Site icon IMLebanon

كيف سينقذ سامي نفسه من قضم «القوات»؟

أمين الجميّل يودّع رئاسة «الكتائب»: الرّهان على الخارج انتحار

كيف سينقذ سامي نفسه من قضم «القوات»؟

عند الثالثة والنصف من بعد ظهر أمس، وقف أمين الجميل للمرة الأخيرة على المنبر بصفته رئيساً لحزب «الكتائب». اختار الرجل التقاعد المبكر بعد تسليم «كرسي العائلة» الى نجله سامي ليصير سيد «البيت المركزي».. من دون منازع.

يجزم كتائبيون أنّ انتقال الأب الى موقع رئيس سابق لا يعني أبداً هجره للصيفي، ولو أنّه سيصير من دون منصب. فهو أكثر من يحفظ شخصية نجله المتفلتة من الضوابط وهو يعي جيداً ما يعني ترك الدفة تميل كيفما يريد سامي. ولهذا سيحرص على مراقبته عن بُعد، والتدخل عند الحاجة.

يبدي سامي ومجموعته حماسة زائدة للمرحلة المقبلة التي سيصير فيها الشاب الرقم الأول رسمياً وفعلياً في الحزب الثمانيني. في باله الكثير من المخططات والمشاريع التي يطمح الى طرحها وتنفيذها. وهو يدرك حجم التحديات التي تواجهه.

في اعتقاده أنّ بإمكانه فعل ما عجز عنه أسلافه، وبينهم والده. الكاريزما التي اشتغل عليها لسنوات وحماسته قادران على جذب الشباب الى مكاتب الحزب العتيق لتجديد عروقه التي تآكلها الاهتراء وقضم الآخرون بقاياها.

ولكن يمكن له أن يستحضر جردة السنوات الأخيرة لأداء الحزب، والتي كان سامي شريكاً في تركيبتها الحاكمة، فعلاً لا قولاً، ليتبيّن حجم التحديات والقفزات المطلوب تحقيقها كي يخرج بالحزب من كبوته ويتمكن من منافسة من حوله.

فالرزمة الوزارية التي يفاخر الحزب بأنّها صنيعة يديه في حكومة تمام سلام، ليست سوى مكافأة لجائزة مجانية لم تكلف الحزب شيئاً، لأنّ انكفاء «القوات اللبنانية» عن المشاركة في الحكومة هو الذي سمح لغريمها بانتفاخ حصته، وإلا لكان «الكتائب» خرج من «المولد» بوزير واحد، أو «وزير ونصف» بأحسن الحالات.

كما أنّ «الكتائب» فشل خلال السنوات الأخيرة في حسم علاقته بـ «القوات». فالأخيرة حليفة يفترض أنها تقف معه في الخندق ذاته، لكنها في الوقت نفسه خصمة لدودة تمارس سياسة القضم الصامت من «الطبق الأم»، من دون أن يتمكّن «الكتائب»، لا من الحفاظ على ارثه، ولا الرد بالمثل.

ومن هذا المنظار، لوحظ غياب ممثل عن «القوات» في حفل افتتاح المؤتمر الكتائبي أسوة بـ «التيار الوطني الحر»، حيث علّق أحد الكتائبيين ممازحاً أنّ هذه النقطة هي واحدة من البنود غير المكتوبة في «إعلان النيات».

حتى أن العلاقة مع «تيار المستقبل» لا تزال تعاني من الخلل بعد مرور أكثر من عشر سنوات على هذا التحالف، حيث فشل الحزب في استثمار هذا التفاهم لاسترداد إذاعة «صوت لبنان» بشكل كامل رغم الدعاوى القضائية التي ربحها الصيفي، لكنه عجز عن تنفيذها نظراً للغطاء السياسي الذي يتمتع به «الفرع المتمرد».

كما أن سامي المتعطش لفرد جناحيه وتطبيع البيت المركزي بطبعه، يواجه أزمة الدمج بين أفكار الأجيال الكتائبية، المتباينة في نظرتها ومقاربتها… وحتى رؤيتها للقضايا الكبيرة كما الصغيرة.

فالشاب يرث تركة أبيه وجدّه التي نشأت على الفكر الصيغويّ وتربت عليه، فيما هو ورفاقه يعزفون على وتر اللامركزية الإدارية.. وإذا ما أفسح له المجال لطرح الفيدرالية كحلّ بديل لـ «الطائف».

فكيف سيتمكّن من مواجهة هذه التحديات؟

افتتاح المؤتمر

وكان الرئيس أمين الجميل أكد في كلمة ألقاها خلال افتتاح المؤتمر العام الثلاثين لحزب «الكتائب» في فندق «لو رويال»، أنّ «الكتائب أيضاً ميثاقية تماماً كلبنان، فلا شرعية في نهجها وفي صفوفها لكل ما يناهض وحدة لبنان، وسيادة لبنان، ونهائية لبنان».

ودعا إلى «اعتماد اللامركزية الإنمائيّة الموسّعة، وهو ما كانت الكتائب سبّاقة في طرحه، ويبقى هدفَها الثابت على طريق الإصلاح والتحديث. فاللامركزية تبقى الممر الإلزامي للدولة المدنية التي لا تناقض الأديان ولا مذاهبها، بل تؤسس لبيئة صديقة تقيم وزناً للإنسان والقيم، وتضع حداً للتسلل الى الطوائف والتستر بها والاقتتال باسمها، وعلى حسابِ أبنائِها، وهي وهم منهم براء».

ودعا ايضاً الى «اعتماد الحياد المبدع، الذي لا يعني أبداً الاستقالة والتراجع والانكفاء، بل التفاعل الذكي مع الأحداث من موقع الحياد الايجابي. وأنتهزها مناسبة لأثني على إعلان بعبدا الذي كرّس مفهوم الكتائب ومطلبها المزمن بالحياد وسواه من الاصلاحات التي أدرجتها الكتائب في مشاريعها البنيوية».

وقال إن «انتصار لبنان لا يكون بالرهان على الخارج، ولا بالوقوف على رصيف الانتظار أو في قلب المعارك، ولا بالتماهي المذهبي ـ الإقليمي».

اضاف: «هذا انتحار، لا انتصار، كائناً مَن كان المهزوم أو المنتصر. لا انتصار للبنان إلا بوحدته في الداخل واتحاده بوجه الخارج، دون رهان على جهة، ودون اصطفاف في المحاور، ودون انغماس في الدوائر».

ولفت الى أن «الانتصار الحقيقي يكون بقرار من الجميع، بدءاً من السلطات التي تمثل الجمهورية بكل مكوناتها. فالحق حصري هنا ولا امتياز لأحد. فمصادرة قرار الحرب والسلم، وسلب دور الجيش والقوى الأمنية، مسألة تشكل خروجاً على كل مفهوم الدولة، وتضرب كل قواعد الاشتباك. وهي إن استمرت بحكم الامر الواقع، الا أن دوامها لا يعني شرعيتها ولا يضفي عليها أية مشروعية».

ودعا الى «انتخاب رئيس للجمهورية، وتفعيل عمل مجلس النواب تشريعاً ومراقبة وموازنة، وتوطيد عمل الحكومة بوزاراتها كافة».

ورأى أن «وقف الحروب في المنطقة بات أمراً ملحاً، لأن تداعيات الربيع العربي في السنوات القليلة الماضية، ولّدت واقعاً جديداً وفرضت القوى الأصولية إطاراً بديلاً كشفت فيه عن تعسف في السلوك، ونمطية في السلطة لاغية لمفهومنا لثقافة الحياة والتطوّر، وعن نزعة تكفيرية تعتمد القمع والعنف والجهل، أسوة ببعض الأنظمة الكليّة القائمة والتي تدّعي محاربتها».

وأشار إلى «أننا نعلّق أهمية كبرى على شراكة دولية مع لبنان أساسها قيم الجمهورية لحماية النموذج اللبناني كدولة وحيدة في المنطقة تجسد الحوار ومفهوم التسامح القائم على مبدأ تكامل الطوائف والمذاهب ومصالحتها. لكن للأسف، أن هذا النموذج مستهدَفٌ بأساسه، وما الأحداث الدائرة في المنطقة، من سوريا الى اليمن، ومن العراق الى ليبيا، سوى محاولة لدكّ نماذج التعايش والديموقراطية في الشرق الأوسط».