بات الحوار المرتقب بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، حدثاً أبرز ينتظره اللبنانيون عيدية لهم في زمن الاعياد لتخفيف الاحتقان الداخلي وعلى أمل التفاهم المبدئي على اساسيات من شأنها ان تمنح اللبناني فترة من الاستقرار، وربما يرافقه حوار مسيحي – مسيحي وجو اقليمي ودولي مؤاتيان فتجتمع العوامل جميعا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ولكن الى اي مدى يمكن الحوار المنتظر ان يساهم في الحد من “الجنون الطائفي” ما دامت عوامل التوتر لا تزال موجودة، ولعل ابرزها مشاركة “حزب الله” في الحرب السورية وهذه قضية بات مؤكداً انها لن تكون في جدول اعمال الحوار مع “تيار المستقبل” لانها ترتبط بقضايا اقليمية اكبر من لبنان. كيف ينظر الفريق الاسلامي “غير المستقبلي” الى هذا الحوار؟ هل يؤيده ويباركه ويأمل في نجاحه؟ ام انه يقف موقف المشكك فيه والعالم سلفا بنتائجه التي ستكون لمصلحة حزب الله كما يقول بعض الاسلاميين؟
ينقسم الاسلاميون حول هذا الحوار. قسم أول تمثله “الجماعة الاسلامية” ومعها بعض مشايخ السلفية على رأسهم الشيخ نبيل رحيم مؤيد للحوار لانه “السبيل الوحيد للتفكير بعقلانية في سبل حماية البلد، والحد من تأثير النار السورية فيه”، ويقول رئيس المكتب السياسي لـ”الجماعة الاسلامية” في لبنان عزام الايوبي لـ”النهار”: “لا نرى مشكلة في هذا الحوار في المبدأ، فنحن نؤمن بان الحوار هو السبيل الافضل لحل الخلافات السياسية بين الافرقاء لكننا نخشى ان يكون حواراً غير جدي يتجنب البحث في العناوين الاساسية التي يحتاج اليها الواقع اللبناني للخروج من ازمات تهدده، او ان يكون مظهرا لتهدئة النفوس موقتا ريثما تنجلي الملفات التي يراهن عليها اقليميا”، ويلفت الايوبي “الى ان هذا الحوار لا يمكن ان يختصر بقية المكونات السياسية وانما يمكنه العمل على تمهيد الطريق لحوار وطني شامل ليس الا”.
اما الشيخ رحيم فيرى الى الحوار بعين ايجابية، متمنياً لو انه حصل منذ زمن لكنا وفرنا على البلاد مشكلات عدة، وان تكتب له الخاتمة السعيدة على قواعد العدل لانه اكثر ما نفتقد في لبنان، وهو الاساس لتحقيق مصالح الناس”، ويشير الى “صعوبة البحث في مسألة انسحاب الحزب من سوريا لانه يعتبر معركته هناك معركة حياة او موت”. فاذا كان المقصود اخراجه من الوحل السوري فهذا لن يحصل، لذلك نأمل من هذا الحوار ان يبعد المشكلات عن لبنان ويخفف من الفتنة السنية الشيعية، وان تعمل جميع القوى السياسية لرفع الظلم وتحقيق العدل بين الناس”.
اما الفريق الآخر فيمثله عدد من مشايخ “هيئة العلماء المسلمين” ومعهم جزء واسع من مشايخ السلفية ايضا، وهو غير محبذ لهذا الحوار. يعتقد اصحاب هذا الرأي وفق ما ابلغوا “النهار” ان “هذا الحوار سيكون مدخلا الى مزيد من التنازلات يقدمها “تيار المستقبل” لمصلحة “حزب الله”، وهو الذي دخل مع الحزب في تسوية منذ تشكيل الحكومة الحالية أدت الى دفع الشارع الاسلامي الثمن، والدليل الاعتقالات الطائفية التي سادت لبنان، شملت المئات من الشباب السني المؤيد للثورة السورية، في حين لم تستطع الحكومة ان تردع “حزب الله” وتمنعه من القتال الى جانب الجيش السوري بكل عتاده وقواه العسكرية”.
ويسأل هذا الفريق عن النتائج التي ستخرج عن اللقاء بين المستقبل وحزب الله قائلا: “نظرا الى التجارب السابقة ستكون النتئاج كارثية على مستوى الطائفة السنية التي لم يستطع اي من سياسييها ان يكون فعلا حاميا لها ومدافعا عن حقوقها”.
فأي الفريقين على صواب؟ الاجابة رهن بنتائج الحوار.