IMLebanon

كيف يتقدَّم بلدٌ يُدار بثلاثية التمديد والتأجيل والترحيل؟ 

الشرق الأوسط يبحث في إمكان وقف إطلاق نار الحروب المشتعلة فيه، ولبنان يبحث في وقف إطلاق نار المناسبات.

الشرق الأوسط يبحث في إمكان ردم الهوة بين ما هو حاصل وبين ما يجب أن يكون، ولبنان يبحث في إمكان ردم أو وقف ردم الحوض الرابع من مرفأ بيروت.

الشرق الأوسط يبحث في وقف المغامرات والمقامرات التي تُمارَس بحق الشعب، ولبنان يبحث في سبل تأمين معيشة بضعة عاطلين عن العمل في الكازينو.

الشرق الأوسط يبحث في كيفية تحلية مياه البحر لتأمين المياه لمواطنيه، ولبنان يجادل في جدوى أو عدم جدوى بناء السدود، بين مَن يعتبر أنها غير صديقة للبيئة وبين مَن يعتبر أن لا بد منها.

الشرق الأوسط يبحث في تنويع إقتصاده بحيث لا يقوم فقط على النفط، ولبنان لا يعرف من هذا التنويع سوى الديون وسندات الخزينة.

هذا هو لبنان الذي يديره مسؤولونا في أيامنا هذه.

يأتي إلينا موفدٌ فرنسي، هو مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، فيقوم البلد ولا يقعد ويستنفر السياسيون على مختلف المستويات، لكنهم ينسون أنَّ فرنسا غارقة حتى أذنيها في الحرب على الإرهاب، خصوصاً بعد واقعة شارلي إيبدو، وأنَّ تحركها اللبناني ليس إلا من قبيل تحصيل الحاصل من دون أن تكون هناك نتيجة عملية من ورائه. يعرف الفرنسيون أنَّ الوقت الراهن ليس أوان الرئاسة ومع ذلك يتحركون، لكنَّ الذين يلتقونهم من اللبنانيين يعرفون أن هذا التحرك لا يوضَع إلا في خانة تقطيع الوقت أو ملء الوقت الضائع.

وفي الوقت الضائع أيضاً يجد السياسيون ما يتسلَّون به، وأحدث أصناف التسليات، محاولة التفتيش عن آلية حُكم يعتمدها مجلس الوزراء كبديل من الآلية المعتمدة القائمة على وجوب الإجماع في كل القرارات، وآلية الإجماع هذه تحوَّلت إلى أداة تعطيل بدل أن تكون أداة حكم، والتعطيل يتمثَّل في ترحيل البنود الخلافية وتأجيلها، فهل بالترحيل والتأجيل تُعالج الأمور؟

لقد بتنا أمام مثلث خطير في هذا البلد وهذا المثلث يتمثَّل في المصطلحات الثلاثة تمديد، تأجيل، ترحيل، فكيف يُمكن الإستمرار في ظل هذا المثلث؟

إنَّ أحد البنود الذي تعطَّل إقراره بسبب آلية الإجماع هو قرار تحويل عائدات الخليوي للبلديات عبر وزارة المال، هذا البند جرى ترحيله إلى جلسة أخرى بعد نقاش إستهلك معظم وقت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، والسبب رفض وزير الخارجية جبران باسيل هذا القرار. صحيح أنَّ الوزير باسيل كان الوحيد الذي عارض، فيما وافق 23 وزيراً، غير أن البند سقط على أمل طرحه في جلسة أو جلسات لاحقة.

إذاً كيف سيتمُّ إنماء البلديات من عوائد الخليوي؟

سؤال يُسأل! ولا مِن مُجيب!