IMLebanon

كيف يصل المسلحون إلى جرود القلمون؟

تركّزت الأنظار طيلة الأسبوع الفائت على معارك «التصفية» بين مسلحي تنظيم «داعش» وبقايا «الجيش الحر» في جرود القلمون وعرسال. كيف تمكن «داعش» من استقدام مسلحين إلى جرود عرسال وجرود القلمون المحاذية لجرود عرسال؟

يترقب الجميع تطورات حرب «البيعة» التي شنّها تنظيم «داعش» للحصول على ولاء باقي الفصائل المسلحة ومبايعتها الخليفة أبو بكر البغدادي، والسيطرة على جرود القلمون والاستئثار بالقرار فيها، وسط معلومات عن أن الوجهة التالية للتنظيم المتطرف ستكون بلدة عرسال. المعلومات كشفت عن وصول قضاة شرعيين ومشايخ وعشرات المسلحين من «داعش» إلى جرود السلسلة الشرقية، قادمين من ريف حمص، بهدف رفد مسلحي «داعش» في القلمون بالسلاح والمقاتلين، بعدما خسروا في الأشهر الماضية قادة ومقاتلين بسبب المعارك ونتيجة عمليات التوقيف التي نفّذها الجيش اللبناني. وطوال الفترة الماضية وما تلى معركة القلمون و»غزوة عرسال»، فرض حصار على الجرود سواء من الجانب السوري أو اللبناني، عند أطراف بلدة عرسال، في إطار خطة لفرض طوق على مسلحي التنظيمات الإرهابية، والتضييق عليهم مع فصل الشتاء، ومنع تسللهم إلى القرى اللبنانية.

إلا أن السؤال الأبرز أمام كل ذلك: كيف تمكن «داعش» من استقدام مسلحين وقضاة شرعيين من حمص إلى جرود عرسال و»القلمون الغربي» (أي جرود القلمون المحاذية لجرود عرسال) مع إمداداتهم؟ مصادر مطلعة كشفت لـ»الأخبار» أن الحديث عن «حصار» للمسلحين في الجرود «مصطلح مبالغ فيه»، سواء من الجانب السوري أو اللبناني. والدليل على ذلك وصول المسلحين مع عتادهم الكامل إلى الجرود، والتوقيفات الأمنية في المناطق اللبنانية، «وإذا كان هؤلاء تحت الحصار، فكيف تمكنوا من الخروج من ذلك الطوق؟».

الجواب على ذلك ليس بالأمر الصعب، بحسب ما تؤكد المصادر التي تصف الأمر بكل بساطة بأنه «تهريب من خلال معابر عدة غير محكمة الإقفال، تمتد من ريف حمص وقرى متصلة بالبادية السورية، وصولاً حتى الحدود اللبنانية ــ السورية وجرود عرسال». وتكشف المصادر لـ»الأخبار» أن أبرز المعابر التي لجأ إليها مسلحو «داعش»، في انتقالهم من ريف حمص إلى القلمون، تتم عبر قرية شمسين الواقعة قرب تقاطع شنشار عند خط دمشق ــ حمص الدولي، وهي إحدى القرى المتصلة بالبادية السورية والتي لا تبعد عن جبلة حسيا سوى بضعة كيلومترات، ويمكن بعدها للمسلحين الولوج بسهولة نحو جرود القلمون». الأمر نفسه بالنسبة إلى أحد معابر خراج بلدة البريج السورية المتصلة أيضاً بالبادية السورية من ناحية الشرق. وقد كشفت المصادر أن معلومات ترددت قبل عشرين يوماً عن «توقيف مدنيين وعسكريين في البريج للاشتباه في تورطهم في تهريب مسلحين من تنظيمات إرهابية».

إقفال معابر عند

أطراف عرسال لا يفي بالغرض ما لم يشمل منطقة وادي حميّد

في بلدة رحيبة القلمون (شمال بلدة قارة السورية وتبعد عنها نحو 15 كلم)، واقع جغرافي يناسب تسلل المسلحين، من معابر جبلية ووديان، ويمكن التنقل في ما بينها بسهولة بواسطة سيارات رباعية الدفع، للوصول إلى جرود بلدة قارة وبالتالي الوصول بسهولة إلى جرود عرسال.

كل تلك المعابر يحفظها المهربون العراسلة «عن ظهر قلب»، ويلفت أحدهم «الأخبار» إلى أن «كميون تهريب المازوت سابقاً (قبل الأزمة السورية) كان ينطلق من جرود عرسال عبر طرقات ومعابر التهريب، قاطعاً ما يقارب 300 كلم ليصل الحدود السورية ــ العراقية، ويعود أدراجه بالمحروقات». المصادر نفسها تكشف أن ثمة معابر أخرى لا يزال في الإمكان الاعتماد عليها في تهريب المسلحين وإمداداتهم، وهي تربط بين القلمون الغربي والشرقي، وخصوصاً منطقة القسطل (جنوب مدينة النبك بحوالى عشرة كيلومترات)، وهي عبارة عن وديان ومعابر كثيرة ومتشعبة ومتصلة بالقلمون الغربي والشرقي المتصل من جهة ثانية بالبادية السورية». وتجدر الإشارة إلى أن محاولات حثيثة بذلتها المجموعات المسلحة لإعادة السيطرة على مواقع ونقاط وقرى خسرتها في معارك سابقة مع الجيش السوري وحلفائه، مع ما يتخلل ذلك من محاولات تسلل وتهريب للمسلحين والعتاد العسكري والمؤن.

منطقة التواصل الجغرافي بين القلمون والغوطة الغربية للعاصمة السورية والزبداني، مع جرود الجبّة وعسال الورد والسحل، لا تزال تشهد اشتباكات بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة، في وقت أشارت فيه المصادر إلى أن تلك المعابر لم تقفل بالكامل، وأن إقفالها يرتبط فقط بالثلوج والجليد مع أيام الشتاء المقبلة.

هذا من الجانب السوري، فماذا عن الجانب اللبناني؟

تشير مصادر عرسالية إلى أنه على رغم إقفال الجيش اللبناني بعض المعابر عند أطراف عرسال، «إلا أن ذلك لا يمكن أن يفي بالغرض المطلوب من الحصار ما لم يشمل طوق الجيش الفاصل بين البلدة والجرود منطقة وادي حميّد. وتكشف المصادر نفسها أن وادي حميد «ليس جروداً بل هو أشبه بحي من أحياء عرسال السكنية، وفيه ما يقارب 200 وحدة سكنية، ويضم ثلاث محطات محروقات ومتاجر مختلفة تشهد حركة ووجوداً للمسلحين فيها، فضلاً عن إفادتهم من كل ما هو موجود في المنطقة التي يدخلها المازوت وأنواع المؤن على اختلافها».