Site icon IMLebanon

كم من اختبار بعد..؟  

حوارات البلد متداخلة،صاخبة،وكثيراً محتدمة، تجول في الدولي والاقليمي والمحلي والانتخابي والسياسي والاداري، وتحط على خلافات واختلافات فكرية وعقائدية كان من السهل أن تجر البلد معها الى سوابقه القديمة لجهة النوم في الكوما أو في ويلات الحروب،لولا ثوابت العهد الجديد المستقرة تحت راية الايجابية في بورصة تتلبد السحب في أجوائها، تكفهر، تنفرج، تمطر،ثم لا تلبث أن تحتقن لتعود الى الانفراج كما في دورة الطقس هذه الأيام.

فأن يحافظ البلد على حيويته،من دون أن تدخل مؤسساته في السبات الشتوي،على الرغم من معوقات أبرزها عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد، هي سابقة تسجل للعهد الذي أثبت أنه يجيد الاصغاء ثم أنه يجيد الدخول في وتيرة الأجندة اليومية وعلى القائمة جلسات المجالس ودورات العمل التشريعية والدستورية وغيرها.

وأن تبقى الأبواب مشرّعة والاتصالات والجهود مفتوحة، وأن تستأنف المشاورات واللقاءات من حيث انتهت أو من حيث بدأت بلا كلل أو تذمر، وأن يتم توافق الجميع على تأكيد أهمية الدولة اللبنانية في بسط سيادتها على جميع أراضيها، يعني أن البلد ماشي وأنه في تعافيه يحرز تقدماً ملموساً أخذ به الى المحافل الدولية والى خارطة الانتعاش في الاقتصاد وفي الأسواق وفي الأمن الممسوك حيث يشهد الجميع على مهاراته وشجاعته ليصبح اللاعب المحوري على خارطة الدول الفاعلة والمكافحة للارهاب باعتراف عربي ودولي تجلى في القمة العربية – الاسلامية – الأميركية الاخيرة التي انعقدت في الرياض.

وفي جوجلة الأشهر المنصرمة القليلة من العهد، لا بد من التسليم بالايجابيات التي أعادت لبنان الى السكة العالمية منذ انتظمت مؤسساته الدستورية والسياسية والعسكرية والامنية، ليحظى بذلك الالتفاف السياسي والشعبي وذلك الايمان العميق بغلبة منطق الدولة على الفوضى وعلى الممارسات غير المنضبطة. فكم من اختبار داخلي وخارجي خضع له العهد الجديد، بين كلمة يضمّنها خطاباً في محفل وكلمات يحذفها وأخرى يواريها أو يسجلها للتاريخ، وفي كل الاختبارات التي راهن عليها كل مصطاد في الماء العكر أتقن الرؤساء أدوارهم في المشي على حافة الهاوية وصولاً الى تلك الأرضية المشتركة التي لم تجرد لبنان من هويته و«طائفه»، وبالتالي فإنها حفظته ضمن الحاضنة العربية وقافلة الدول الـ 55 التي حضرت بالأمس متضامنة مع كل السعاة الى محاربة الارهاب والى إحلال السلام، ومن بينهم لبنان البلد الصغير بامكانياته والكبير بانتصاراته على الارهاب وعلى كل المخرّبين.

فكم من اختبار ينتظر البلد والعهد بعد، حتى يأخذ صك البراءة في أنه قادر على الثبات والفعل والتغيير نحو مستقبل ليس فيه حروب ولا الغاءات، وإنما أمن وأمان وقناعة ثابتة: بالقانون لا أحد يلغي أحداً.