Site icon IMLebanon

كيف يرد الجيش على منتقدي سلوكه في الجبل؟

 

 

 

إنّ التعثر المستمر في المعالجة السياسية والقضائية لتداعيات حادثة قبرشمون، يبقي منسوب التشنج مرتفعاً، وبالتالي قابلاً لـ”التسييل” الى اشكالات وحوادث متنقلة على الارض “الرخوة”، كما حصل امام منزل الوزير صالح الغريب في البساتين. والأخطر، انّ تأخّر الحل أدّى الى شلل الحكومة، وكذلك الى أزمة ثقة بين أحد أطراف واقعة قبرشمون والجيش.

 

كان رئيس “الحزب الديموقراطي” اللبناني النائب طلال ارسلان قد وجّه خلال الفترة الماضية انتقادات صريحة الى المؤسسة العسكرية، خصوصاً مديرية المخابرات، ما دفع بوزير الدفاع الياس بوصعب الى التحرّك آنذاك على خط خلدة- اليرزة، لرأب الصدع المستجد بينهما ووضع الامور في نصابها.

 

وأتت حادثة قبرشمون الدموية، لتعزز هواجس ارسلان حيال الطريقة التي يتم التعامل بها مع الوقائع الميدانية على الارض، وسط شعور لديه بأنّ نوعاً من الاسترخاء او التساهل طبع تصرفات القوى الرسمية المولجة حماية الامن في المنطقة والمحافظة على سلامة الوزراء الذين كانوا في صدد زيارتها او كانوا يعبرونها، وفي طليعتهم صالح الغريب.

 

ومع وقوع الاشكال الجديد امام منزل الغريب قبل ايام، تجدّدت علامات الاستفهام لدى ارسلان والقريبين منه عن نمط الادارة الامنية المعتمدة للوضع الحساس في الجبل، ربطاً بما كشفته صور الفيديو من وقائع، فيما كانت لافتة دعوة ارسلان خلال مؤتمره الصحافي أمس الى تطبيق خطة امنية جدية في الجبل تضع الجميع تحت سقف القانون.

 

وتؤكّد أوساط “الحزب الديموقراطي”، انّ تقرير مخابرات الجيش حول حادثة البساتين الجديدة أشار الى “انّ ريان مرعي تهجّم على حرس الغريب وراح يطلق الشتائم، ثم حاول نزع سلاح احد عناصر الحراسة الذي اطلق النار على الارض، ما أدّى الى اصابة مرعي في قدميه. بينما أتى بيان قيادة الجيش مغايراً واتخذ طابعاً رمادياً لا يعكس بدقة محتوى شريط الكاميرات، بإشارته الى إشكال تطور عند تدخّل عناصر الحماية الشخصية للوزير تلاه تدافع واطلاق نار من أحد عناصر الوزير”.

 

وتلفت الاوساط الى انّ ما استوقفها في تحقيق المخابرات هو انه يلحظ أن أفراد الجيش لديهم أوامر بالمراقبة والافادة، “ما يحرّض على التساؤل عن سبب حصر مهمتهم ضمن هذا الاطار”.

 

وتستنتج الاوساط، انّ السلوك الاجمالي للجيش في الجبل يؤشر الى انّ لديه قراراً بعدم التدخّل الحازم وتجنّب إغضاب أحد، “وهو الامر الذي تأكّد لاحقاً مع كشف أحد كبار المسؤولين الرسميين عن انّ المؤسسة العسكرية رفضت اجراء تحقيق في حادثة قبرشمون”.

 

وتنبّه الاوساط المحيطة بارسلان، الى انّ من شأن هذا التراخي ان يشجع البعض على المضي في تجاوزاتهم واعتداءاتهم التي تهدّد الاستقرار في الجبل.

 

لكن الجيش ينفي كلياً حصول اي خلل او تقصير من قبله، وتشدّد مصادره على انه نفذ بعد وقت قصير من وقوع حادثة قبرشمون مداهمات في الجبل وتمكّن من توقيف مطلوبين، ثم سلّمهم الى “شعبة المعلومات” للتحقيق معهم، بناء على استنابة قضائية.

 

وتلفت المصادر العسكرية الى انّ الجيش تفادى في لحظة حدوث المشكلة في قبرشمون التصرّف بطريقة انفعالية ومتهورة قد تؤدي الى إيقاع ضحايا في صفوف المدنيين الذين كانوا محتشدين في المكان، موضحة انّ الجيش حريص على استخدام القوة المقرونة بالحكمة، “وهو استطاع بفضل هذه المعادلة ان يحول دون تمدّد التوتر الى مناطق اخرى في الجبل ويمنع تفاقم الوضع في اتجاهات دراماتيكية، وهذا إنجاز يجب ان يُسجّل له”.

 

وتؤكّد المصادر العسكرية انّ الجيش يقف على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء، سواء في الجبل ام خارجه، “وبالتالي ليست لديه محاباة لأحد، بل انّ ما يهمّه فقط هو تحصين السلم الاهلي واتخاذ كل التدابير التي تصبّ في هذه الخانة”.

 

وتشدّد المصادر على انّ الجيش ليس منزعجاً من اي جهة وليس منحازاً الى اي طرف، “اما من كان منزعجاً منه فهذا الامر يعود اليه”.

 

وتعتبر المصادر العسكرية انّ ملف قبرشمون يُعالج الآن على أعلى المستويات السياسية، ولا يصح إلقاء تبعاته على الجيش الذي كان ولا يزال يؤدي واجباته بأفضل ما يمكن، على قاعدة انّ التلاعب بالامن ممنوع.