كم حك النائب خالد الضاهر على جراح من كان ولا يزال يتطلع الى تفسيخ وتفتيت قوى 14 اذار، بعدما فشل في زرع فتنة مذهبية بينها وبين معظم العائلات الاسلامية، لان الانتقاد الغبي الذي صدر عن الضاهر، قد صب في مصلحة من يتطلع الى لعب الورقة القائلة ان مسيحيي الثورة الاستقلالية الثانية غير قادرين على الصمود في تحالفهم مع السنة بعكس ما هو حاصل بين بعض المسيحيين ومعظم فاعليات الطائفة الشيعية من دون حاجة الى تفسيرات مغايرة لهذا الواقع الصعب الذي لا مجال للتخفيف من وطأته (…).
الذين اشتغلوا على ضرب التفاهم داخل تيار المستقبل قدم لهم النائب خالد الضاهر ما لم يكونوا يحلمون به. وهو عندما اعطاهم السبب للفرقة المادية والمعنوية بين نائب ظل صلبا في تماديه الخلافي مع قوى 8 اذار، لذا ليس من المقبول ان يحصل خلاف بينهما مهما اختلفت الاعتبارات التي لا تزال غير ناضجة، في رأي جميع من رافق تطورات الايام القليلة الماضية، حيث كان ولا يزال بالامكان اصلاح الخلل ليس لان الضاهر قد يفقد نيابته بعيدا من تيار المستقبل، بل لان ما صدر عنه يعبر عن وجهة نظر اكثر من جهة سياسية وشعبية!
هذا الكلام ليس القصد منه طي صفحة الخلاف بين الضاهر وبين من ابتعد عنهم، بل لان الظروف لا تسمح بأي ترف سياسي القصد منه ضرب وحدة الصف في زمن لا يحتمل اي تأويل ومن غير حاجة الى سؤال من اقترح ابتعاد الضاهر موقتا او نهائيا عن تيار «المستقبل»، بما في ذلك ابعاد «المستقبل» نهائيا عن ان يكون الضاهر من ضمن تركيبة هذا التيار او ذاك، طالما هناك حاجة الى تفاهم لا يفهم منه ان الغرائزية هي التي تتحكم برجالات لبنان من ذوي اللون الواحد؟
ان مجال اكتساب هذا النائب او ذاك صعب للغاية، بقدر ما يجوز القول ان الفرقة صعبة طالما هي مستحيلة، خصوصا ان سقطات اللسان مبنية على شعور وطني بان الرجل يتحدث عما تشعر به غالبية معينة ذاقت الامرين جراء عدم استيعاب مقاصدها المذهبية والسياسية، فضلا عن ان الضاهر سبق له ان ارتكب اكثر من خطيئة بحق الجيش اللبناني حيث انتقد تصرفه في عز المعارك التي كانت تستهدف الجيش لانه يرفع العلم اللبناني (…)
هل نسلم جدلا بان خالد الضاهر هو الوحيد الذي يتصرف بمزاجية مطلقة تحتم اعادة النظر في انتمائه السياسي، وليس من ينسى كم هفوة مرت على لسانه في حديثه عن الجيش وعن مشكلة عرسال بالتحديد، لاسيما ان القوى العسكرية لم تكن في وضع خاطئ بقدر ما كانت ولا تزال بحاجة الى من يقف الى جانبها ويؤازرها، تجنبا لمحاذير تفتيت الصف الوطني المنشغل هذه الايام بما يحتاجه البلد من رأس للدولة، ما يعني ايضا ان طريقة تعاطي الضاهر بعصبية مع ما كان له من مواقف يراها في مصلحة جماعته ومن يتصور انها تحتاج الى من ينطق باسمها؟!
ان ابتعاد البعض عن مضمون التباين بين «المستقبل» والنائب الضاهر، لا يفي بالغرض ان من جانب التيار او من جانب الثاني، كون الالتباس حاصل منذ وقت طويل كما سبق وتحدثنا عن مواقف معترضة للضاهر على ما كان الجيش يقوم به في سياق مهامه الاساسية التي لا بد من توضيحها على الدوام؟
وما يقال عن الضاهر لا يقال مثله عن سواه من ضمن التركيبة السياسية الواحدة الواجب اخذها في الاعتبار كي يبقى الاسود اسودا ولا ينقلب الى العكس عندما تكون حاجة للبعض بان يغرد خارج سربه، وهيهات يوم كان لبنان يعيش الانضباط السياسي في عز المعارضة، بدليل تخلي العميد ريمون اده عن وزراء ونواب كان في امس الحاجة اليهم، لمجرد ان هؤلاء كانوا يتصرفون بعكس ما كانت تمليه تلك المرحلة من تضامن وليس العكس او نصف العكس؟!
وبالنسبة الى قوى 8 اذار من المستحيل القول عنها انها موحدة المواقف والتصرفات، فيما يعرف الجميع ان معظم نوابها يتطلعون الى مصالحهم الشخصية في اي موقف يصدر عنهم، وهؤلاء لو تركت لهم حرية الحركة لما كان تكتل التغيير والاصلاح بقي موحدا، والدليل على ذلك ان التيار الوطني الذي يجمع تحت جناحيه احزابا وتيارات وشخصيات من الف لون ولون، ما كان ليستمر في حال شعر اي نائب او وزير انه مؤهل لان يتصرف على مزاجه والعكس صحيح؟!