لا شيء يدل على أن الحكومة قد تبصر النور في وقت قريب. المسألة أبعد من تهافت على حقائب، وكباش على أحجام. والعِقد ليست في التفاصيل وإنما في الأساسات، حيث المخاوف والشكوك تتراوح بين الفرملة وزرع الألغام.
صحيح أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله إتصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولكن صمت «الحزب» يحمل دلالات لا بد أن تُقرأ جيداً.
فالحزب يرى حليفه الرئيس في خصام مع حليفيه الأساسيَّين الرئيس نبيه بري والوزير سليمان فرنجية، وفي الوقت ذاته يراه في وئام وانسجام مع خصميه «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية».
ويُخشى أن يتكرس عملياً تحالف عون والحريري وجعجع في الإنتخابات النيابية المطلة على الأبواب، مع ما يعني ذلك من خلط أوراق على الساحة الداخلية جذرياً، ما يستوجب إعادة تقييم الحسابات والأولويات وفق قواعد ورهانات جديدة مبنية على المتغيرات التي قد تلامس الخطوط الحمر في مكان ما.
إلّا أن «حزب الله» يستغرب في الوقت ذاته ألّا تشكَّل الحكومة سريعاً ويجزم «ما عم نفهم شو السبب» ما دامت كل العقد قد حُلّت تقريباً ولم يبقَ إلّا البسيط منها للمعالجة.
وفي الجديد، أن مسألة الوزير الشيعي الخامس تتجه الى أن يسمّي الرئيس عون السيد عدنان منصور على قاعدة أنه قريب من «الحزب» و«الحركة» ولا يستفز أحداً، وأن النزاع على حقيبة الأشغال لا يستأهل تأخير الولادة، إلّا اذا كان الهدف هو تطيير قانون الإنتخاب الجديد ومهل الإنتخاب.
وفي السياق، تشير المعلومات إلى أن تأليف الحكومة لا يزال في إجازة قسرية، غير أنه تم الإتفاق على تحديد أواخر الأسبوع الجاري موعداً لتسلّم الأجوبة من كل القوى السياسية المعنية بالمشاركة في الحكومة.
وتقول المعلومات أن الجميع وعد بإعطاء إجابات واضحة، وقد أبلغت «القوات اللبنانية» إلى الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري تجاوبها واستعدادها للبحث في صيغ جديدة، وكذلك فعَل «حزب الله».
وتؤكد معلومات بعبدا على أن الرئيسين عون والحريري حريصان على التزام ما نص عليه الدستور والميثاق والأعراف والمنطق في عملية تأليف الحكومة، كما أنهما يعملان على مراعاة الموازين بشكل دقيق.
أما على خط الرئيس الحريري، فإنه فيما يحرص على التعامل إيجاباً مع الجميع، يركّز جهوده في الأيام المقبلة على إيجاد حلول منطقية للعقد، ولا سيما منها:
1 – السعي إلى إقناع الرئيس بري بالقبول بوزارة الصحة التي كان وافق على إسنادها إلى وزير من حركة «أمل» قبل أن تُعرض وزارة الأشغال العامة على «القوات اللبنانية» كتسوية لتنازله عن إتفاقه مع «التيار الوطني الحر» بإعطائه حقيبة سيادية.
2 – متابعة التواصل مع «تيار المردة» سعياً إلى إقناعه بالإنفتاح على قبول إحدى الحقائب المتاحة ومشاركته في الحكومة.
من جهته، «القوات اللبنانية»، يعتبر أنه عندما تنازل عن مطالبته بحقيبة سيادية، تنازل أولاً، نتيجة عرض قدّمه الرئيس الحريري له بعد مشاورة جميع القوى السياسية المعنية وموافقته، وثانياً تنازل على أساس أن الحكومة كانت ستبصر النور خلال 24 ساعة. ولكن التأليف تعقّد مجدداً.
ويرى «القوات» إن الطابة ليست عنده بل عند غيره (ممن يعرقلون)، وإن أسباب العرقلة معروفة، وإن الهجوم على «القوات» لا يتعلق بحصصه وحجمه، وإنما «لأن بعض الأطراف لا يريد أن يكون لرئيس الجمهورية تحالف وثيق في الداخل ولا خطاب متوازن، ولا عمق متوازن في العلاقات مع الخارج».
في الخلاصة، لا مواعيد يُمكن تحديدها لولادة الحكومة، على رغم أن صانعي التسوية الرئاسية يجزمون أن لا أحد يستطيع تعطيل ولادة الحكومة متى يحين أوانها.