IMLebanon

إلى متى يظل لبنان طاولة “بينغ بونغ” ولا يُحسَم النزاع مع إسرائيل حرباً أو سلماً؟

تتساءل أوساط سياسية: لماذا لا يحسم النزاع المزمن مع اسرائيل بحرب لا تتوقف إلا بعد أن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه والدول العربية أراضيها المحتلة، وما دامت اسرائيل تخشى قوة دول “الممانعة” وما تملكه من اسلحة متطورة تستطيع تدمير اسرائيل بها؟ ولماذا لا تسرع الى توقيع اتفاق سلام عادل؟

لقد مر أكثر من ستين عاماً على النزاع مع اسرائيل ولم تحسمه لا الحروب المتقطعة والتي تنتهي بهدنات طويلة أو قصيرة، ولا بمفاوضات كانت عبثية ولا تنتهي الى اتفاق، وما انتهت اليه ظل من دون تنفيذ تنفيذاً دقيقاً كاملاً. لذلك فإن العرب والفلسطينيين هم بين خيارين: إما اعتماد سياسة المفاوضات والديبلوماسية مع اسرائيل إذا كانت توصل الى انهاء النزاع المزمن معها وتحقيق السلام الشامل، وإما اعتماد سياسة الحرب إذا تأكد ان ما يؤخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة.

إن أكثر من ستين سنة مرت على النزاع مع اسرائيل، فلا الشعب الفلسطيني استعاد حقوقه المشروعة ولا استطاع اقامة دولة له يشكل قيامها خطوة أولى على طريق عودة اللاجئين الفلسطينيين اليها أو تحولهم جالية ككل الجاليات التي تخضع لقوانين الدولة التي يقيمون فيها. ولا الدول العربية التي لا تزال اسرائيل تحتل ارضها استطاعت تحريرها وتحديداً سوريا ولبنان على رغم صدور قرارات لا تحصى عن مجلس الأمن الدولي تدعو اسرائيل الى الانسحاب منها، ومن هذه القرارات الرقم 1701 الذي لم ينفذ منه منذ صدوره عام 2006 سوى نشر القوات الدولية والجيش اللبناني على طول الحدود الجنوبية مع اسرائيل ووقف القتال بين “حزب الله” واسرائيل ومن دون التوصل حتى الى اتفاق هدنة. ولو انه تم تنفيذ هذا القرار تنفيذاً دقيقاً كاملاً لما كان لبنان يشهد ما يشهده اليوم وقبله من فعل ورد فعل مع اسرائيل ولا ينتج منه سوى الدمار والخراب وسقوط قتلى وجرحى ثم يعود كل شيء الى ما كان عليه وكأن شيئاً لم يكن…

هذه هي الحال المزعجة والمقلقة التي يمر بها لبنان منذ أن دخل مسلحون فلسطينيون اليه من منطقة العرقوب وتحوّل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ثكناً ومعسكرات، وقد اشعلت حرباً طويلة في لبنان دامت 15 سنة، ولم تتوقف إلا باخضاعه لوصاية سورية دامت 30 عاماً… وظل جنوب لبنان محتلاً من اسرائيل، ولم تتوصل المقاومة الفلسطينية، على رغم تلك الحرب المدمرة والعبثية، الى تحرير شبر واحد من ارض فلسطين المحتلة، بل اضافت اليها جزءاً من الجنوب اللبناني. وقد نجحت المقاومة الاسلامية بقيادة “حزب الله” في تحرير الجزء الاكبر من الارض المحتلة في الجنوب وبقي جزء تحتله اسرائيل وترفض تنفيذ القرار 1701 الذي يدعوها الى الانسحاب منه وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشرقي من قرية الغجر، ما جعل “حزب الله” يحتفظ بسلاحه بدعوى تحرير ما تبقى من الارض اللبنانية المحتلة، وربما الارض السورية المحتلة في الجولان ايضاً إحياء لمعادلة المسارين بين لبنان وسوريا وجعل الجنوب والجولان جبهة واحدة بكلام السيد حسن نصرالله على سقوط قواعد الاشتباك. وبعدما تم ربط حل أزمة لبنان بحل أزمة فلسطين، لم ينفع حتى صدور القرار 425 بفصلهما، بل صار تنفيذه مرتبطاً بتنفيذ القرار المتعلق بالجولان على رغم اختلاف وضع كل منهما.

ومنذ صدور القرار 1701 لوقف حرب تموز 2006 وبقائه من دون تنفيذ، تحوّل لبنان، كما كان من قبل، طاولة “بينغ بونغ” بين اسرائيل و”حزب الله”، وكما كان بينها وبين المقاومة الفلسطينية، أي ضربة بضربة، ولكن خارج الاراضي الخاضعة لهذا القرار حتى الآن، وهي تحديداً مزارع شبعا التي تصر اسرائيل على البقاء فيها بحجة انها أرض سورية وهي في الواقع وباعتراف الأمم المتحدة بالذات أرض لبنانية.

والسؤال المطروح هو: هل بات تحرير الاراضي الفلسطينية واللبنانية والسورية المحتلة من اسرائيل لا يتم إلا بالحرب وان لا أمل في تحريرها بالتفاوض والديبلوماسية؟ إذا كان الامر كذلك فلتقرر دول “الممانعة” المؤلفة من ايران وسوريا ولبنان “حزب الله” والسلطة الفلسطينية ومعها كل التنظيمات الجهادية وكل من يريد الانضمام اليها، إعلان الحرب على اسرائيل ما دام في الامكان تدميرها وازالتها من الوجود كونها مثل بيت العنكبوت، لا أن تظل حرباً بالحكي، علَّ هذه الحرب تفرض السلام الشامل والعادل في المنطقة، ولا يظل تحريرها لعبة “بينغ بونغ” لبنان طاولتها، لعبة لا تنتهي إذا ظلت الضربة يرد عليها بضربة ويستمر التعادل. لكن هل الوقت الآن هو وقت حرب حاسمة يكون فيها غالب ومغلوب ما دامت المفاوضات حول الملف النووي لم تنتهِ بعد لاتخاذ قرار، أم هو وقت الاستمرار في التهديدات الكلامية بالتدمير وازالة طرف الطرف الآخر من الوجود؟