جردة بين خطابَيْ وزير الداخلية في ذكرى وسام الحسن وهجوم نصرالله المباشر
كيف فشل «حزب الله» في احتواء المشنوق
«الطامح لرئاسة الحكومة»؟
ما الذي أخرج أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله عن طوره، فـ«ظهر» شخصياً ليرد على كلمة وزير الداخلية نهاد المشنوق في ذكرى استشهاد اللواء وسام الحسن، وليستعمل عبارات الطلاق السياسي بمفعول معلّق، ويجعل من الخطة الأمنية في البقاع مساحة اشتباك غير مبرّر ومحطة تشكيك جديدة بالقدرات الأمنية للدولة، ومحاولة لدقّ إسفين بين الجيش اللبناني والوزير المشنوق على خلفية التعطيل والتعجيز الذي تتعرّض له الخطة الأمنية في البقاع؟؟!!
خلال الفترة الماضية، عمد «حزب الله» إلى إحراج الوزير المشنوق في محطات كثيرة، كان منها قدوم وفيق صفا واجتماعه مع القادة الأمنيين في وزارة الداخلية، في مسعى من الوزير لتجنيب أهالي بلدة الطفيل التعرّض لمجزرة جماعية، في حين استغلّ الحزب الصورة ليُظهر نفسه على أنّه يلوي ذراع الدولة بالاستناد إلى قوّته العسكرية.
كذلك، استغلّ «حزب الله» محطات كثيرة ليُحدِث الشرخ بين الوزير المشنوق وبين قاعدته الشعبية، وأبرز تلك المحطات لحظة تسريب أفلام التعذيب في سجن رومية، وانطلاق أبواق الحزب في حملة إشادة مفاجئة بالمشنوق تصفه بأنه رجل دولة وشجاع ومسؤول، مع اختيار أكثر النوّاب والمعلّقين استفزازا للشارع السني لينطقوا بسلسلة الإشادات الملغومة هذه.. في حين أن صفة «رجل الدولة» كانت تختفي عند كل موقف يدلي به المشنوق خلاف توجهات الحزب.
ضرب الخطة الأمنية
ولعل أخطر ما «غدر» به «حزب الله» الوزير المشنوق، هو الخطة الأمنية، حيث بدأت وفـق آلية ومسار وانتهت بشكل مغاير تماما.
فالخطة تحوّلت أداة ضغط عل الشارع السني، فاعتقل مئات الشباب وأُدِعوا السجون، وفق آلية قانونية ملتبسة، لا تزال فيها وثائق الاتصال التي حظرها مجلس الوزراء سارية المفعول، في حين يتم إلباس المعتقلين تهمة الارهاب تلقائيا، ما يجعل الإشكالية قائمة ومستمرة، بين شريحة إسلامية واسعة وبين مخابرات الجيش.
في المقابل، تحطمت الخطة الأمنية على أبواب الضاحية الجنوبية بحجة الخصوصية الأمنية، في حين تم حصر دور القوى الأمنية في التخفيف من بعض الظواهر المخيفة التي تغوّلت في مجتمع الضاحية، وخاصة آفة المخدِّرات، التي كانت تُباع جهارا نهارا على بسطات الأرصفة، فتوارى أصحاب «البسطات المخدِّرة» إلى الشوارع الخلفية والمنازل.
أما في البقاع، فإن أمين عام «حزب الله» تولّى شخصيا الإعلان مرتين عن إفشال الخطة الأمنية، بعد أن كان قد فرّغها عبر إرسال المطلوبين الشيعة إلى داخل الأراضي السورية، والحيلولة دون تمكن القوى الأمنية من توقيفهم.
ــ المرة الأولى، كانت في كلمة نصرالله في احتفال ذكرى تحرير الجنوب، ودعا فيها إلى تعميم تجربة «الحشد الشعبي – الشيعي» لمواجهة ما أسماه خطر الجماعات «التكفيرية».
في اليوم التالي، خرج كل المطلوبين إلى شوارع البقاع، ومنهم نوح زعيتر ليعلنوا مبايعتهم لنصرالله وليضعوا كل ممارساتهم في إطار «الحشد الشعبي» اللبناني!!
وقد ظهر زعيتر بالصور والأسماء في مواقع الحزب القتالية بالداخل السوري، وعندما نفى إعلام «حزب الله» الواقعة، أخرج لهم نوح الصور المؤكِّدة لوقوفه إلى جانب المسؤولين الميدانيين وبالسلاح الفردي والمتوسط.. فسكت الإعلام الحزبي.
لقد قصمت دعوة نصرالله ظهر الخطة الأمنية البقاعية، لأنها حوّلت المطلوبين إلى النواة الفعلية للحشد الشيعي، وبعد كلمته تلك استباحت العصابات المناطق البقاعية، وعاد الخطف مقابل فدية، واستولى المطلوبون على مزيد من الأملاك العامة والخاصة، وظهرت قضايا مخجلة في هذا السياق، وتحوّلت مدينة بعلبك إلى مسرح للعصابات وأعمال السلب والشغب واستباحة حقوق الناس واستهداف الحركة الاقتصادية في المدينة.
ــ التعطيل الثاني للخطة الأمنية أطلقه نصرالله في مناسبة مرور أسبوع على مقتل القيادي في «حزب الله» حسن الحاج (أبو محمد الإقليم) في الداخل السوري، عندما رفض التعاون في تنفيذها في البقاع، تحت ذريعة أنه ليس من واجب الحزب تسليم المطلوبين، بل على أجهزة الأمن القبض عليهم، متسائلا عمّا إذا كان المطلوب من «حزب الله» وحركة (أمل) أن يعتقلا المطلوبين ويسلموهم للأجهزة الامنية.. مع احتفاظ نصرالله بوضعهم في مواقع الحزب داخل الأراضي السورية، الأمر الذي يجعل من مهمة القوة الخاصة من الجيش المكلفة ملاحقتهم ومطاردتهم مهمة مستحيلة التنفيذ.
وقد أوردت أوساط الحزب أنه متضرّر من عدم تنفيذ الخطة الأمنية، وخاصة بعد الانفلات الكبير الحاصل في بعلبك، لكن هذه الأوساط أغفلت أنه أيضا كان متضررا من الانفلات في الضاحية، ومع ذلك حال دون تطبيق الخطة الأمنية، باستثناء توجيهها لاستهداف بعض الخارجين عليه من تجار المخدرات الناشطين في مناطق نفوذه والشبكات المرتبطة بهم.
إلا أن المتغيّر الإضافي الذي دفع الحزب إلى رفض تطبيق خطة البقاع الأمنية، هو ذلك الاستنزاف الذي يعانيه في سوريا، وحاجته إلى تخفيف منسوب التوتر المرتفع مع العشائر، بسبب تصاعد أعداد القتلى من أبنائها في الحرب السورية.
لقد بلغ التوتر داخل العشائر حدا بالغ الخطورة، مع اغتيال هتلر برو على أيدي مسلحين من آل الضيقة، على خلفية اتهامهم لبرو بالتسبب في مقتل أحد أفرادها على يد القوى الأمنية منذ شهرين إثر وشاية قام بها برو أدت إلى مطاردة قـُتـِل فيها ابن عائلة الضيقة.
وبرو عمليا هو خليفة عماد مغنية، وقاتله عنصر من «حزب الله» يعرف موقع هتلر التنظيمي الخاص، ولكن العقلية العشائرية كانت الغالبة على حساب الانتماء التنظيمي، في حين أن الخطة الأمنية تبدو كشبح بالنسبة للعشائر، لأنها ستجعل البقاع مساحة مفتوحة لملاحقة شرائح تتقاطع بين انتمائها العشائري والتزامها الحزبي والتنظيمي.
ولعل هذا السبب هو أحد أبرز الدوافع إلى رفض خطة البقاع الأمنية، والتي من المتوقع أن تكون موقع صراع ممتد لأن الوزير المشنوق وصل إلى قناعة تامة بضرورة استكمال الخطة بشكل جدي وفاعل، في حين أن «حزب الله» لا يريد فتح ملفات من هذا النوع، نظرا لوجود آلاف مذكرات التوقيف الصادرة بحق تجار المخدرات وموزعيها وقطاع الطرق ولصوص السيارات وخاطفي الأشخاص..
المطلوبون «مجاهدون» في سوريا
عملياً، رفض الحزب إصرار المشنوق على تطبيق خطة البقاع الأمنية، بحجة أنه ليس من واجبه أن يقوم بالقبض على المطلوبين، وأنه ليس عليه أن يحلّ مكان الدولة وأجهزتها الأمنية في ملاحقة المطلوبين.
كان الحزب يتجاهل أنه يقف وراء عجز الجيش وقوى الأمن عن القبض عن المطلوبين، لأنه نقلهم جميعا إلى داخل الأراضي السورية، وحوّل بعضهم من تجار مخدّرات وقاطعي طرق وخاطفي رهائن.. إلى «مقاومين» مزعومين لمن يسميه نصرالله «العدو التكفيري».
لم تستطع الفرقة الخاصة التي وضعها قائد الجيش العماد جان قهوجي أن تلقي القبض على أي مطلوب ذي قيمة، واستمرت المراوحة دون أي نتيجة تذكر، في حين كان مفعول الخطة الأمنية في طرابلس وصيدا ومناطق بيروت السنية يتفاعل سلباً، خاصة أن حجم الاعتقالات تضاعف، واستحكم الإشكال جرّاء إصرار مخابرات الجيش على الاستمرار في استخدام وثائق الاتصال، خلافا لقرار مجلس الوزراء القاضي بتعطيلها، في انتهاك واضح لمعايير العدالة.
المشنوق يخرج عن صمته
ومع انسداد الأفق أمام تطبيق خطة البقاع، وتفاقم الفلتان والاعتداء على رجال المطارنة والرهبان وعلى أمن واستقرار المواطنين، وقف الوزير المشنوق من على منبر استشهاد وسام الحسن، ليعلن بشكل صادم، أن الاستمرار في تعطيل المؤسسات الدستورية ومنع تطبيق الخطة الأمنية، سيؤدي إلى قلب الطاولة وتسكير قنوات الحوار الثنائي مع «حزب الله» والموسّع في عين التينة.
فقد أعلن الوزير المشنوق عن أنّ بقاء الوضع السياسي والأمني على ما هو عليه سيكون الخطوة الأولى في الدفع نحو الاستقالة من الحكومة التي أردناها ربطًا للنزاع فأرادوها ربطا للوطنية والضمائر.. مؤكدا أن الخروج من الحكومة «سيكون أيضا الخطوة الأولى للخروج من الحوار الذي أردناه صوناً للسلم الأهلي، فإذا بنا نتحوّل إلى شهود زور على حساب مسؤوليتنا الوطنية».
وإذ اعترض على عدم تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع، توجّه إلى العماد ميشال عون بالقول إنّ «أبواب النظام اللبناني لا تفتح بمنطق «الكسر والخلع»، واعترض على «اعتقال مجلس الوزراء وتعطيله بعدم الحضور».
أبعاد موقف المشنوق: البوصلة ضد طهران
حملت مواقف الوزير المشنوق جملة أبعاد، أفشلت مسار الترويج السياسي الذي باشره «حزب الله» منذ اللحظة الأولى لاستلامه وزارة الداخلية، وأظهرت حالة إخفاق واضحة لدى الحزب في توقع خطوات الوزير وتوجهاته.
ففي الموقف من القضايا الإقليمية: فإن أخطر ما في مواقف الوزير المشنوق، بالنسبة إلى «حزب الله» هو ذلك الإعلان الصريح والواضح والذي بلغ ذروته من إيران، التي اعتبرها المصدر الأساس في المنطقة، وأولوية المواجهة يجب أن تكون مع مشروعها، لأنه يتسبب في تفتيت المجتمعات وتقويض الأمن وتهديد الوحدة العربية.
وكان آخر هذه المواقف في ذكرى استشهاد وسام الحسن، عندما شبّه المشنوق الحملات المعادية للمملكة العربية السعودية بـ«ضجيج فارسي مدبلج إلى العربية لن يُعيد عقارب الصحوة العربية إلى الوراء في اليمن اليوم وفي سوريا بموازاته وبعده»، مؤكدا أنّه «لن ينكسر السيف السعودي طالما أن نصله عربي».
وجدّد موقفه هذا، في المنامة، عندما ندّد بالإصرار الإيراني على تدمير الهويات الوطنية وإصرار طهران على التدخل التدميري والتقسيمي للمجتمعات العربية.
غير قابل للاحتواء
على الصعيد المحلي، اكتشف «حزب الله» أنه فشل في ابتلاع الوزير المشنوق، بعد أن راهن على إغراقه في دهاليز السلطة واحتياجاتها الواقعية، خاصة في ظل الحوار القائم بين الحزب وبين «تيار المستقبل»، والقيود التي كبّلت وزير الداخلية في مقاربته للأحداث، من موقعه الحكومي بشكل خاص، ويبدو أن الحزب قد فهم التزام المشنوق بالتضامن الحكومي غزلا سياسيا غير معلن، ولكن لا حاجات المنصب الوزاري ولا ضرورات الحوار أفلحت في إخراج المشنوق عن قناعاته الكبرى التي طالما حملها وتحمّل مسؤولياتها.. ولم ينتبه ملاحقو المشنوق السياسيون إلى أن ما كان يبديه من تسهيلات في أدائه السياسي، أو صمت تجاه قضايا جدلية، كان من باب التضامن الحكومي، وليس من باب التزلف أو تسليف المواقف.
هذا الموقف التراكمي في خطاب المشنوق، هو عكس ما كان يتوقعه الحزب، الذي كانت دوائره تروّج بأنّ وزير الداخلية بات في دائرة استقطابها على اعتبار أنه طامح لرئاسة الحكومة، وأنه بحاجة إلى رضى «حزب الله» للوصول إلى الرئاسة الثالثة، لكن حساب بيدر واضعي دراسات الحزب خالف حصاد بيدر الواقع السياسي، وفشلوا في توقع توجهات الوزير المشنوق، وبات عليهم أن يعيدوا حساباتهم.
الكفاءة السياسية
ما أغاظ الحزي ومناصروه من المشنوق هو اكتشافهم أن وزير الداخلية هو رجل دولة من طراز رفيع، يستطيع أن يتجاوز أفخاخ الحزب ويتمكن من وضع قواعد مواجهة فاعلة داخل مؤسسات الدولة، التي باتت توازناتها والخلل فيها واضحا تمام الوضوح أمام المشنوق، حيث بات أداؤه مرتبطا برؤية استراتيجية، تتوازى مع سلوك منهجي دقيق، يصعّب مهمة الحزب في أكل المؤسسات وابتلاعها، من جهة، كما إنّه (الحزب) بات يتعاطى مع خصم شديد المراس، واضح المرونة، نجح في تجنّب الصدام مع الجيش، وهو الهدف الكبير للحزب وقيادته، واستطاع أن يفتح قناة حوار معقولة مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، خلافا لتمنيات «حزب الله» المراهن دوما على صدام سنيّ مع الجيش.
وفي هذا المسار، تعرّض الوزير المشنوق إلى كمائن سياسية وأمنية، وقف «حزب الله» وراء معظمها، محاولا وضعه أمام آحادية الخيار، بحيث تحترق مراكبه في معسكر قوى 14 آذار، ويصبح رهينة موقف الحزب في حركته السياسية، لكن هذه الكمائن أخفقت، رغم أن بعضها أصاب المشنوق بأضرار، بسبب عدم قدرة الأخير على ممارسة الازدواجية السياسية واستخدام مساحيق التجميل الشعبية.
انصياع «حزب الله»
عندما وضع نهاد المشنوق ميزان التقييم للمشاركة في الحكومة والحوارين الثنائي والموسع، كان على ثقة بأن الغُرم بات أكبر من الغُنم، وأنه في حال استمرار التعطيل للحكومة، فإنه ليس ثمة معنى للعمل السياسي في هذه المرحلة.
ورغم محاولة إعلام «حزب الله» اللعب على تناقضات مفترضة داخل تيار المستقبل، وخاصة في ملفي الحوار والحكومة، فإن كتلة المستقبل غطت مواقف المشنوق، وصلّبت الموقف الذي عبّر عنه، مما مهّد لجلسة حوار الحزب والتيار، أسفرت ولأول مرة عن إقرار الحزب بآلية واضحة لاستئناف العمل الحكومي وتفعيل مجلس النواب، وتطبيق الخطة الأمنية.
وخلافا لما حاول الحزب الترويج له في وسائل إعلامه فإن وفد المستقبل قد حقق كل الأهداف التي اشترط الوزير المشنوق تحقيقها مقابل الاستمرار في الحكومة والحوار.
فقد وافق الحزب على حل مشكلة النفايات عبر تأمين مطمر صحي في مناطق نفوذه، وبدأ العمل الجدي لتسهيل عمل الحكومة ومجلس النواب، وكان الابرز الاعتراف بأن خطة البقاع الأمنية تحتاج الى استكمال، فتم الاتفاق على اجتماع امني سياسي سيعقد في اليرزة برعاية قيادة الجيش وحضور قادة الاجهزة الامنية ووزير الداخلية ووزراء من «حزب الله» وحركة «أمل».
تغيير قواعد لعبة التعطيل
يدرك نهاد المشنوق الفارق الشاسع في القوة العسكرية بين «تيار المستقبل» وحزب السلاح في لبنان، لكنه متمسك بقواعد المواجهة السياسية وإبقاء قواعد الاشتباك قائمة، طالما الحزب يغرق في الرمال السورية، لأن نهاية المطاف في سوريا باتت حتمية، والجميع يدرك أن شيئا لن يعود كما كان في سوريا وفي لبنان أيضا، وهو ما بدأت أوساط الحزب تعترف به في دوائره الضيقة، وبدأ الحديث عن مرحلة ما بعد العودة من سوريا وعن الحجم المتوقع للحزب حينها، ولعل هذا ما يدفع قيادته للاستماتة في فرض قانون انتخابات يعتمد النسبية وتعليق مصير البلد عل دخول الأطراف السياسية في مسار يفضي إلى إقرار هذا القانون الذي يضمن للحزب فرض سيطرته على الساحة الشيعية، ويمكنه من اختراق الساحة السنية بما يمكنه من الحصول عل الأغلبية النيابية والاستئثار بالحكم.
بهدوء وتصميم، دفع نهاد المشنوق أحجار الدومينو على الطاولة السياسية، فتدحرجت وغيّرت قواعد الحركة، التي فرضها «حزب الله» منذ بدء حفلة النكد العوني وشلّ مجلس الوزراء، فأعاد الحياة إلى مفاصل المؤسسات الدستورية، ودفع نحو تطبيق عملي لخطة البقاع، بعد أن انكشفت عورة التذاكي الحزبي التي مورست طيلة الأشهر الماضية.
ربح نهاد المشنوق الجولة، لأنه وضع هدفا واضحا يريده كل اللبنانيين، ألا وهو وقف انهيار مؤسسات الدولة، مؤقتا على الأقل، وحرّك الجمود في ملفات ملحّة وحساسة، وأهمها ملف النفايات، ولم يستطع الضجيج المفتعل لإعلام الممانعة أن يخفي تراجع «حزب الله» الذي بدا كلام أمينه العام المهدّد بالانسحاب المضاد، وكأنه مماحكة سياسية غير قابلة للصرف، وأن المعادلة في لبنان لا تزال تمنع الحزب من استعمال القوة لفرض خياراته السياسية والأمنية، وهو ما احتاج شجاعة وتصميم نهاد المشنوق لكشفه واستعمال تداعياته في استعادة بعض الاعتبار للدولة ولمؤسساتها.
خلاصة هذا الاستعراض المستفيض، أنه لا يمكن إدارة الصراع مع «حزب الله» بإبراز النوايا الحسنة والاستسلام لمنطق التطبيق المنفرد للقانون، ولا يزال أمام اللبنانيين الكثير من المواجهات، التي يتعيّن عليهم خوضها ضد هيمنة الحزب على مقدرات الدولة، بانتظار خطاب جديد، من على منبر شهادة وسام الحسن.
* رئيس هيئة السكينة الإسلامية.