أعادت العملية العسكرية النوعية التي نفذها «حزب الله» ضد العدو الاسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، الوهج للمقاومة لدى كثير من التيارات الاسلامية، كما أعادت تصويب البوصلة والنظرة باتجاه هذا العدو.
هذه العملية ساهمت في تخفيف الاحتقان السائد لدى التيارات الاسلامية ضد «حزب الله» على خلفية مشاركته في المعارك الدائرة في سوريا.
لم تستطع التيارات الاسلامية القفز فوق الانجاز الذي حقّقه «حزب الله» من خلال عمليته العسكرية في الجنوب، وهي بالرغم من خلافها الجوهري معه، لكنها وجدت أن الرد على العدو الاسرائيلي كان مطلوبا، وأنه مهما بلغت الخلافات، سواء الداخلية منها أو بما يتعلق بالربيع العربي، فان ذلك لا يجوز أن يُنسي الجميع وجود الكيان الغاصب المحتل لأرض عربية وإسلامية.
لم تتفاوت كثيرا آراء الاسلاميين حول عملية «حزب الله»، فاسرائيل بالنسبة لهم هي شر مطلق ولا حرمة لها، أما الذين لا يريدون تغطية «حزب الله» في هذه العملية فقد آثروا عدم الكلام على الهجوم عليه.
وفي هذا الاطار، يرى الشيخ مالك جديدة أن العدوان الاسرائيلي على «حزب الله» او على أي جهة لبنانية «يعطي مبررا للرد على عدو مغتصب للأرض والمقدسات. ولا حرمة طبعا لهذا العدو».
ويقول إن «قيادة حزب الله درست النتائج وسألت نفسها عما إذا كانت تحقق افضل الأهداف، أم أنها تجلب الخطر على البلد. وما قامت به المقاومة هو حق طبيعي تجاه ما رأيناه من اعتداءات من الصهاينة على قيادات حزب الله، وهو ما يعطي الحزب حق الدفاع عن نفسه وعن عناصره، وتحديدا في هذا الوقت حيث يحاول العدو ان يرينا انه المتفرد في القوة».
ويقول رئيس «جمعية دعوة العدل والاحسان» الشيخ الدكتور حسن الشهال: «كنت آمل أن تكون العملية أكبر وأعنف، لكنها تأتي ضمن المستطاع، ولا يجوز أن تخترق إسرائيل سماءنا وتعتدي على أراضينا من دون أن يرد عليها أحد، وأعتقد أن اختيار حزب الله لمنطقة مزارع شبعا هو اختيار ذكي عسكريا، لأنها منطقة محتلة، الأمر الذي لم يسمح لاسرائيل إلا برد محدود، لكن العتب على النظام السوري لأن العدوان حصل على أرضه ولم يرد».
ويؤكد شيخ قراء طرابلس بلال بارودي أن «من أراد أن يرفع الظلم عن الأمة العربية ويعيد البوصلة الى مكانها الأساسي، فليفتح الجبهة على إسرائيل»، معتبرا أن «أشرف عمل هو أن يستشهد المرء في قتاله ضد أعداء الانسانية والأنبياء العدو الصهيوني، وأسوأ شيء أن يموت المرء وهو يساعد ظالم على قتال شعبه».
ويضيف: «إن عودة المقاومة من الجبهات السورية الى جبهة شبعا اللبنانية المحتلة هي إعادة البوصلة للهدف الحقيقي للمقاومة».
ويرى رئيس «جمعية الأخوة الاسلامية» الشيخ صفوان الزعبي أن هناك إجماعاً لبنانياً على كون العدو الاسرائيلي «هو الخطر الأول على لبنان ككيان وكوجود، فضلا عن كونه يستهدف بمشاريعه التوسعية العرب والمسلمين، ولا يخفى على عاقل أن الصراع مع هذا العدو لن ينتهي الا بانتصار أحد الطرفين».
ويقول: «إن العملية الأخيرة لحزب الله تأتي في هذا السياق، ويبقى على الحزب تحصين الساحة الداخلية، وهذا ما بدأه بحواره مع تيار المستقبل على أمل أن يتوسع هذا الحوار ليشمل كافة الأطراف اللبنانية ولا يستثني أحدا. لأن أهم ما نواجه به هذا العدو المجرم الذي لا يقيم لدين ولا خُلُق وزنا هو وحدتنا الداخلية، كما على بقية الأطراف السياسية اللبنانية التصرف بمسؤولية ووعي تجاه الصراع مع هذا العدو والتصرف على أساس انه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبعد انتهاء المعركة لكل حادث حديث».
ويقول الشيخ نبيل رحيم: «إن دولة إسرائيل شر مطلق، وفي النهاية مهما حصل من خلافات وقضايا تتعلق بالربيع العربي، لا يجوز أن ننسى أن إسرائيل هي كيان محتل ومغتصب لأرض عربية وإسلامية، وخصوصا القدس وهي مدينة لها أهميتها الاسلامية كما في سائر الأديان السماوية. لذلك نحن مع أي مقاومة ضد المشروع الصهيوني ومع الرد على أي اعتداء تقوم به إسرائيل. كما أننا مع أي عملية عسكرية تستهدف الكيان الصهيوني لردعه عن اعتداءاته ولتحرير الأراضي المحتلة».
ويرى الشيخ عضو مجلس إفتاء عكار هارون الحاج «أننا كتيار سلفي وعلى صعيد وطني وإسلامي نؤيد أي عمل ضد العدو الصهيوني. ولا يمكننا أن ننكر أننا مسرورون بهذه العملية التي نفذتها المقاومة، ونحن مع المقاومة حتى تحرير آخر شبر من أراضينا المحتلة إضافة الى دحر العدو من أرض فلسطين، ولكننا في الوقت نفسه نؤيد رأي العقلاء الداعي الى عدم تدخل حزب الله في سوريا، وترك الشعب السوري يقرر مصيره».