IMLebanon

كيف نجحت إيران حتى الآن في مواجهة أميركا؟

 

 

تستخدم إيران استراتيجيّة موفّقة في نزاعها مع الولايات المتحدة الأميركية، وقد نجحت حتى الآن بتوجيه ضربات نوعيّة للأميركيين وحلفائهم من دون أيّ ردّ يُذكر.

 

من الواضح أنّ إيران لا تتراجع بل اختارت القيام بأعمال تخريبيّة لأهداف استراتيجيّة اما عبر الحرس الثوري الإيراني أو عبر حلفائها الحوثيين والميليشيات العراقية، ففجّرت ناقلات نفط بحريّة وأنابيب للنفط في السعودية وأسقطت طائرة استطلاع أميركيّة من دون طيار، وقد اعتمدت الهجوم بدلاً من الخوف والانكفاء.

 

تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن ضربة عسكريّة محدودة كان سيقوم بها بعد إسقاط طائرة الاستطلاع، وبدا متردّداً، حائراً ومرتبكاً. فهو توقّع أن تتهيّب إيران مواقفه “التويتريّة” المهدِّدة والمتوعِّدة بالدمار والإبادة، إلّا أنّ “فطنة” الإيرانيين جعلتهم يدركون أنّ ترامب لا يريد الحرب، وكلامه التصعيدي ليس سوى وسيلة إعلاميّة تهويليّة وتفصله مسافات بعيدة عن الواقع. ذهبت إيران إلى مزيد من الضربات التكتيكيّة التي باتت تستخدمها للمساومة في مواجهة ضغوط الرئيس الأميركي المتصاعدة.

 

ولم يغب عن بال الإيرانيين لحظة أنّ الكونغرس الأميركي لا يدعم الحرب، والشعب الأميركي لا يريد أيَّ حرب حتى إنّ ترامب نفسه لا يميل إلى إقحام نفسه في نزاعات عسكرية في الشرق الأوسط وخصوصاً عشيّة التحضير للانتخابات الأميركيّة المقبلة.

 

ولو فكّر ترامب بضربات عسكرية محدودة، تعلم إيران انّ النتائج ستكون لمصلحتها، وإن كانت ستستهدف منصات للصواريخ وقواعد عسكرية وسفناً بحرية، وقد يُقتل بعض الأبرياء وقد تتضرّر البنية التحتيّة لكن لن تكون الخسائر جسيمة بشكل لا يتحمّله النظام في طهران. علماً أنّ سقوط ضحايا جراء ضربات عسكرية أميركيّة سيسمح لإيران بأداء دور الضحية، وقد يدفع الشعب الإيراني إلى دعم النظام في نزاعه مع الولايات المتحدة. إضافة إلى أنه ذلك سينعكس سلباً على ترامب بحيث يجعله قاتلاً ومعتدياً أمام المجتمع الدولي، ومثل هذه الخطوة ستساعد إيران فعلياً في الجهود الدبلوماسيّة الدولية.

 

وإذا نظرنا إلى الأفق، لا يبدو أيُّ طرف من طرفي النزاع، أميركا أو إيران، مستعداً للتنازل. وإيران كانت واضحة أنها لا تريد الجلوس على طاولة المفاوضات إلّا بعد رفع العقوبات عنها، وهذا الموقف بات مبدئياً ولا تراجع عنه حتى في ظلّ حملة الضغط القصوى التي يمارسها ترامب عليها.

لكنّ لعبة “عضّ الأصابع” لا يمكن أن تستمرّ إلى ما لا نهاية، ومن المتوقع أن يتعب المجتمع الدولي من سلوك إيران، وربما سيكون هناك المزيد من التعاطف مع الموقف الأميركي، ما يعني انه سيكون هناك المزيد من الضغط على إيران للاستسلام.

 

لا شيء يوحي بذلك حالياً، لكنّ تمادي إيران في توجيه ضربات نوعيّة استفزازيّة للولايات المتحدة كمهاجمة سفينة أميركية، أو محاولة قتل اميركيين في العراق، أو أيّ شيء من هذا القبيل، قد يؤدي إلى التصعيد وإلى تحرّك أميركي أكثر قوة وشراسة، والتاريخ يذكر حروباً عديدة بدأت بسبب توقعاتٍ وحساباتٍ خاطئة.