IMLebanon

كم «محمد الحوت» يلزمنا..؟!

من حق كل لبناني أن يشعر بالفخر والاعتزاز، وهو يقرأ تقرير مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط، ويطّلع على ما حققته من أرباح كانت تعتبر، يوماً ما، من رابع المستحيلات!

من حق كل لبناني أن يعتبر ما حققه محمّد الحوت في شركة الميدل إيست من إنجازات مذهلة، هو المثل والمثال لكل المرافق والمؤسسات العامة، التي تتخبّط حالياً في خسائرها، وتنهش عظامها وموجوداتها فيروسات المحسوبية والفساد.

ليس سراً أن الميدل إيست، التي كانت شركة منطقة الشرق الأوسط عن جدارة، والتي جعلت من مطار بيروت الدولي، نقطة التقاء بين الشرق والغرب في الخمسينات والستينات، حتى أواسط السبعينات، هذه الشركة العملاقة وصلت إلى حافة الإفلاس أواسط التسعينات، وتراكمت ديونها بعشرات الملايين من الدولارات، وكادت الدولة تعلن بيعها بثمن بخس، لا يغطي شيئاً من الأعباء المالية التي تضغط على الشركة الوطنية الكبيرة!

واعتبر كثيرون من أصدقاء محمّد الحوت أن تسلمه إدارة الشركة المفلسة هو أشبه بمغامرة محفوفة بالفشل، وستؤدي إلى القضاء على مستقبله، الذي كان صاعداً في البنك المركزي.

وكانت المفاجأة – الصدمة للجميع من رسميين وسياسيين أن رئيس الميدل إيست الشاب وضع خطة إصلاحية مؤلمة، لأنها تقضي بتخفيض عدد العاملين إلى النصف، وتفرض وقف الرحلات على الخطوط الخاسرة، والحد من النفقات غير الضرورية، ولكنها في الوقت نفسه كانت خطوة طموحة لأنها اعتمدت على تجديد أسطول الشركة وتزويدها بطائرات حديثة، وتطوير العديد من الخدمات التي تُعزّز ثقة المسافرين بالميدل إيست.

نجح محمّد الحوت، خلال عقدين من الزمن، في تحقيق أرباح بلغت المليار دولار، في وقت تترنح فيه شركات طيران كبرى بين الإفلاس والانهيار!

نجح محمّد الحوت لأنه أبعد السياسة وتدخلات السياسيين عن الشركة الوطنية الكبرى، واعتمد الشفافية منهجاً لجميع العاملين من أدنى الدرجات وصولاً إلى القمة، وخاض حروباً ضروساً ضد الفساد، بكل ألوانه وعلى جميع مستوياته، وغلّب المهارة المهنية ومصالح الشركة على كل الاعتبارات الأخرى!

ترى كم «محمد الحوت» يلزمنا للنهوض بمؤسساتنا الأخرى..؟!