يتطلع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الى حماية وضع الدروز في سوريا، فيبذل جهوداً ويقدم نصائح منذ اربع سنوات من اجل عدم تعاون الدروز مع النظام والنظر على نحو رؤيوي الى تطورات المنطقة على قاعدة ان ثمة منطقاً سيثبت نفسه في نهاية الامر مبنياً على جوار سني عريض لا يمكن تجاهله. ويندفع بعض الافرقاء المسيحيين في المقابل الى رؤية مغايرة تمعن في تسويغ ما يسمى تحالف الاقليات تتبنى “الحماية” التي قال الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إن الحزب يعتزم توفيرها للمسيحيين وسواهم في تبريره انخراطه المستمر في الحرب ونيته استدراج الجيش الى حرب يشكل فيها الواجهة في عرسال وجرودها مدعوماً من حليفه المسيحي الذي يرفع الصوت من اجل تغيير في قيادة الجيش قبل انتهاء ولاية قائده في ايلول المقبل على نحو بات يثير التساؤل عما اذا ما كان يفترض بالقائد الجديد ان يقوم بحرب عرسال تلبية لطلب الحزب وحليفه من دون الغطاء السني. ثمة استفزاز اثاره عرض “الحماية” الذي قدمه السيد نصرالله في رأي كثر في الوقت الذي هجر المسيحيون، الذين قيل انهم داعون للنظام ولا يزالون، سوريا بحيث ان نسبة المسيحيين فيها قد تراجعت الى ما يقل عن 3 في المئة وفق خبراء في الوضع السوري، ويكاد الوجود المسيحي ينتهي كما انتهى في العراق. وثمة سؤال: اذا كان ثمة حوار بين الفريقين المسيحيين الاساسيين ما الذي يمكن أن يتضمنه “اعلان نيات” في ظل اصطفاف سني شيعي وصل حده في معركة “تحرير عرسال” ومعارضة كلية وحازمة من تيار المستقبل لتطويع عرسال أو إخضاعها على الاقل من ضمن معركة القلمون؟
إبان رئاسة الرئيس الراحل الياس الهراوي والتحالف الذي كان قائما بينه وبين النظام السوري في مقابل الابتعاد المسيحي عنه، تحت وطأة نفي العماد ميشال عون الى العاصمة الفرنسية ووجود الدكتور سمير جعجع في السجن، كان الهراوي يقول بأنه سيأخذ المسيحيين قسراً الى ما يراه مصلحتهم في التحالف مع سوريا بدلا من معاداتها، الامر الذي كان هؤلاء ينكرونه في رأيه. ورحل الهراوي ولم يستطع اقناع المسيحيين “المحبطين” بالتحالف مع سوريا آنذاك، فيما يتم السعي الى اخذ المسيحيين للتحالف مجددا اليوم انما مع النظام دون سائر السوريين خصوصاً ممن ثاروا عليه.
لذلك فإن مهمة موفد الكرسي الرسولي الكاردينال دومينيك مومبرتي في بيروت لن يقدّر لها النجاح ليس في المساعدة في تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد مرور سنة على شغور موقع الرئاسة الاولى، والفاتيكان تجنب التدخل مباشرة طيلة هذه المدة لادراكه باستحالة الانتخاب في ظل الصراع الاقليمي، بل ان المهمة الاصعب قد تكون كيف يمكن اقناع المسيحيين بامتلاك رؤية بعيدة المدى لمصالهحم ووجودهم في المنطقة والمحافظة عليها. فثمة صراعات مصلحية يلهون بها اللبنانيين، فيما يتطلع المسيحيون بقوة الى الهجرة مجدداً وأكثر من أي وقت مضى.