كاد أحمد سليم ميقاتي يكون اليوم «أمير الضنيّة» التابع لتنظيم «داعش»، لو لم تقم مخابرات الجيش اللبنانيّ بضربتها الاستباقية في عاصون في 23 تشرين الأوّل 2014، حيث قبضت على «أبو الهدى» هارباً في الأحراج واعتقلت عدداً من المقربين منه وقتلت ثلاثة، منهم الجندي المنشق من الجيش عبد المنعم الأكومي.
حلم الإمارة راود «أبو الهدى» مذ سمع بأخبار التنظيم المتشدّد. وهو لم ينف ذلك أمام قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، إذ قال خلال التحقيق الاستنطاقي معه: «شعرت بضرورة نصرة الدولة الإسلاميّة وضرورة أن تنصرنا، على اعتبار أنّ الدولة اللبنانيّة أصبحت تضطهد المسلمين السنّة».
ولذلك، ما إن انتقل ميقاتي من باب التبانة إلى شقةٍ في بقاعصفرين، حتى بدأ بالتواصل مع «داعش» عبر أحد عناصرها الملقّب بـ «أبو خطّاب»، والأخير فتح له الطريق إلى «الأمير» أبو أيوب العراقي.
ومنذ اللقاء الأوّل، قرّر الأمير احتضان الرجل المتّهم بكونه من المتشددين الأوائل في الشمال، طالباً منه البدء بالتنسيق مع المسؤول الشرعي للمجموعات المسلحة في طرابلس «أبو مصعب» (نبيل سكاف). عَينُ «أبو أيوب العراقي» كانت على الضنية، متمنياً إنشاء مربّع أمني داخل المنطقة لا يكون فيه انتشار للأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة وبدء التحضيرات لإعلان الإمارة، وفق ما يشير ميقاتي في إفادته الأوليّة.
خرج ميقاتي من الرقّة وبحوزته 25 ألف دولار، لينتقل بعدها إلى شقة في عاصون ويبدأ بنقل الأسلحة من طرابلس إلى الضنيّة، بالإضافة إلى شراء كميات من الذخائر والمتفجّرات عن طريق أحمد كسحة.
حينها، لبّى «أبو الهدى» طلبات «الأمير» بحذافيرها ليحوّل شقته إلى ملجأ للمطلوبين والمنشقين عن الجيش وكلّ من يريد «داعش» أن يجد له مأوى عن طريق «أبو مصعب».
كان الهدف هو الإمارة التي تضمّ: بخعون، عاصون، سير الضنية وبقاعصفرين، قبل أن تقوم المجموعات التابعة لميقاتي بربط القلمون بالساحل اللبنانيّ ورفع الأعلام السوداء وإعلان البيعة لـ «أبو بكر البغدادي».
ولذلك، بدأ ميقاتي بجمع المقاتلين وتشكيل أكثر من 6 مجموعات، كان أهمّها مجموعة «أبو عمر» كسحة المؤلّفة من 17 مقاتلاً ومعها 35 قطعة سلاح وقذائف أر. بي. جي و «بي كا سي».
ولم يكن «حلم ميقاتي» ليتحقّق إلا بالمخطّط الذي وضعه بمؤازرة مقاتلين في باب التبانة كأسامة منصور وشادي المولوي: تبدأ الأعمال القتاليّة في طرابلس ثم تتحرّك المجموعات للمؤازرة في القلمون.
وخلال عمليّة الإلهاء هذه، تكون مجموعات الضنيّة قد بدأت تحرّكها وانضمّ إليها مقاتلون من باب التبانة بالإضافة إلى مقاتلين سترسلهم «داعش» من الجرود، ليباشر هؤلاء بالقتال والسيّطرة على مراكز الجيش في المنطقة من خلال الاشتباك معها أو من خلال أسر عناصرها للتفاوض عليهم أو إقناعهم بالانشقاق وإبقائهم داخل «الإمارة الآمنة».
وأخذت خطة ميقاتي بعين الاعتبار تحرّك «حزب الله» لإحباط هدف الإمارة، فاتفق المقاتلون على زرع عبوات على طريق الهرمل لمنع وصول عناصر «الحزب» إلى الضنيّة وإعاقة تقدّمهم.
هكذا تكون الخطّة «مبكّلة» ليستطيع ميقاتي إعلان البيعة ويتحوّل إلى «أمير الضنية».
كان الأمر قاب قوسين أو أدنى من تحوّله إلى أمرٍ واقع، إلا أنّ مخابرات الجيش أحبطته قبل شهر واحد، إذ اتفق ميقاتي مع «أبو أيوب العراقي» على أن تكون ساعة الصفر في شهر تشرين الثاني أو كانون الأوّل من العام 2014 ريثما تكون التحضيرات للمجموعات العسكريّة وشراء الأسلحة قد انتهت.