المتغيرات في الوقائع الميدانية في جرود القلمون السورية وامتداداتها اللبنانية تطرح الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام حول ما يحضّر للساحة المحلية من مفاجآت عبر بوابة عرسال التي يدعي «تيار المستقبل» في كل مناسبة وغير مناسبة بانها محاصرة من قبل الجيش اللبناني على حدّ قول اوساط بقاعية، في وقت ان البلدة البقاعية المذكورة تحاصر البلد من ادناه الى اقصاه وتشكل صاعقاً تفجيرياً لفتنة مذهبية قد تطيح كل نقاط التلاقي المتبقية بين اطراف النزاع الداخلي، في وقت يعوّل فيه اللبنانيون على الحوار المرتقب بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» الذي لا يصب الا في خانة «اخذ الصورة» وتمرير الوقت كون الملفات الخلافية بينهما تمتد جذورها الى تحالفاتهما الخارجية ما يجعل عملية التوافق بينهما ترتبط بطريقة او بأخرى بمدى الانفراجات في العلاقات السعودية – الايرانية المأزومة.
وبالعودة الى عرسال تضيف الاوساط، لقد كانت البلدة اللبنانية الاولى التي انخرطت في النيران السورية عن سابق تصور وتمويل، حيث شكلت ممراً من الآلاف من التفكيريين الذين وفدوا من كل حدب وصوب للقتال في سوريا ويوم اعلن وزير الدفاع فايز غصن عن معلومات مديرية المخابرات حول هذه المسألة قامت الدنيا ولم تقعد، وقصد عرسال وفد من 14 آذار للتضامن معها وكأن غصن قد افترى عليها ومس بالمحرمات وكاد يرمى بالكفر، الا ان المجريات اثبتت ان دور عرسال اكبر بكثير من ان تكون معبراً لشذاذ الآفاق ويكفي ان يكون رئيس بلديتها علي الحجيري «ابو عجينة» صاحب القول المأثور: «لا يجوز بعد اليوم ان يخرج عرسالي دون سلاحه» في موقف اقل ما يقال فيه انه عصيان على الدولة، اما مواقف الشيخ مصطفى الحجيري فمعروفة لدى القاصي والداني فهو رأس «النصرة» وشيخها ومشفاها ايضاً.
وتضيف الاوساط ان اهالي عرسال لم يستفيقوا من نشوة الكفر بالدولة الا حين اجتاحت البلدة جحافل التكفيريين من مخيمات السوريين في داخلها وحصلت معركة عرسال الاولى التي كانت نتيجتها سقوط شهداء للجيش من ضباط وعسكريين وخطف مجموعة منهم الى الجرود حيث باتت قضية الافراج عنهم عقدة العقد، ولعل الخطأ القاتل كان السماح للمسلحين بالخروج من البلدة اثر تدخل «هيئة العلماء المسلمين» وايصال مساعدات غذائية وطبية لها استولى عليها تنظيما «داعش» و«النصرة» وبقية الفصائل التي شاركت في الصدام مع الجيش اللبناني.
وتقول الاوساط انه في معركة عرسال الاولى بدت «النصرة» القوة العسكرية المهيمنة على «داعش» وغيرها من المهاجمين حيث وقع العدد الاكبر من المخطوفين في قبضتها، وكانت صاحبة الامر والنهي في تحريك اهالي المخطوفين وتحديد الطرقات الواجب قطعها، دون ان يبرز اي دور لـ «داعش» في ملف التفاوض، ولعل اللافت انقلاب الادوار على الطريقة العراقية، فبين ليلة وضحاها بات تنظيم «داعش» اللاعب الاقوى في القلمون بعد استقدامه تعزيزات من حمص وريفها ووصول القضاة الشرعيين الثلاثة الى الجرود للمطالبة بمبايعة ابو بكر البغدادي، وكانت النتائج الاولى لوصول التعزيزات سحق «داعش» لفصائل «الجيش الحر» التي رفضت البيعة واعدام قائد «لواء مغاوير القصير» عرابة ادريس وضباط آخرين، ما يطرح السؤال عن كيفية وصول التعزيزات العسكرية، فهل غض الجيش السوري الطرف عن ذلك كرسالة للحكومة اللبنانية لرفضها التنسيق مع دمشق في القضاء على التكفيريين في القلمون، ام ان الحصار من الجانب السوري لم ينجح في عزل جبال القلمون وبقيت بعض طرق الامدادات سالكة؟
وما تخشاه الاوساط ان «داعش» سيحاول ضرب المجموعات المسلحة كافة اذا رفضت مبايعة البغدادي وفي طليعتها «النصرة» ليتفرغ الى معركته المقبلة بالاندفاع نحو عرسال واسقاط الحدود كما حصل بين سوريا والعراق لتأمين ملجإ لمقاتليه من الصقيع وتأسيس قاعدة خلفية له في لبنان ينطلق منها لاستكمال توسيع رقعة «الخلافة» ما سيؤدي الى صدام قاتل ويفجر فتنة مذهبية في البقاع برمته وهنا الكارثة.