من يُتابع مجريات الأحداث والتطورات السياسية التي تَلت إعلان «ورقة النوايا» بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»، سيجد حكماً أن لا تغيير جوهرياً طرأ على طريقة تعاطي الطرفين مع بقية الفرقاء السياسيين حلفاء كانوا أم خصوماً، أو أسلوب معالجتهما لمختلف القضايا المُثارة على الساحتين المحلية والإقليمية.
حاول بعض الأطراف المحلية تصوير الاتفاق بين «القوات» و«التيار الوطني الحرّ» على أنّه ضربة سياسية موجعة أخرى وجّهها الدكتور سمير جعجع إلى تيار «المستقبل» في عزّ المواجهة القائمة بينه وبين العماد ميشال عون في ملفّي التعيينات الأمنية وعرسال.
قراءة يسخر منها مصدر قريب من «القوات»، قائلاً: «من يستنتج تلك الخلاصة لم يطّلع على بنود الورقة»، مشيراً الى أنّ «البيئة المسيحية كانت بأمسّ الحاجة لهذا الاتفاق، كلّ ما في الأمر أنه من غير المسموح بعد اليوم توجيه الشتائم والسباب بين الطرفين».
أمّا بالنسبة إلى التموضع السياسي، فيقول المصدر لـ«الجمهورية»: «القوات اللبنانية لا تزال في موقعها السياسي، ولن تبدّله، لكن عند الخلاف السياسي سنستعيض عن المواقف العدوانية غير المستحبّة، بالموقف والحجّة السياسية».
ويجزم المصدر بأنّ «إعلان النوايا غير موجّه ضدّ أي طرف، «القوات» في تحالف سياسي لن تحيد عنه، إلّا أنّ ورقة النوايا بعيداً عن التفاصيل اليومية، هدفها تحقيق مصلحة الأجيال المقبلة، وخصوصاً على صعيد المجتمع المسيحي، عبر ترسيخ بعض الثوابت الوطنية والمسيحية، منها: إتفاق الطائف والانتخابات الرئاسية وقانون الانتخابات النيابية».
ماذا عن موقف تيار «المستقبل»؟
مصدر قيادي في «المستقبل» يؤكد لـ«الجمهورية»: «لم نقرأ في إعلان النوايا أيّ رسالة من «الحكيم»، على العكس بنود الورقة جيّدة ومهمة على المستوى الوطني، ونحن نثمّن أيّ تلاق بين الفرقاء اللبنانيين». ويقول: «أهمية الاعلان بالنسبة إلينا تكمن في أنه أخذ مواقف خطيّة من العماد عون حيال أربعة عناوين رئيسة:
أولاً: دعم اتفاق الطائف.
ثانياً: التطلّع الى قانون انتخابي وطني وجامع يرسّخ مفهوم العيش المشترك بين اللبنانيين، ما يعني دفن القانون الأرثوذكسي تماماً.
ثالثاً: الموافقة على ضبط الحدود في الاتجاهين، ومنع تهريب السلاح عبرهما.
رابعاً: الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية قويّ في بيئته، ومقبول من البيئات الأخرى، وفي هذا الأمر اشارة الى قبول عون الضمنيّ بعدم إمكان ترشّحه، والاستعداد للقبول بمرشح توافقي.
في المقابل، يُبدي المصدر بعض العتب على اعتبار أنّ «توقيت اعلان النوايا لم يكن ملائماً، لأنه «بَيّض» ساحة عون في وقت يعطّل العمل الحكومي، من خلال الاصرار على التعيينات العسكرية».
ويقول: «نتفهّم ما أقدم عليه حلفاؤنا، البيئة المسيحية تنتظر منذ مدة طويلة هذه الصورة المشرقة للتلاقي المسيحي – المسيحي، لكن في نهاية الأمر، «القوات اللبنانية» لن تبدّل إطلاقاً ثوابتها السياسية وحلفها راسخ معنا، ومع بقيّة مكوّنات «14 آذار».
وينقل المصدر عن جعجع عند استقباله وفد «المستقبل» النيابي، تأكيده أنّ «القوات اللبنانية ليست فقط جزءاً أساسياً من «14 آذار»، بل أنا «18 آذار»، فأجابه النائب احمد فتفت على سبيل الدعابة: إذا كان الأمر كذلك «حكيم»، فأنا مُتقدّم عليك لأنني من مواليد «28 آذار».