Site icon IMLebanon

كيف ستتعامل الحكومة مع التحرّك الشعبي وهل من محاذير تعوق مبادرة بري للحوار؟

تتسابق المواعيد المحددة في وجه حكومة الرئيس تمام سلام والضاغطة في اتجاه تحقيق مطالب تتفاوت بين ما هو محق ويصب في خانة هموم الناس وهواجسهم، وبين ما هو سياسي يندرج في الاجندات السياسية القائمة.

ما بين مهلة الـ 72 ساعة التي أعطتها حملة “طلعت ريحتكم” للحكومة، ومهلة الاسبوع التي حددها العماد ميشال عون قبل الاعلان عن تحركه التصعيدي، بدت الساحة السياسية مقبلة إعتبارا من هذا الاسبوع على تطورين سيبلوران ملامح المقاربة التي ستحكم المشهد السياسي في عملية قتل الوقت الضائع.

أول تطور يتمثل في الاستراحة الحكومية التي تمناها رئيس المجلس نبيه بري على رئيس الحكومة، من أجل احتواء مفاعيل الجلسة الماضية وأزمة المراسيم التي فجرها اقتصار التواقيع على 18 فقط. أما التطور الثاني فيتمثل بالمبادرة التي اطلقها الرئيس بري لعقد لقاء حواري يضم القوى السياسية ويهدف من ورائها الى طرح المواضيع الساخنة التي لا تجد لها مكانا على طاولة مجلس الوزراء.

لا ترى مراجع سياسية بارزة في دعوة بري سوى تقطيع لوقت ضائع في إنتظار برمجة أزمة لبنان في جدول اعمال التسوية الاقليمية التي لا تدل المؤشرات القائمة حتى الآن الى قرب نضجها في ظل استمرار الحدة التي تحكم ملف العلاقات السعودية الايرانية.

وإذ ترحب هذه المراجع بالمبادرة وبكل خطوة تفتح ثغرة في افق الحائط السياسي المأزوم، ترسم علامات استفهام أو محاذير حيال هذه المبادرة وإمكان نجاحها في تخطي العقبات السياسية الضخمة التي تحكم الوضع الداخلي وتؤدي عمليا الى تعطيل مجلس النواب وشل الحكومة.

اول هذه المحاذير يتعلق بتأثير مثل مبادرة كهذه في استحقاق الرئاسة الذي يفترض أن يكون بندا وحيدا على أي طاولة بحث، علما أن هذا الاستحقاق لا يحتاج إلى طاولة حوار بل إلى نزول النواب إلى المجلس والقيام بواجبهم الدستوري وانتخاب رئيس، مما يعالج كل الازمات الناتجة من الشغور الرئاسي، بدءا من التمديد العسكري وصولا الى آلية العمل الحكومي. وهذه أمور لا تعود مطروحة وتسقط بمجرد انتخاب رئيس جديد.

– ثاني هذه المحاذير يتمثل بالدور الذي سيضطلع به الرئيس بري ويحل فيه محل رئيس الجمهورية الذي تعود اليه حصرا قيادة الحوار بين الاطراف السياسية انطلاقا من موقع الرئيس الحكم والتوافقي الذي تطالب به القوى السياسية.

– ثالث هذه المحاذير يتعلق بالجدوى المعقودة على طاولة حوار في ظل اصطفاف سياسي حاد وأعمى لا يحيد أنملة عن الثوابت التي وضعها كل فريق لأجندته السياسية. في هذا الاطار، تسأل المراجع هل يمكن البحث في قانون انتخاب او في سلاح “حزب الله” او تورط الحزب في سوريا او أي ملف من ملفات النزاع في الظرف الراهن؟ وهل وصل فريقا الصراع الى مرحلة وضع الملفات على الطاولة لبحثها او لإجراء تنازلات في شأنها؟

في أي حال، ستشكل مبادرة بري التي اطلقها رسميا مساء امس في احتفال حركة “امل” بذكرى تغييب الامام موسى الصدر عنوان الحركة السياسية هذا الاسبوع، في انتظار ما ستتكشف عنه حركة الاتصالات في شأن الوضع الحكومي وكيفية إعادة تفعيل مجلس الوزراء وفض الخلافات الناتجة من ازمتي الصلاحيات والمراسيم.

جدير بالذكر أن رئيس الحكومة سيكون هذا الاسبوع على تماس مع الحركة الشعبية التي عبرت بعشرات الالاف عن مزاج شعبي حقيقي بعيدا من الاستغلال والتسييس، الامر الذي يتطلب وعيا سياسيا قد يكون الاول من نوعه في التعاطي الرسمي وحركة الشارع بعد “ثورة الارز”.

وثمة في الوسط السياسي من يسأل إذا كانت هذه الحركة التي تقترب كثيرا مما يشعر به سلام حيال المطالب المحقة والمرفوعة اساسا في وجه حكومته، ستدفع الرجل إلى الاستقالة، رغم الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها لثنيه عن هذه الخطوة لما تحمل من محاذير خطيرة على الوضع الداخلي وعلى الاستقرار.

ولا يخفي زوار سلام انزعاج الرجل مما آلت اليه الامور نتيجة التقاعس السياسي عن معالجة ملفات المواطنين والتلهي عنها بالحسابات السياسية الخاصة، مما وضع البلاد والحكومة وحتى القوى السياسية في مواجهة مع القواعد الشعبية وعمَّق الهوة بين الشعب والمسؤول.

إشارة أخيرة لا بد من التوقف عندها نتيجة حال الاشمئزاز التي يعيشها رئيس الحكومة، وتتعلق بسؤال بدأ يُطرح في اوساط سياسية وديبلوماسية ضيقة: وماذا لو استقال سلام؟