Site icon IMLebanon

كيف ينظر الإسلاميون إلى «عاصفة الحزم»؟

لا يختلف أي من الإسلاميين، على تنوع توجهاتهم، بأن الطائرات العربية التي تجوب سماء اليمن اليوم، كان الأولى بها أن تجوب سماء فلسطين المحتلة التي يستغيث شعبها قبل أكثر من 70 عاماً، ويواجه شتى أنواع المجازر والقتل والقهر والإذلال التي يمارسها العدو الاسرائيلي.

هذا الموقف الذي يُطلق في المجالس الخاصة لدى الإسلاميين لا يظهر الى العلن سوى لدى الأقلية منهم، لأن السياسة المحلية والإقليمية وبعض المصالح هي التي تتحكم بالمواقف الناتجة من سنوات من التحريض المذهبي في المنطقة عموما، وساهمت في تبديل وجهة البوصلة لدى أكثرية الاسلاميين.

لا يستطيع الاسلاميون إلا أن يقفوا الى جانب السعودية، حتى ولو كانوا غير مقتنعين بالمعركة التي تقودها، وفق أحد المشايخ، الذي يشير لـ «السفير» إلى أنّ «المملكة تشكل الضمانة للأمة أولا، وإن أكثرية التيارات الاسلامية الأصولية والسلفية تربطها بقيادتها الكثير من المصالح التي لا تستطيع أن تتخلى عنها».

أمام هذا الواقع، جاءت أكثرية المواقف الإسلامية داعمة لـ «عاصفة الحزم»، بينما تباينت بعض الهيئات في مواقفها بين الدعوة الى عدم الانزلاق الى صراعات عسكرية تستنزف قدرات الأمة التي يجب أن تحتشد لمواجهة العدو التاريخي إسرائيل، مع تأكيد دعم التوجهات السعودية، وبين انتقاد الموقف السعودي ورفض هدر الدماء وخوض أي معركة يقودها العرب ضد العرب.

وحده «حزب التحرير» غرّد خارج سرب الإسلاميين واعتبر أن ما يجري في اليمن هو صراع بين أميركا وأتباعها وبريطانيا وأتباعها، وأن كلاً من الطرفين يستخدم أسلوبه ووسائله. ورأى الحزب، في بيان، «أن طائرات حكام العرب وبوارجهم تحركت إلى غزو اليمن بدلاً من غزو يهود، ويهود أقرب إليهم من سبأ، وشر البلية أن يقال في ‏المبررات إنها لحماية قبلة المسلمين مع أنها غير محتلة، وأن تترك قبلة المسلمين الأولى وهي محتلة تصرخ وتستغيث»، مشيرا الى أنّ «الطائرات تتحرك إلى اليمن ‏لخدمة مشاريع الكفار المستعمرين، ولا تتحرك لإنقاذ الأرض المباركة التي يحتلها أشد الناس عداوة للمسلمين».

وأكّد «حزب التحرير» أن «فلسطين أرض الإسراء والمعراج أولى القبلتين تستغيث الحكام فلا يغيثون، وتستنصر بهم فلا ينصرون، ولكنهم يهرولون خانعين لتنفيذ مصالح الكفار المستعمرين، فلا ترى طائراتهم ودباباتهم وبوارجهم متحركة ‏في وجه أعداء الإسلام والمسلمين، ولكنها تصحو وتزمجر بإشارة من بنان دهاقنة السياسة».

من جهتها، رأت «هيئة علماء المسلمين» أن «الأمة تتعرض منذ فترة لاعتداء وقح يستهدف دينها وأمنها واستقرارها وخيراتها، تقوده إيران التي تتمادى في اضطهاد الشعوب المسلمة بالتعاون مع من كانت بالأمس تصفه بالشيطان الأكبر»، معتبرة أن «من واجبات الأمة دفع الفساد الذي تقوم به إيران وأدواتها من باب رد الصائل المعتدي».

كما أبدت «الجماعة الإسلامية» في لبنان «أسفها لما آلت إليه الأمور في اليمن الشقيق»، معتبرة، في بيان لمكتبها السياسي، أن «الحملة العسكرية هي نتيجة طبيعية لإصرار فريق الحوثيين على المضي قدماً في استخدام السلاح لفرض إرادته على بقية الأفرقاء».

ودعا رئيس «جمعية الأخوة الاسلامية» الشيخ صفوان الزعبي الى «عدم الانزلاق الى صراعات عسكرية تستنزف طاقات الأمة وتشمت بها الأعداء وتجعلها لقمة سائغة للعدو الخارجي الذي يتربص بها الدوائر»، مؤكداً «المكانة الخاصة للسعودية كشقيقة كبرى، وأن الحفاظ على أمنها واستقرارها واجب ديني وقومي»، داعيا الشعب اليمني الى «إدراك هذه الخصوصية والتعامل مع المملكة من هذا المنطلق».

من جهته، أبدى الأمين العام لـ «حركة التوحيد الإسلامي» الشيخ بلال شعبان رفضه للتدخل السلبي في أي بلد عربي، منتقداً بشدة العلماء الذين يفتون بهدر الدماء، معتبرا أن كلفة المصالحة والحوار أقل بكثير من كلفة الحرب. ويقول لـ «السفير» إنه «لم يعد هناك من بلد عربي آمن، لذلك فنحن لسنا مع المعارك، ولسنا مع القتل، بل مع التوافق الداخلي ضمن كل بلد، ولو ترك لليمنيين أن يتوافقوا لكان انتهى الأمر، لكن التدخلات السلبية هي التي أدت الى ما أدت إليه في سوريا ولبنان والعراق ومصر وليبيا».

ويضيف شعبان «ان القصف في كل مكان حرام، وقتل المدنيين الأبرياء في كل مكان حرام، فالعرب منذ 76 عاماً يتشدّقون بخيار السلام الاستراتيجي مع العدو الصهيوني، ويطرحون المبادرة تلو المبادرة».