Site icon IMLebanon

«كيف فيكم تناموا بالليل…»

قد يسامح الشعب اللبناني، الصبور، الغفور، المقهور، الحكومة والوزراء والنواب، على جميع ما ارتكبوه بحقه من اخطاء وخطايا.

سيسامح انقطاع الماء والكهرباء، وسينسى الغلاء والهدر، ولن يتوقف عند تعطيل الحياة الديموقراطية، وفتح الابواب والحدود امام ملايين الغرباء، وسيتحمّل الفراغ في المؤسسات، وغول الجوع والفاقة، واستفحال الجريمة، لكنه لن يسامح ابدا ولن يغفر، ولن ينسى، الجريمة البشعة التي ارتكبتها الحكومة مجتمعة، وشاركها في الجرم مجلس النواب الذي تخلّى عن دوره وواجباته ولم يحاسب الحكومة على جريمتها المتمادية منذ اكثر من سبعة شهور، بتركها لبنان كلّه، يتحوّل الى بؤرة كبيرة لانتاج وتصدير الفيروسات الغريبة والميكروبات والامراض القاتلة، في الهواء والماء والتربة والمزروعات والينابيع والمياه الجوفية، بسبب مئات الاف الاطنان من النفايات التي احتلت الشوارع والطرقات والاوتوسترادات وكل زاوية متاحة، وتحوّلت الى مطعم لجميع انواع القوارض والحشرات التي غزت البيوت والمطاعم والمدارس وكل مكان فيه رائحة بشر.

الحكومة اللبنانية، ومن ساعدها او طنّش على محاسبتها، او عرقلها لمنفعة مادية او لحسابات سياسية هم شركاء في جريمة، يمكن وصفها بأنها جريمة ضد الانسانية، لأنها تطول بالاذيّة المباشرة شعبا بكامله، وفي مقدمهم الاطفال والشيوخ، ولا يمكن لأحد ان يتبرأ من المسؤولية او يتهرب منها، لأن الاطباء والخبراء حذّروا منذ البداية بأن التأخير في جمع النفايات والتخلص منها، يشكلان بداية كارثة بيئىة وصحية على لبنان، واذا لم تحلّ المشكلة قبل فصل الشتاء وهطول الامطار، وتحوّل النفايات الى وحش قاتل، فان الكارثة ستعمّ، ولن تترك احدا من شرّها، وهذا ما حصل، فالمستشفيات اليوم وفق تقارير موثقة، تشهد زيادة غير مسبوقة في لبنان، بعدد المرضى الذين يموت منهم كثيرون بسبب فيروسات غير معروفة سابقا، وعندما تضرب انسانا تقتله في مدة قصيرة.

خبراء البيئة واطباء الامراض السارية لا يخفون بأنه ولو تخلّص لبنان من نفاياته المتراكمة اليوم، فإن الاثار القاتلة التي تركتها في التربة والمياه والهواء، ستستمر اشهرا ان لم يكن سنوات، بما يعني ان الجريمة التي ارتكبوها بحق لبنان واللبنانيين هي جريمة مستدامة الى فترة طويلة حتى ولو عولجت مرحليا.

من اجل حفنة من الدولارات، ومن اجل حفنة من حيتان المال الحرام، ومن اجل حفنة من سياسيين لا يقيمون وزنا لا لربّهم ولا لوطنهم، ولا شعبهم، اغرقوا اللبنانيين في مستنقع آسن، وتركوهم يقلّعون شوكهم بأيديهم، والسؤال الى الشعب اللبناني، هل تبقى ساكنا على الموت الذي يطاردك ويطارد الاطفال والشيوخ والنساء، او تنهض في هجوم معاكس على من تسبب لك بهذه الكارثة، وتطارده بتقديم مئات آلاف الدعاوى الى القضاء، والقضاة وعائلاتهم جزء من هذا الشعب، ليقتصّ ممن افتعل هذه الجريمة الموصوفة التي لم يشهد مثلها اي بلد في العالم.

البديل عن الاحتجاجات والصراخ والمطالبة، التي ثبت ان لا طائل تحتها، هو اغراق المحاكم بالدعاوى من شباب الحراك المدني ومن جميع اللبنانيين المتضررين، ومن المتوقع ان يتضرروا، بخلاف ذلك لا امل يرتجى من هذا الشعب ومن هذا الحراك.

اخيرا، سؤال الى الذين اوصلونا الى هذا الدرك:

«ولو… كيف فيكم تناموا بالليل…»