من اختصاص الكمبيوتر وبرامجه، انتقل السوري محمد أ. إلى عالم تصنيع الصواريخ والمتفجّرات على يد واحد من أهمّ الأشخاص في هذا المجال وهو أحمد العمّوري الملقّب بـ «أبو عبده» الذي كان أول من يصنّع صاروخاً يدوياً في لبنان في العام 2013.
هذه التّجربة لم تكن لتصبح واقعاً لو لم يضع محمد يده بيد «أبو عبده، بعد أن أضفى على الصاروخ الأول تعديلات في الشكل الخارجي ومقاسه الذي بلغ 150 سنتميتراً.
واستطاع العمّوري جذب عدد كبير من السوريين إلى مركزه في حلبا بعد أن افتتح مكتباً لمساعدة النازحين السوريين تحت اسم «بيت الجرحى» في حلبا ـ عكار. ومن بين هؤلاء كان عبد اللطيف الأسعد الذي أخلي سبيله إثر صفقة التبادل بين الدولة اللبنانيّة و «جبهة النّصرة» وابنه القاصر الذي تمّ تحويله منذ أسابيع قليلة إلى محكمة الأحداث م. الأسعد، بالإضافة إلى عدد من الموقوفين.
كما أطلق العموري موقعاً الكترونياً لجذب النازحين، وكان محمد مصمّم أحد هذه المواقع، بعد أن عرّفه عليه سليمان دامرجي (موقوف حالياً) والذي أعجب بحماسة الشاب السوري في مساعدة المقاتلين في تلكلخ.
وداخل «بيت الجرحى»، كان العموري يقوم بالتعاون مع عدد من الأشخاص بينهم م. الأسعد وعدد من الموقوفين السوريين، بطبخ مواد كيمائيّة متفجّرة يعمل على تعبئتها في عبوات على أن يتمّ نقلها لاحقاً إلى سوريا.
وبعد نجاح تجاربه في صناعة العبوات، قرّر «أبو عبده» أن يكون له بصمةً على صناعة الصواريخ. هكذا، بدأ العمل مع محمد الملقّب بـ «أبو علي الخال» في البحث عن صور للصواريخ والإتيان بحديد وألمنيوم إلى «بيت الجرحى».
ولمّا صارت المواد الأوليّة جاهزة، توجّه محمد ودامرجي إلى مخرطة في حلبا لم تعجبهم، فبحثا عن واحدة أفضل ليقع خيارهما على مخرطة كبيرة في بلدة الكوشة العكاريّة، قبل أن يعودا إلى حلبا ويكلفهما «أبو عبدو» بنقل الصاروخ إلى بلدة المرج القريبة من القصير عبر عرسال.
وبوصولهما إلى هناك، التقيا بـ «أبو عبدو» الذي عمل على حشو الصاروخ بالمواد المتفجّرة، ثم تركيبه تمهيداً لإطلاقه، إلّا أنّه عدل عن الفكرة في الثواني الأخيرة عندما اكتشف أنّ الصاروخ فيه عيب بشكله الخارجي سيؤثّر على إطلاقه.
ولذلك، طلب من محمد ودامرجي أن يأخذاه من جديد إلى مخرطة في القصير، ثم عادا وأطلقه العموري منفّذاً العمليّة التجريبيّة لأوّل صاروخ صنعه يدوياً من نوع «هينو» (قصير المدى) استهدف مركزاً للجيش السوريّ، فيما عمل المدعوان مرعي وأبو خطّاب على تصوير هذه العمليّة.
وبعد نجاح تصنيع الصاروخ الأول، عاد إلى لبنان وصنّع عدداً منها أطلق بعضها على مناطق لبنانيّة حدوديّة.
ولم يكتفِ العمّوري بذلك، وإنّما عمل بعد عودته إلى سوريا على إقناع محمد بتسهيل إدخال أحد الانتحاريين الذي يدعى جبريل خلف إلى لبنان، قبل أن يعلن الأخير العودة عن رغبته في تنفيذ عمليّة انتحاريّة داخل لبنان.
في المقابل، تنصّل محمد خلال استجوابه من قبل رئيس المحكمة العسكريّة العميد الركن خليل ابراهيم، أمس، من إفادته الأوليّة التي روى فيها العديد من التفاصيل والتي تقاطعت مع إفادات عدد من الموقوفين الذين لهم علاقة بـ «أبو عبده». وأبقى على إصراره بأنّه لم يعمل مع العموري في «بيت الجرحى» إلّا لمدّة أسبوعين، حينما رأى العموري لمرّة واحدة فقط، نافياً أن يكون على علم بأمر الصواريخ.
وفيما كان مستغرباً المحادثات مع «أبو عبده» حتى بعد عودة الأخير إلى سوريا، برّرها الموقوف بأنّها «للسلام ليس إلا». وعن سؤاله للعموري «كيف المصريات»، أجاب محمد أنّه كان يريد الاستدانة من العموري مبلغاً من المال، وليس لقاء تصنيع الصواريخ.
وقد أرجأ ابراهيم الجلسة إلى 5 تشرين الأول المقبل للاستماع إلى إفادة الشاهد الموقوف م. الأسعد.