النووية٬ ولا سيما في إيران. فمن شأن إيران المسلحة نوويا أن تشكل تهديدا غير مقبول لأمن الولايات المتحدة القومي٬ وكذلك أمن حلفائنا وشركائنا حول العالم. وكانت لتشعل سباق تسلح نووي في قلب منطقة الشرق الأوسط٬ وتبدأ في تقويض نظام حظر الانتشار النووي على مستوى العالم.
بعد رفض إيران المبدئي للحلول الدبلوماسية٬ عمدت الولايات المتحدة إلى حشد المجتمع الدولي لفرض العقوبات الاقتصادية على إيران٬ مما يدل على أن الدول التي تفشل في الوفاء بالتزاماتها النووية٬ سوف تواجه العواقب الدولية على ذلك لا محالة. وبعد مفاوضات مكثفة٬ وافقت إيران على الاتفاق النووي والذي يغلق أمامها كافة السبل المفتوحة للحصول على الأسلحة النووية٬ وتخضع إيران الآن لأكثر نظم التفتيش النووي شمولا٬ جرى التفاوض بشأنه من أي وقت مضى٬ لمراقبة برنامجها النووي. وبعبارة أخرى٬ بموجب هذا الاتفاق٬ تمّكن العالم من منع دولة أخرى من الحصول على وبناء القنبلة النووية. ولسوف نظل متيقظين لضمان التزام إيران بتعهداتها حيال ذلك الأمر.
ثالثا: إننا نسعى إلى وضع إطار جديد للتعاون النووي المدني حتى يتسنى للدول التي تلتزم بمسؤولياتها الوصول إلى الطاقة النووية السلمية. ويجري في الوقت الراهن إنشاء بنك الوقود الدولي٬ الذي دعوت إلى إنشائه قبل سبع سنوات في كازاخستان. ومن خلال البنك الجديد٬ سوف تكون الدول قادرة على تحقيق مستويات الطاقة التي تسعى إليها من دون الحاجة إلى تخصيب اليورانيوم٬ والذي يمكن أن يتعرض لخطر التحويل أو السرقة.
وعلى الرغم من تقدمنا المتحقق٬ فإنني أول من يعترف بأنه لا يزال أمامنا الكثير من الأعمال غير المكتملة. بالنظر إلى انتهاكاتها لمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى٬ فإننا لا نزال ندعو روسيا إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب المعاهدة. إلى جانب قيادتنا العسكرية٬ فإنني ما زلت اعتقد أن ترسانتنا النووية منذ حقبة الحرب الباردة٬ هي غير متوافقة مع التهديدات التي نشهدها اليوم. كما ينبغي على الولايات المتحدة وروسيا – اللتاين تمتلكان معا أكثر من 90 في المائة من الأسلحة النووية في العالم – التفاوض بشأن تخفيض المخزون النووي بشكل أكبر.
يتعّين على المجتمع الدولي أن يبقى موحدا في مواجهة الاستفزازات المتواصلة من جانب كوريا الشمالية٬ بما في ذلك الاختبار النووي الأخير وعمليات إطلاق الصواريخ الباليستية. والعقوبات الإضافية المفروضة مؤخرا على بيونغ يانغ٬ من قبل مجلس الأمن الدولي٬ تظهر أن لتلك الانتهاكات عواقبها الحتمية. وسوف تواصل الولايات المتحدة عملها مع حلفائها وشركائها للنزع الكامل والتام للأسلحة النووية٬ من شبه الجزيرة الكورية وبالأساليب السلمية.
وعلى نطاق أوسع٬ يستلزم أمن العالم أن تصادق الدول – بما فيها الولايات المتحدة – على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية٬ وإبرام معاهدة جديدة تهدف لإنهاء إنتاج المواد الانشطارية لصالح الأسلحة النووية مرة واحدة وإلى الأبد.
ولقد صرحت في براغ قائلا بأن تحقيق الأمن والسلام في عالم خال من الأسلحة النووية لن يكون سريعا بحال٬ وربما ليس في حياتي على أدنى تقدير. ولكننا قد بدأنا العمل. وبما أننا الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية في وقت مضى٬ فأمام الولايات المتحدة واجب أخلاقي٬ للاستمرار في قيادة الجهود الرامية إلى القضاء على تلك الأسلحة. ومع ذلك٬ لا يمكن لأي دولة بمفردها تحقيق هذه الرؤية. لا بد أن يكون عملا جماعيا دوليا.
إن رؤيتنا جدا واضحة فيما يتعلق بالعقبات الماثلة أمامنا٬ ولكنني اعتقد بأنه لا ينبغي علينا الاستسلام أبدا للفرضية القاضية بأن انتشار الأسلحة النووية٬ هو من الأمور التي لا مفر منها. وحتى في خضم تعاملنا مع واقع العالم كما هو٬ يتعين علينا الاستمرار في السعي لتحقيق رؤيتنا للعالم٬ كما ينبغي أن يكون.
* الرئيس الأميركي
خدمة: «واشنطن بوست»