تفاجأت الأوساط الإعلامية والسياسية في لبنان منذ أيام بخبر مفاده توقيف خلية «إرهابية» في الكويت، قيل إن لها إرتباطات مع حزب الله اللبناني، ورغم عدم صدور موقف رسمي من دولة الكويت بخصوص هذا الموضوع وإقتصاره على بعض التسريبات الإعلامية او الآراء التي أطلقها بعض الموظفين النافذين في وزارة الداخلية أو الضباط، الأمر الذي طرح أكثر من علامة إستفهام حول الغاية من هذا التسريب وبهذا التوقيت بالذات.
أوساط لبنانية مراقبة ومطّلعة على الوضع الخليجي وضعت هذا الموضوع في إطار السجال الحاصل قبل مدة بين حزب الله من جهة وبين بعض الدول الخليجية وتحديدا المملكة العربية السعودية على خلفية التصريحات «النارية» التي أطلقها أمين عام حزب الله السيد نصرالله منذ إنطلاق الحملة السعودية على اليمن، وردود المملكة حولها، ما أخرج المملكة – للمرة الأولى – عن صمتها الديبلوماسي المعتاد ووضعها في خانة الردّ المباشر مع حزب الله وجمهوره وحتى حلفائه والتفسير الآخر حسب نفس المصادر يقول بأن للموضوع علاقة أيضا بالضغط على إيران بطريقة غير مباشرة من خلال حليفها – حزب الله – وخاصة بعد الإتفاق النووي الإيراني مع الغرب وتوجه الجمهورية الإسلامية بالخطاب الانفتاحي نحو دول الخليج ومحاولة طمأنتها بانها الأقرب وهي أولى بالمعروف.. وذلك في محاولة تهدئة إيران مخاوف جيرانها التي تحاول بعض الجهات الإقليمية والخارجية إثارتها من أجل التشويش على تحسين هذه العلاقات.
وتتوقع هذه المصادر أن تتزايد هذه الضغوط على حزب الله وجمهوره في الفترة المقبلة وتحت نفس هذا العنوان والتي ستُترجم إمّا بترحيل بعض من أفراد الجالية اللبنانية وتحديدا ممن ينتمون للطائفة «الشيعية» وبذرائع مختلفة مثل التهديد الأمني أو المخالفات القانونية في سبيل زيادة الضغط على حزب الله من قبل جمهوره المنتشر في بعض الدول الخليجية منذ سنوات طويلة حيث أيّ إنتكاسة مادية هناك سوف تؤثر على وضع العوائل الكثيرة المرتبطة ماديا مع داعمين لهم في الخليج أما بخصوص قضية ما يسمى بخلية «إرهابية» قيل إنها مرتبطة بحزب الله اللبناني فقد أبدت هذه الأوساط إستغرابها من هذا الإعلان غير الرسمي نظرا لعلاقة حزب الله بالقضية والحساسىة التي يمكن أن تتولد عنها وخاصة بعد «التحية» الأخيرة التي وجهها الأمين العام لحزب الله لشعب الكويت وأميرها غداة التفجير الإرهابي الذي إستهدف مسجد الصادق الشيعي في الكويت , والصلاة الموحدة التي أقامها الأمير هناك في رسالة واضحة لمحاربة كل دعوات الفتنة والطائفية التي يحاول البعض توريط حزب الله وفيها والتي تقول أوساط مقربة من حزب الله أن السيد نصرالله ومنذ سنوات يكرر مقولة ضرورة مواجهة كل دعوات التكفير التي تطلقها الجماعات التكفيرية مثل «داعش» وانصارها، حيث أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن تفجير الكويت الأخيرة في محاولة لإستجلاب ردة فعل إنتقامية تجاه المساجد السّنية في الكويت وهو المبرر الذي بدأت بعض الأوساط الخليجية الترويج له.
لا شك أن موضوغ الخلية الأرهابية التي تم تعقبها في الكويت سوف يلقي بثقله على مشهد العلاقة اللبنانية – الخليجية وتحديدا علاقة حزب الله والتي يمكن أن يتمّ إستثمارها في البازار الداخلي اللبناني مثل أكثر القضايا التي يكون حزب الله طرفا فيها حيث تتكم مصادره عن مناقشة هذا الموضوع وتتعمد عدم الخوض فيه كثيرا بالإعلام ريثما تنتهي التحقيقات الجارية في الكويت ويصدر الموقف الرسمي وهو يفضل التريث وعدم الخوض في متاهات السجال الإعلامي المعروف توجهه ومنطلقاته وتمويله حسب تعبير أوساط مقربة من حزب الله التي استهجنت هذه الهجمة الإعلامية الخليجية من بعض الصحف المعروفة التي وصلت حدّ الدعوة إلى سحب سفراء بعض الدول الخليجية من لبنان بذريعة تهديد أمن الخليج والتدخل في شؤونه وهي نفس التهم التي تُساق ضد الجمهورية الإسلامية التي نجحت في فتح ثغرة في جدار العلاقات المأزومة مع الدول الخليج مثل دولة مسقط والإمارات التي كان لهما دور مرحب بالإتفاق النووي الإيراني مع الغرب عكس بعض الدول الخليجية الأخرى التي يبدو أنها تتحكم بمفاصل القرار الخليجي وتحاول أن تقاوم هذا التقارب لأسباب كثيرة.
تختم المصادر اللبنانية المتابعة أن موضوع خلية الإرهاب الكويتية سوف تتمّ متابعته بين الدولتين على مستوى رسمي وبعيد عن الإعلام نظرا لحساسيته كونه لا يتعلق فقط بحزب الله لإن الأخير مكوّن أساسي ومهم من الشعب اللبناني وممثل في السلطة الرسمية اللبنانية التي تحرص على أفضل العلاقات العربية وتحديدا مع دولة الكويت التي لطالما وقفت مع لبنان بكل طوائفة وقفات دعم وتضامن ولم تؤثر كل الضغوط التي تعرضت لها وفي عز الأزمات الخليجية بأن تؤثر على اللبنانين المتواجدين هناك – بعكس ما حصل في بعض الدول الخليجية الأخرى – التي رضخت للضغوط وقامت بترحيل عدد لا بأس به من اللبنانيين بحجج سياسية لم تقنع الدولة اللبنانية التي لا تملك سوى «التمني» بأن لا تتكرر هكذا حوادث تؤثر بشكل مباشر على الوضع الإجتماعي والإقتصادي الداخلي وهو ما حرص على تأكيده حزب الله مؤخرا تجاه دولة الكويت بعد التفجير الإرهابي الذي تعرضت له فهل ستُكرر الكويت نفس أداء بعض الدول الخليجية و«تثأر» من اللبنانيين على خلفية سياسية أم أنها ستواجه سياسة الإبتزاز والتضييق المفروضة من دول نافذة خليجية تحاول تحقيق مكاسب سياسية ضد إيران وحلفائها تحت عنوان «الغاية تبرر الوسيلة»؟ هذا ما ستكشفة الفترة المقبلة بعد إنتهاء التحقيقات وإعلان الموقف الرسمي للكويت عندها يردّ حزب الله على قاعدة.. لكل حادث حديث!