IMLebanon

كيف استهدف قادة حزب الله ولماذا جهاد مغنية ومحمد عيسى؟

منذ اندلاع الأحداث السورية، وانخراط حزب الله في القتال الى جانب القوات السورية، تزامنا مع تغيير «محور الممانعة» لاستراتيجيته مع توحيد الجبهتين اللبنانية والسورية من مرتفعات القنيطرة الى الناقورة، وانتشار حزب الله على طول هذا الخط،دخلت جبهة الجولان دائرة الضوء، بعد سنوات من النسيان، وسط التساؤلات والفرضيات عن إمكانية إندلاع الحرب وتوقيتها المجهول على هذه الجبهة، في ظل انهماك الجيش السوري في الحرب مع فصائل المعارضة، بعد الغارات الاسرائيلىة المتكررة، في مقابل التهديدات بالرد في المكان والزمان المناسبين، اقتصرت حتى تاريخه على بضعة عمليات ظلت محدودة في التأثير والتداعيات وضمن قواعد اللعبة المقرة ضمنا من قبل الطرفين.

سياسة عززها كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المتكرر، وتأكيده منذ ايام بأن محور المقاومة الممثل بـ «حزب الله وإيران» خصوصاً، يتحملون مسؤولية الرد على هذه الإعتداءات، مشيرا إلى أن «المقاومة هي التي تختار الزمان والمكان»، ما خلق حالة من التأهب والإرباك في الداخل الإسرائيلي حسبما نقلت الصحف الإسرائيلية وآخرها معاريف التي المحت مصادرها عن قرب حدوث اعتداء مرتقب من قبل الحزب.

مخاوف على ما يبدو، دفعت باسرائيل الى المغامرة، كاسرة الخطوط الحمر، منفذة غارتها، التي بحسب بعض التسريبات جاءت نتيجة تقاطع معلومات استخباراتية اسرائيلية مع تقارير تلقتها من اجهزة غربية صديقة عن قرب تنفيذ حزب الله لعملية «نوعية» على جبهة الجولان، فعلت من نشاطها الاستخباراتي والرقابي في المنطقة، حيث رصدت طائرات من دون طيار موكبا مؤلفا من مجموعة من السيارات، قرب مدينة القنيطرة على مقربة من خط الفصل، بناء على معلومات مسبقة عن زيارة لاحد القياديين الكبار الى المنطقة، حيث قامت مروحية من نوع «اباتشي» بالاغارة على الهدف عبر اطلاقها صاروخين استهدفا سيارتين في الموكب، ما ادى الى استشهاد ستة عناصر من حزب الله وخمسة ايرانيين، ابرزهم قائد قوات التدخل في الحزب محمد عيسى ـ أبو عيسى ـ وهو من بلدة عربصاليم، والقيادي الميداني جهاد عماد مغنية من طبردبا، ومسؤولين إيرانيين من قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري. وتحدثت المعلومات عن ان العملية جاءت مشابهة لعملية اغتيال الامين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي عبر كمين طائرة الهيليكوبتر مشيرة الى ان طريق الموكب كانت الزامية حيث كمنت الطوافة له.

وفي ظل غياب أي موقف رسمي إسرائيلي، إلا ما جاء على لسان الناطق باسم الجيش، الذي رفض التعليق على سؤال حول الهجوم، من دون أن ينفي، واكتفى بالقول «لا نعلق على تقارير أجنبية»،رغم تسريب مصدر أمني إسرائيلي تنفيذ بلاده الهجوم على مواقع لحزب الله في سوريا، فيما أشار مصدر آخر إلى أن مروحية «آباتشي» نفذت غارة على مواقع لمجموعة كانت تخطط لتنفيذ هجوم على أهداف إسرائيلية، وتحذير مصدر عسكري إسرائيلي رفيع حزب الله من استفزاز إسرائيل ومحاولة الرد، في «رسالة ردع»، كما وصفها، اتحذت تل ابيب وتحسباً من اي رد رفعت درجة تأهب قواتها على طول حدودها الشمالية، ناقلة تعزيزات مدرعة ومدفعية، إضافة إلى تحليق الطائرات التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي دون انقطاع، ورفعت مستوى التأهب في السفارات الاسرائيلية في الخارج، فيما دعت بعض وسائل اعلامها سكان المستوطنات في مناطق الشمال لتوخي الحذر خشية اطلاق صواريخ، كما قام الجيش الإسرائيلى بنصب بطاريات صواريخ من منظومة «القبة الفولاذية» فى المنطقة.

وما إن انتشر خبر الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قياديين لحزب الله في الجولان، حتى بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتحليل هذه الغارة وتداعياتها. فقد اعتبرت بأن حزب الله سيحاول في كل مواجهة قادمة مع إسرائيل الوصول إلى الجليل، مشيرة إلى أن «الغارة في الجولان هي حادث جديد لم نر مثيلاً له من قبل»، مؤكدة بأن «السنوات الطيبة لإسرائيل على الحدود الشمالية انتهت». من جهتها رأت القناة الأولى الإسرائيلية بأن «حزب الله لن يمر على العملية من دون رد حتى وإن كانت وقعت على الأراضي السورية»، فيما تساءل مراسل القناة الأولى حول الآتي من الأيام ورد حزب الله ومكانه وزمانه، معتبرا أن إسرائيل تحاول أن ترسم خطاً أحمر للحزب وتدخله في معضلة حول الرد وعدم الرد، «إلا أنني أعلم من دون تردد أن الرد آت»، وتابع بن دافيد الى أن «إسرائيل سمحت لنفسها بالعمل في سوريا في السابق، لكن ليس بهذا الشكل. وهذه المرة الأولى التي تستهدف فيها موكباً لحزب الله على بعد كيلومترات عدة عن الحدود مع إسرائيل. وقال إن ما يتردد لدى الجيش في هذه الأثناء يتعلق بالرد الذي سيقدم عليه حزب الله: هل سيرد في منطقة مزارع شبعا، إذ بعد هذا الهجوم من المتوقع أن يرد». وأضاف: «السؤال الذي يشغل بال كل إسرائيلي في هذه اللحظة، هو: كيف سيرد نصر الله على الهجوم».

القناة الثانية من جهتها اشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي قد فرض ستارا من السرية على الغارة ونوع السلاح الذي استخدم فيها، مركزة ان السؤال الرئيس الذي يشغل بال كل إسرائيلي الآن هو أين وكيف سيرد نصرالله، مع «الأمل»، بحسب تعبير مراسل القناة للشؤون العسكرية ألون بن دافيد، بأن لا يأتي الرد كبيراً جداً، كي لا يتسبب بمواجهة واسعة، كما تساءل معلق الشؤون العسكرية في القناة، روني دانيئيل، إن كان حزب الله قادراً على احتواء ضربة قاسية كهذه في الجولان. ولفت الى أن البيان الصادر عن الحزب يشير الى أنه لن يضبط نفسه وسيبحث عن رد، الأمر الذي يفسر الإجراءات التي اتخذها الجيش فوراً بعد الهجوم وإعلانه استنفاراً لدى وحداته، مع توقع أن تتخذ المؤسسة العسكرية سلسلة طويلة من الأنشطة الحذرة على طول الحدود خلال الفترة المقبلة، وأشارت القناة الى أن المستوطنين في الشمال، بما يشمل الجولان والجليل، أعربوا عن خشية خاصة من رد محتمل لحزب الله، و«صحيح أنهم لم يفتحوا أبواب الملاجئ، لكن توجد في المستوطنات حالة من التأهب وترقب للآتي. ويكفي أنهم سمعوا في الأسبوع الماضي كلام نصر الله عن الصواريخ التي باتت في حوزته».

وسائل الإعلام الاسرائيلية كشفت عن حال من الذعر والقلق سيطرت على سكان المستوطنات في الجولان والجليل خوفاً من الردّ وتداعياته، الأمر الذي اضطر القيادة العسكرية الى بث رسائل طمأنة بأن الرد لن يكون فورياً، وطلبت من المستوطنين عدم فتح الملاجئ وانتظار تعليمات مسؤولي الأمن في المستوطنات، ممن طلب منهم عدم مغادرة مستوطناتهم، وانتظار التعليمات.

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية نقلت عن مصادر استخباراتية غربيه قولها إن جهاد مغنية كان يخطط لتنفيذ عملية في هضبة الجولان تهدف إلى قتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين والسكان عبر إطلاق صواريخ والتسلل عبر الحدود وزرع عبوات ناسفة وإطلاق صواريخ مضادة للدروع.

الاحد الماضي، واثناء اجتماع عائلي موسع، في الغبيري في منزل والد زوجة عماد مغنية بالقرب من روضة الشهيدين، ضم الابناء والاحفاد احتفاء بالمولد النبوي الشريف، طُلب من الاحفاد تحضير كلمة صغيرة في هذه المناسبة للحديث عن مخطط كل منهم للعام المقبل، وعندما وصل الدور لجهاد، اكتفى بالقول: «خططي اخبركم بها الاسبوع المقبل»، رغم اعتراض الموجودين الذين اتهموه بالتهرب. فماذا تراه كان يخبئ وما هي العملية التي كان سيفخر بها. الاكيد اننا سننتظر كثيرا قبل معرفتها…. الا اذا.