IMLebanon

كيف برّر جعجع ظهور زهرا بالسلاح؟

خطف سحور الساعات الثلاث الذي جمع الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع في بيت الوسط، في حضور رئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم الرياشي ومستشار الحريري غطاس الخوري، الأضواء من التحليلات العديدة والمتناقضة حول عملية القاع، التي غلب على معظم قراءاتها الطابع «السياسي»، بحيث يحاول كل فريق توظيف الاعتداء الارهابي غير المسبوق لترجيح كفّة خياراته لا سيما تلك المتعلقة بصوابية تدخل أطراف لبنانيين في الحرب السورية أم لا، وبكيفية التعاطي مع ملف النزوح وغيرها، ما يفتح الباب أوسع أمام قراءات أكثر تشعّباً.

السحور الذي كان كفيلاً بكسر حائط الجليد الذي ارتفع بين الرجلين وبلغ ذروته على ترشيحات الرئاسة، دون ان يعيد الدفء الى العلاقة بين الطرفين او يبدد الشوائب التي تعتريها، تزامن مع موقف لافت يكاد يكون الاول من نوعه بهذا الوضوح مع اقرار «الحكيم» بانه «في حال توصل الافرقاء السياسيون الى اتفاق حول قانون انتخابي جديد اعقبه تعهد علني بالذهاب مباشرة بعد الانتخابات النيابية الى انتخاب رئيس جمهورية، فان القوات تؤيد والحال هذه، اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية»، في رد قد يكون مباشرا على مضمون اللقاء،الذي خرج بعموميات دون ان يتوصل الى حل اي من الخلافات، باستثناء تطابق وجهات النظر الى حد كبير حول احداث القاع.

مصادر وثيقة الاطلاع على الاتصالات الجارية اشارت الى ان التقارير التي رفعتها القيادتان الامنية والعسكرية فرضت ايقاعها على الحركة السياسية خلال الساعات الماضية، وسط المخاوف الجدية من اهتزاز الامن مجددا مع عودة شبح التفجيرات الارهابية ووصول البلاد الى مرحلة من اللااستقرار تهدد بانهيار هيكل الدولة ، مدرجة السحور الرمضاني الذي جمع الحريري وجعجع، تحت هذا العنوان، مؤكدة ان السحور جاء بديلا من الافطار الذي كان يزمع الرئيس الحريري اقامته لمكونات فريق الربع عشر من آذار.

ورأت المصادر ان التطورات التي حصلت على الارض عقب «اثنين القاع الاسود»، وما رافقها من مواقف متوترة وحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، حتمت سرعة اللقاء، خاصة ان القراءة السياسية للبعض والمستندة الى بعض المعلومات الامنية، القائلة ان التوتر الذي تشهده العلاقة المسيحية – السنية، مع انضمام القوات اللبنانية الى التحالف العوني وابتعادها عن المستقبل، دفع بالمجموعات المتطرفة الى تغيير بنك اهدافها واستراتيجيتها، مستهدفة الشارع المسيحي عبر عمليات لا يمكن لهذا الشارع تحملها ما سيخلق ردات فعل مضادة. من هنا فان ما حصل في القاع يمكن وضعه في هذا الاطار، خاصة مع ظاهرة انتشار السلاح المتفلت، والذي تحجج جعجع عند سؤال الحريري له عن ظهور النائب زهرا بالسلاح بأن الصورة كانت ضرورية ورمزية، والخوف من جهات تدخل على الخط لاشعال الاوضاع بين القاع والمخيمات في مزارعها، على خلفية عمليات انتقامية.

من هنا ترى المصادر أن لقاء الحريري – جعجع اكتسب أهمية خاصة لأنه أعقب الحدَث المحوري الذي تمثّل في تفجيرات القاع المسيحية والحاجة الى تدعيم «شبكة الأمان» الوطنية خشية استغلال مثل هذه العمليات لإحداث شروخ طائفية من جهة، كما انه جاء في غمرة مساعي تحقيق اختراق في المأزق الرئاسي وفق إطارٍ للحلّ حدّده الرئيس نبيه بري و«حزب الله» من خلال طرح «السلّة الكاملة» التي تجعل الإفراج عن الرئاسة متلازماً مع تَوافُق على قانون الانتخاب والحكومة الجديدة رئيساً وتوازناتٍ، ما يستلزم تقدُّم الرابع عشر من آذار في اتجاه هذا الطرح بموقف موحّد يمنع اي استثمار للفراغ في الرئاسة الاولى باباً للالتفاف على اتفاق الطائف.

اللقاء الذي لم يتخلله أي عتاب، والذي بدأ وجدانيا بالحديث عن الصوم والسحور، قبل ان ينتقل مباشرة الى أحداث القاع المتشعبة من الملف الاساسي، لم يحل دون طرح معضلة البحث عن حل لرئاسة الجمهورية، حيث تحدث الرجلان بصراحة كاملة عن مخاطر الاستمرار بالفراغ الرئاسي واعتبر جعجع أن ايران وانطلاقا من قرار استراتيجي ستبقي على تعطيل الرئاسة هنا وربطها بالرئاسة في سوريا. وتشير المصادر الى ان رئيس القوات حاول اقناع الحريري بالانتقال الى ضفة مؤيدي ترشيح النائب ميشال عون كمخرج وحيد لانهاء الفراغ الرئاسي، لكن الاخير وبعد نقاش مطول ومعمق خلص الى التأكيد انه مستمر في تأييد ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ما دام مرشحاً. أما في قانون الانتخاب، فتمسك الزعيمان بالقانون المختلط المتفق عليه بين «المستقبل» و«القوات» و«الاشتراكي» على أن يشكل قاعدة للتفاوض مع الآخرين.

بكل الاحوال لم تغب الرابية عن صورة السحور الذي حضرته دون ان تشارك فيه، اذ شوهد امين سرّ تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان مع رياشي في مقهى «Lina’s» في «ABC» ضبيّة، وهما يتحدّثان، قبل ان ينتقلا لاحقا الى الرابية لوضع العماد عون في مناخ السحور وما تخلله من بحث في الملف الرئاسي تحديدا، وتم تفنيد المواقف على مشرحة البحث واستخلاص النتائج، علما ان زوار الرابية كانوا نقلوا اخيرا معلومات تفيد بان العماد عون بات على شبه قناعة بأن مدة الانتظار شارفت على نهايتها وضروري البحث عن مخرج للاستحقاق سريعاً، رغم تساؤلات اوساط سياسية عن الرّسائل التي حملها رياشي.

ماذا تعني مجموعة اللقاءات التي حفلت بها الساعات الاخيرة بين مكونات سياسية لم تكن العلاقات في ما بينها في المرحلة الماضية على افضل ما يرام؟ وما الذي حتّم عودة مياه التواصل الى مجاريها بعد نفور ظاهر واكثر، ان بين حركة امل والتيار الوطني الحر اللذين التقيا في عين التينة وتوافق رئيسيهما على النقاط المختلف عليها لاعطاء فرصة لتأمين الاستقرار في البلاد، او بين رئيسي تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية سمير جعجع الذي يؤدي دور همزة الوصل بين التيارين الازرق والبرتقالي، في سحورهما؟