قارنت في مقالة يوم الاثنين بين اوضاع المسيحيين في الدول العربية، واوضاعهم في لبنان وخرجت بنتيجة ان الوجود المسيحي في العراق وسوريا وفلسطين، قد ذبح بسكاكين التكفيريين، ومن نجا من القتل والتهجير، اصبح على هامش الحياة، في حين ان الوجود المسيحي في لبنان ما زال ثابتاً ومتجذّراً، لكن آلة القتل والترهيب التكفيرية، المحيطة به من كل جانب، تستدعي وضعه في العناية الفائقة، وتوفير وسائل حمايته بجميع الوسائل، وهذا الموقف يستلزم من المسيحيين خصوصاً، تنقية علاقاتهم مع شريكهم المسلم، والتعاون معه، لتمرير هذه الفترة الصعبة، ليس من تاريخ لبنان فحسب، بل من تاريخ العالم العربي اجمع»، والالتفات الى معالجة الاوضاع الداخلية السيئة منذ اكثر من عشر سنوات، وزادت سوءاً بسبب سياسات النكاية والتفرّد والاستعلاء والاتهام والتخوين، والتعطيل والشعبوية واضعاف الدولة لمصلحة الطوائف والمذاهب والاحزاب والمحاور الداخلية والخارجية، وكان من نتيجة هذه السياسات الخاطئة وقوع لبنان في براثن الفساد والمحسوبية، وانتشار الجريمة على انواعها، وهبوط مستوى العلم والثقافة والاخلاق، وضرب الاقتصاد مرة ثانية بعد كارثة العام 2007 – 2008، وصرخة رجال الاعمال والمال والاقتصاد منذ مدة كانت لتنبيه الجميع الى ان وجود لبنان كدولة وكيان مستقل مهدد بالزوال، وبالتالي فان الوجود المسيحي سيكون في مقدمة من سيطولهم الانهيار الكامل، لأن خيارهم الأول والثاني والوحيد، هو الدولة القوية القادرة الديموقراطية، وهذه الدولة لا يمكن ان تقوم على اكتاف طائفة واحدة او مذهب واحد، بل هي نتاج عمل جماعي بين جميع مكوّنات هذا الوطن، واذا كان للمسلمين خيارات اخرى في حال دعت الحاجة الى ذلك، في هذا العالم الاسلامي القريب، فليس للمسيحيين سوى لبنان، الوطن والدولة والملاذ، وعليهم تحديداً تقع المسؤولية الكبرى في المحافظة عليه برموش العين، والطريق الى ذلك تمرّ اول ما تمرّ، في تفاهمهم، وتضامنهم، ووعيهم للمشاكل القائمة، ولطرق مواجهتها والتغلّب عليها، ليس كما هو وضعهم اليوم، تشرذم واتهامات وتوسيخ سمعات وتحريض، تطول قيادات سياسية، ورؤساء جمهورية سابقين، وموظفين كباراً، وشخصيات لهم وزنهم السياسي والاقتصادي والعلمي والفكري.
* * * *
في هذا المجال تحديداً، هناك مثل حي، قائم على خطأ يرتكب ضد قائد الجيش العماد جان قهوجي، فهذا الرجل على ما اعلم جاء باجماع الكل قائداً للجيش، وعندما انتهت مدة خدمته مددت له، ولم نسمع اصواتاً تعارض هذا التمديد، ومدة خدمته المجدد لها تنتهي في ايلول، فلماذا اليوم هذه الحملة عليه في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب، بدلاً من سلوك الطريق القانونية الصحيحة، اذا كان ارتكب اخطاء في قيادة الجيش، أليست لجنة الدفاع البرلمانية، ووزير الدفاع، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب، هي المرجعيات التي تحاسب وفق القانون، بدلاً من التشهير به اينما كان، وكيفما كان؟
هل هكذا نحترم الدستور والقانون ومصالح المسيحيين وحقوقهم؟