لن يسمع المسؤولون اللبنانيون في لقاءاتهم المغلقة مع امين عام الأمم المتحدة بان كي مون كلاماً جديداً في ما خص النظرة الدولية الى لبنان وللحفاظ على استقراره كما لم يسمع هؤلاء أكثر مما سمعه وزير المالية علي حسن خليل من موقعه في 8 آذار وفي كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري «في غزوته لواشنطن» ولقاءاته مع ذوي القرار المالي، الأمني، السياسي والنفطي، دون أن يغيب الملف الرئاسي، وأيضاً لن يسمع المسؤولون اللبنانيون من بان كي مون خلافاً لما سمعه وزير الداخلية نهاد المشنوق من موقعه في 14 آذار وكتلة المستقبل التي يترأسها سعد الحريري، بحيث أن المشنوق الذي يجول على عواصم دول القراريسمع في جولته الأمنية ايضاً حاجة ملحة لانتخاب رئيس للجمهورية.
اذاً يتكامل الكلام الدولي المطالب بانتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ مع ما يسمعه كل الأقطاب ورؤساء الأحزاب والكتل على الساحة اللبنانية.
لكن لكل محور يدعم مرشح رئاسي يمتلك قراءة خاصة به ستندت مؤخّراً الى ما أعلنه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من المرشحين الرئاسيين، رئيس تكتل التغييروالإصلاح النائب ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
ففي محور 14آذار المؤيّد لوصول فرنجية الى قصر بعبدا وجد في كلام نصرالله إيجابيات تنعش الآمال بإحتمال انتخابه، بحيث أعرب الأخير في كلامه « ان فرنجية مؤهلا لان يكون رئيساً ونثق به».
ثم غمز السيد نصرالله من قناة حليفه عون بقوله نحن نريد رئيساً…«لا يرتعب من السعودية واميركا ولا يتأثر بالاعلام…» في اشارة منه الى صمت عون عما تعرّضت له المقاومة نتيجة قرارات المملكة العربية السعودية، كما أنّ إشارة نصرالله الى عدم إمكانية التفاهم مع القوات اللبنانية يحمل في حد ذاته إشارة واضحة الى أن عون ذهب في تفهمه مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي رشحه الى الرئاسة في ظل صيغة سياسيّة بين جانبين قياساً الى ما هو واقع بين تيار المستقبل وحزب الله الذي يدور حوار بينهما.
وتكمن النقطة الاساسية في منطق الفريق المؤيّد لفرنجية أن نصرالله أكد على عدم رغبته في الاختلاف مع رئيس حركة امل نبيه بري على خلفية الملف الرئاسي بالطلب من الاخير دعم عون، مما يعني انه عاجلاً ام آجلاً لن يفرض امين عام حزب الله قراره على فرنجية بالانسحاب لمصلحة غريمه الرئاسي وهو ما يعتبر موافقة ضمنية على بقاء رئيس المردة مرشحاً.
وتربط الاوساط ذاتها في هذا الفريق بين مصالحة معراب ونتيجة الاستفتاءات التي أيّدتها وبلغت 86% ويومها واستناداً الى شركة تبناها تحالف التيار- القوات اللبنانية لإجراء هذه الدراسة، وبين الإحصاءات التي نشرتها إحدى مؤسسات استطلاع الرأي المعتمدة من قبل القوى السياسية والمراجع الدبلوماسية، بحيث أنّ حصول ميشال عون على نسبة 46% تأييداً عند المسيحيين في مقابل33% لفرنجية قابله حصول فرنجية على تأييد وطني بحيث حاز على نسبة 49% في مقابل حصول عون على 35% بما يعني انّ «المزاج الشعبي» الذي أيّد المصالحة هو ذاته لا يؤيّد عون لرئاسة الجمهورية بل أيد فرنجية الذي حصل في التصويت الوطني على نسبة اكثر من عون يعني ان الكلام عن غياب الميثاقية لا يمكن اعتباره قاعدة ثابتة لكون رئيس المردة نال نسبة أعلى من نسبة عون دون ان يعني ذلك تجاوزاً للحجم الشعبي والسياسي لرئيس تكتل التغيير والاصلاح.
وفي ما خص مدى التحالف بين عون وجعجع في ظل العلاقة غير المرتقب لها ان تحرز تقدماً بين القوات اللبنانية وحزب الله، يتطلع محور فرنجية الى احتمال تفككها اذا لم ينتخب عون رئيساً لكون هذا التفاهم بين معراب والرابية جاء على قاعدة ترشيح جعجع لعون وان عدم دخول عون الى بعبدا سيعدّل في هذا المشهد مستقبلاً، لا بل ان جعجع الذي اعلن منذ شهرين ترشيح عون ولم يتجاوز حزب الله مع هذا الترشيح ، مؤشر لموقف استباقي الى انه لن يبقى على هذا الخيار… لكن ليس قبل انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية التي ستشهد تحالفاً بين القوات والتيار وسيحرزان فيها نتائج متقدمة.
اما في المحور الداعم لميشال عون فإن القناعة تكمن في ان نصرالله صادق في ترشيحه لحليفه عون، وهو لن يتراجع عن هذا الموقف، انما رسالته كانت في اتجاه نبيه بري ومفادها ان حزب الله متمسك بعون كحليف له وليس مستعداً لاي خلاف مع القطب الثنائي الشيعي اي بري من اجل القبول بفرنجية مرشح «التحالف الثالثي» الحريري- بري- جنبلاط ، لاعتبارات لها صلة بتوقيت دخول سعد الحريري الى السلطة ولذلك فان الحزب ينتظر الوقت المناسب، ومن هنا كانت نصيحته لبري بأنه لا يريد خلافات شيعية- شيعية ولا خلافات مع التيار الوطني الحر لاي سبب رئاسي على قاعدة أن لكل منهما مرشحاً هو عليه ان يعمل لايصاله بالطرق المتاحة.
ويركز هؤلاء على أنّ أمين عام حزب الله أبلغ العماد عون بأنّ هناك ثابتتين يتمسك بهما حزب الله الاولى تكمن في عدم رغبته في الخلاف مع بري على خلفية رئاسية وكذلك لا يريد الخلاف مع قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي مهما يكن الامر، اذ يكفي حزب الله ما لديه من تحديات ومواجهات مذهبية وأمنية لذلك أوضح لحليفه عون قبل الفراغ الرئاسي أنه لا يريد إرساء خلافات مع كل من بري وقهوجي.
ويتابع هؤلاء في المحور الداعم لعون بأن حزب الله يسجل على فرنجية كلامه «ان المقاومة ضربت من بيت ابيها» وذلك في معرض دفاعه عنها وكأنه يقول ان السعودية هي التي ترعى المقاومة في حين ان الرياض لا توفر سبيلاً لمواجهة حزب الله التي وصفته بالارهابي وأنّ الوقت بات مناسباً لانتخاب عون لأن ثلاثة عوامل تتحكم في قرار رئيس تكتل التغيير والاصلاح على الاتي:
1- أنّ قرار عون بالترشح نهائي وهو غير قابل للتراجع عنه.
2- أنّ حزب الله داعم لعون ولن يؤيّد اي مرشح آخر.
3- أنّ دعم جعجع لعون شكل واقعاً مسيحياً لا يمكن تجاوزه والا اعتبر الامر كسراً للمسيحيين.
من هنا تتابع الاوساط الداعمة لعون بأنّ الفارق بين الحريري ونصرالله أن رئيس المستقبل تنقل في خياراته الرئاسية بما يعني أنّه قد لا يستمر على دعمه لفرنجية في المستقبل في حين أنّ حزب الله بقي على دعمه الثابت لعون.