احتفل الجيش في الأول من آب بعيده السبعين، ولم تنفع الحملة الاعلامية في اضفاء جو العيد على المناسبة التي تحلّ حزينة. فالجيش الذي يستميت في الدفاع عن الحدود وضبط ارهاب الداخل وفرض الأمن، لا يجد الصدى الايجابي اللازم، وخصوصاً في ايام المحن. فهو يتعرض لهجوم سياسي من بعض الناقمين عليه، وربما من المعترضين على ادائه في مواقع محددة، فيتخطى هؤلاء النقد البناء، ويعمدون الى اللعب على الوتر المذهبي والطائفي في محاولات بائسة لضرب معنويات المؤسسة العسكرية أو لشق صفوفها، وقد باءت كل محاولاتهم بالفشل الذريع حتى تاريخه.
ويعمد البعض الآخر الى محاولة فرض إملاءاته على المؤسسة وانتزاع قرارها، وكذلك قرارات السلطة السياسية في تعيينات الجيش. ويسعى هؤلاء بطريقة أو بأخرى الى اضعاف معنويات الضباط والعسكريين ودفع العديد منهم الى الاستقالة، أو الى الارتماء في احضان السياسيين وتقديم فروض الطاعة والولاء لهم، أملا في منصب أرفع.
ويسعى البعض أيضاً الى المبالغة في امتداح المسؤولين العسكريين والضباط الكبار وتأليههم، وشخصنة المؤسسة التي تعدّ نحو سبعين ألفاً، وحصرها بضابط أو بعدد قليل من الضباط، مما يضرب فكرة دولة القانون والمؤسسات.
وسواء صدرت المواقف وانطلقت المبادرات بحسن نية، أو من أمر مدبر في ليل حالك، فإن من المهم رفع الوعي والدفع في عملية احتضان الجيش كمؤسسة رائدة وأولى في الدفاع عن البلد، لتأتي الخطوات سليمة وخالية من شوائب تهدف في ظاهرها الى دعم المؤسسة، لكنها، من غير قصد، تولد ارتدادات عكسية وتزيد الناقمين والمتهجمين.
والدعم الحقيقي يبدأ بدفع كل تدخل سياسي عن المؤسسة، ومنعها من دخول متاهات السياسة، ومعاقبة كل من يحاول ان يغرقها في الطائفية والمذهبية والحسابات الصغيرة لأناس خربوا البلد ثم تربعوا مجدداً على رأس السلطة يحاولون ان يسرقوا منها ما فاتهم في زمن الحرب.
الدعم الحقيقي يتمثل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية يؤمن بالمؤسسة ويؤمّن لها ما تحتاج اليه لمواجهة التحديات. والدعم من حكومة تدعي على كل من يتطاول على الجيش ويسعى الى إضعافه خدمة لمجموعات ارهابية في الداخل والخارج.
والدعم يكون بالخدمات اللوجستية الضرورية والعتاد ليتمكن الجيش من المواجهة، فلا يقاتل باللحم الحيّ الذي يدفع منه شهداء وأسرى ربما كانوا يتمنون في كل لحظة لو سقطوا في المعركة.
وإذا تناسينا بعض الوقت كل الشهداء الذين سقطوا للمؤسسة العسكرية دفاعا عن الوطن، كي لا نفتح جروحا يحاول اصحابها ان يدملوها، ولئلا نحيي الذكرى، شأن كثيرين، باستغلال الدم، فاننا نود ان نذكر بالجنود الاسرى الذين وقعوا في فخ المجموعات الارهابية المسلحة في جرود عرسال، نتيجة قرارات خاطئة تتحمل مسؤوليتها القيادة السياسية، كما العسكرية، والذين لا يزال أهلهم يعضّون على الجروح كل صباح ومساء. وقد مرّت سنة من دون نتائج على وفرة المفاوضين.
وأخيراً، يكون الدعم من القضاء بإنزال أشدّ العقوبات بكل معتدٍ على الجيش، فلا ترضخ السلطة القضائية لاعتبارات وتدخلات وحسابات تحدّ من صدقيتها وامانتها لليمين التي أقسمتها، لتتحول اداة حقيقية في حماية ظهر من يحمي البلد.