IMLebanon

كيف ينظر الغرب إلى استحقاق الرئاسة اللبناني؟ لا ربط بالنووي ودعوة إلى قوة ضغط محلية

انقضت الجلسة العشرون لانتخاب رئيس للبلاد أمس على غرار سابقاته، خالية من اي مضمون أو أفق. ولولا التزام رئيس المجلس نبيه بري واصراره على توجيه الدعوة الى جلسات أخرى، لكان اللبنانيون وممثلوهم في السلطة نسوا أن سدة الرئاسة الاولى تخلو من معتليها وأن قصر بعبدا لا يزال شاغرا من سيده لليوم الواحد والتسعين بعد المئتين.

موعد جديد ضربه بري في 2 نيسان المقبل للنواب الراغبين في التوجه الى ساحة النجمة لتأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس. وهو نصاب لن يكتمل ما لم تتحقق معجزة ينتظرها البعض من الخارج، فيما الدعوة الدولية ملحة الى اللبنانيين لتحمل مسؤولياتهم بأنفسهم وعدم الارتهان الى ارادة خارجية قد يطول انتظارها وسط معركة التسويات والصفقات الجارية.

لا تخفي مصادر ديبلوماسية غربية خيبتها من التعامل السياسي اللبناني مع الاستحقاق الرئاسي، وخصوصا بعدما بلغت المواقف ذروتها بربط هذا الاستحقاق بالمفاوضات النووية بين الولايات المتحدة الاميركية وايران، والتي ينتظر ان تتبلور نتائجها في الجلسة المرتقبة نهاية آذار الجاري. وقد يكون موقف السفير الاميركي ديفيد هيل عقب لقائه قبل أيام وزير الداخلية نهاد المشنوق، أبرز تعبير عن هذا الواقع، اذ قال انه “حان الوقت لوضع استقرار لبنان قبل السياسات الحزبية، ويجب ألا يكون هناك أي توقعات لصفقات خارجية لاختيار رئيس للجمهورية”. وبدل النظر خارج لبنان للحصول على اجابات، على زعماء لبنان احترام دستورهم وانتخاب رئيسهم، من تلقاء أنفسهم”.

يبدو واضحاً من المواقف التي يعبّر عنها سفراء الدول الغربية أن ثمة دفعاً في اتجاه تحديد 3 ثوابت ينحصر فيها الاهتمام الدولي بلبنان في هذه المرحلة، وهي كما عددتها المصادر الديبلوماسية الغربية لـ”النهار”، كالآتي:

– على القيادات اللبنانية التوقف عن الربط بين الاستحقاق الرئاسي المحلي والمفاوضات النووية، وكأن لبنان سيكون جائزة ترضية على أجندة المكاسب المحققة من هذه المفاوضات. علما ان لمثل هذا الكلام أبعادا تختلف عن تلك التي تسعى المصادر الى الترويج لها. فاذا كانت المصادر تحرص على اضفاء بعد محلي لاستحقاق داخلي لكونه شأناً لبنانياً بامتياز، الا أنها، بحسب أوساط سياسية، ترمي الى التنصل من مسؤولية القوى الخارجية في تحديد هوية الرئيس العتيد.

– إن النبرة العالية التي عبّر فيها السفير الاميركي عن استياء بلاده من “حزب الله” واتهامه بـ”انتهاك سياسة النأي بالنفس” وتحميله مسؤولية “اتخاذ قرارات الحياة والموت نيابة عن كل لبنان”، تصب في اطار استعادة بعض التوازن المفقود حيال تمدد النفوذ الايراني في لبنان والذي بات يشكل خطراً على ميزان القوى المائل حاليا لمصلحة “حزب الله” على حساب القوى الآذارية الاستقلالية التي تدعمها الولايات المتحدة والمجتمع الغربي بشكل عام. وفي الكلام الاميركي الاخير، تأكيد أن لبنان، ليس وحيدا في وجه المد الفارسي وان الولايات المتحدة الى جانبه وتدعمه. والمعلوم ان كلام هيل جاء بعد المواقف الاخيرة لوزير الخارجية جون كيري وشكل، تسويقاً وتثبيتاً لها.

– الاجماع الغربي على دعوة القيادات اللبنانية الى تحمل مسؤولياتها حيال استحقاقاتها الداخلية وفي مقدمها استحقاق الرئاسة الاولى. وفي هذا السياق، لا تخفي المصادر خيبتها من التراجع والكسل الذي يسود المجتمع اللبناني حيال المطالبة بانجاز الاستحقاق والضغط في اتجاه تحقيقه. وتسأل عن دور المجتمع المدني أو المجتمع الاقتصادي ورجال الاعمال والهيئات الاقتصادية وكل القوى والمجموعات النخبوية او المثقفة التي باتت خاضعة بدورها للارادة السياسية ومتغافلة عن القيام بأي دور أو تحرك ضاغط يسلط الضوء على الأخطار الحقيقية التي تهدد البلاد واقتصاده ومجتمعه.

وفي هذا الاطار، تشكو المصادر أن القيادات اللبنانية باتت تتلطى خلف مسؤولية المجتمع الدولي في تعطيل استحقاق رئاسة الجمهورية متنصلة بذلك من مسؤولياتها الوطنية في هذا الشأن. وهي بذلك ترمي الكرة تارة في ملعب الاتفاق الايراني – الاميركي وطورا في الملعب الايراني – السعودي. ولا تعني المصادر انه ليس لهذين العاملين تأثيرهما الكبير والفاعل في الملف اللبناني، وخصوصا في ظل الاصطفاف السياسي الحاد بين المعسكرين الاقليميين، ولكنه لا يعني في الوقت عينه أن على اللبنانيين اسقاط أوراق القوة التي يمتلكونها، وهي كثيرة وتشكل المقومات الاساسية لصمود الشعب اللبناني.