Site icon IMLebanon

كيف يقرأ مصدر ديبلوماسي الواقع والحوار والنتائج؟!

حظيت جولة «الحوار الوطني» الثانية، الأربعاء الماضي، بمتابعات ديبلوماسية لافتة، ركزت بالدرجة الأولى على الأجواء التي سادت الجلسة، وعلى النقاشات التي دارت بين العديد من مكونات طاولة الحوار، خصوصاً حول بند الإستحقاق الرئاسي الذي استحضر بند «تعديل الدستور». وما آلت إليه هذه النقاشات لجهة إقفال أي بحث حول تعديل الدستور، قبل إنجاز الإستحقاق الرئاسي؟!

كما وفي ظل الغموض الذي يسيطر على الأوضاع في المنطقة، من اليمن الى العراق الى سوريا… وتداعياتها الواقعية على لبنان، الذي بات في صلب هذه التحولات سياسياً واقتصادياً، وإن حافظ على الحد المطلوب من الإستقرار الأمني… على خلفية يكررها على الدوام وزير الداخلية نهاد المشنوق لجهة «إن لبنان ليس جزيرة منعزلة عن المحيط». على ما أكد ذلك في جلسة الحوار الثنائي بين « المستقبل» و «حزب الله» برعاية الرئيس نبيه بري، قبل يوم من طاولة «الحوار الوطني».

طوال الأيام الماضية، تلقى الرئيس نبيه بري عشرات الإتصالات من مرجعيات ديبلوماسية في لبنان، تسأل عن إمكان توصل طاولة الحوار الى خلاصات إيجابية حول البنود المطروحة، وفي طليعتها بند رئاسة الجمهورية، ومعرفة ما إذا كان بالإمكان الوصول الى قواسم مشتركة تسقط «الشروط» و «الشروط المضادة» وتهيئة المناخ لانتخاب رئيس الجمهورية – في ظل ظروف إقليمية بالغة التعقيد و «الغموض» – يساعد على تجنيب لبنان الوقوع في المزيد من الأزمات؟!

مصدر ديبلوماسي قال لـ «الشرق«، إن خلاصة ما تجمع لديه من معطيات من أكثر من طرف مشارك في طاولة الحوار، وفي طليعتهم الرئيس نبيه بري- لا تشجع على القول «إن قطار الحل قد وضع على السكة الصحيحة، وإن إختلفت الأجواء نسبياً عن الجلسات السابقة…» .

لافتا الى «أن ما سمعه من الرئيس بري عن الأجواء التي سادت «يخالف تماماً الأجواء والسجالات خارج قاعة الحوار، الثنائي بين «المستقبل» و «حزب اللّه»، أو خارج قاعة «الحوار الوطني» الشامل…

وبسؤال المصدر الديبلوماسي عما إذا شعر بأن الأجواء باتت مهيأة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي في وقت قريب، وتجنيب لبنان المزيد من الأزمات، أجاب: «ليس جديداً القول ان الأزمة – الأزمات التي يعيشها لبنان، هي في معظمها سابقة لأزمة الشغور الرئاسي، ولا علاقة لها، لا من قريب ولا من بعيد بهدا الشغور، وإن كان يبني البعض عليه ليبرر هذا الواقع الذي آل إليه لبنان… وبالتالي فلا ضمانات بأن إنجاز الإستحقاق الرئاسي كفيل بإخراج لبنان من أزمته، مادامت المنطقة مشتعلة…».

لا ينكر المصدر الديبلوماسي «الدور المطلوب وبإلحاح للرئيس نبيه بري… الذي إستطاع أن يخفف أكثر ما يمكن من الإحتقانات السياسية، وغير السياسية… وهي مسألة  لم ترق للبعض، من العاملين على تزكية الصراعات في الشارع، والإنتقال بلبنان الى لائحة الدول المشتعلة في الداخل..»؟! وهو – أي المصدر، نبه من خطورة الإنزلاق  وراء الشائعات، والبناء على حوادث فردية… فتفويت الفرصة على هؤلاء هو إنجاز في حد ذاته يعادل إنجاز الوفاق الوطني…».

وهل من بديل عن مبادرة بري الحوارية؟! يقول المصدر: «لا بديل عن مبادرة بري إلا الحوار سعياً وراء الوصول الى إتفاقات تفضي الى تفاهمات وتوافقات وحلول تخرج لبنان من هذا الذي هو فيه… لكن المسألة تحتاج الى وقت… قد يمتد الى أربعة أو خمسة أو ستة أشهر، أقل أو أكثر قليلاً…»؟!، ولا صحة للقول «بأن الوقت بدأ يضيق، ولا مجال للأخذ والرد…»، خصوصاً إن ما يجري في لبنان، هو في جزء منه نتاج «التركيبة اللبنانية الخاصة، المهيأة لاستيراد ازمات وتحالفات واصطفافات الخارج وتفعيلها في الداخل والبناء عليها…».

صحيح أن جلسة حوار الأربعاء «كانت أكثر هدوءاً وعقلانية من الجلسات السابقة»، إلا أنها غير كافية للبناء عليها خلاصات تفضي الى إخراج لبنان من أزمته،بعيداً عن التطورات الدولية – الإقليمية العربية… حيث تكثر السيناريوات وتتعدد…»

 هذا مع الإشارة الى أن «الحديث عن تغيير في بنية النظام اللبناني، على ما يدعو البعض، ليس الوقت وقته…»؟! لاسيما وإن «المحاور الجديدة التي تنشأ في المحيط الإقليمي، عززت من قناعة كثيرين بوجود التريث وترك مسألة أي  «تغيير في النظام» الى ظروف أكثر ملاءمة…

في قناعة المصدر الديبلوماسي «انه، وإن كان الوقت بدأ يضيق ويضغط، إلا أن ذلك لا يعني، ويجب ألا يعني أن يخرج اللبنانيون من ثيابهم… فأي حركة غير مدروسة قد تفضي الى نتائج بالغة الخطورة… من هنا أهمية الحوار الجاري، الذي هو البديل المنطقي والمعقول لأي خيارات أخرى…»؟ وإن كان من الصعب ضبط الأفرقاء اللبنانيين (الأساسيين) تحت سقف سياسي – إعلامي معقول، يحفظ لكل فريق قناعاته، وفي الوقت عينه يجنب دفع لبنان الى إنزلاقه، الرابح فيها خاسر والخاسر فيها خاسر…» على ما ختم المصدر..