كيف الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية بعدما حسم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الموقف بقوله جازماً وحاسماً بما معناه: “إما تعيين العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وإلا فلا رئيس”، إي على طريقة “صحيح ما تكسر ومكسور ما تاكل وكول لتشبع”؟
الواقع ان كل التنازلات التي قدمها الرئيس سعد الحريري بتأييد ترشيح النائب سليمان فرنجيه وهو خصمه السياسي ومن خط 8 آذار، وتلك التي قدمها الدكتور سمير جعجع بترشيح العماد عون للرئاسة وهو خصمه السياسي أيضاً ومن خط 8 آذار، لم تنفع في العودة الى الدستور والى النظام الديموقراطي لانتخاب رئيس للجمهورية لأن نتائج الانتخاب في نظر السيد نصرالله وفي الظروف الدقيقة الراهنة، وإن كانت بين مرشحين حليفين من 8 آذار، تترك شعوراً بوجود غالب ومغلوب. لذلك يرى أن لا داعي للعجلة الى أن يتم التوصل الى اتفاق على مرشح تسوية أو وفاقي لا يولّد مثل هذا الشعور. ولكن متى يتم التوصل الى ذلك اذا ظل الأمر متروكاً للعماد عون ليقرر ساعة يشاء الانسحاب لمرشح آخر يرضى به ويرضى به “حزب الله” أيضاً؟ فالعماد عون الذي لا ينسحب لحليفه وصديقه النائب فرنجيه وهو من خطه السياسي، فلمن يا ترى ينسحب؟ وما هو الثمن الذي يريده سواء في قانون جديد للانتخابات أو في تشكيل الحكومة، أو في تعيينات الفئة الأولى؟
لقد واجهت الانتخابات الرئاسية في الماضي الأزمة ذاتها باصرار عون على الترشّح وعدم الانسحاب لأحد، ولم يكن في الامكان الخروج منها إلا بعد وقوع أحداث 7 أيار التي استنفرت الدول الشقيقة والصديقة للبنان فكان مؤتمر الدوحة الذي فرض على جميع القادة في لبنان بمن فيهم العماد عون حلاً كاملاً ومتكاملاً للأزمة الرئاسية، وكان قانون الستين معدلاً هو حصان الانتصار الذي ركبه عون وبشّر به المسيحيين باستعادة حقوقهم تغطية لخسارته معركة رئاسة الجمهورية. فما الذي تستطيع أن تفعله الدول الشقيقة والصديقة للبنان كي تخرجه مرة أخرى من الأزمة الرئاسية؟ هل يتحرّك الضمير الوطني لدى النواب المقاطعين فيقررون حضور جلسة انتخاب الرئيس لانتخاب أحد المرشحين الثلاثة وهم: العماد عون، والنائب فرنجيه والنائب هنري حلو، ومن يفز بالأكثرية المطلوبة يصبح رئيساً، وإذا لم يفز أحد منهم بها يجري البحث عندئذ عن مرشح تسوية أو توافق يفوز بالتزكية ما دام السيد نصرالله لا يفضّل انتخاب رئيس يولّد انتخابه شعوراً بوجود غالب ومغلوب، وعندها لا يكون لبنان في حاجة الى حل تأتي له به دول شقيقة وصديقة.
إن السيد نصرالله إذا كان جاداً في دعوته الى انتخاب رئيس تسوية كما تم تشكيل حكومة تسوية، لأن دقة المرحلة في لبنان والمنطقة لا تتحمل انتخابات يكون فيها غالب ومغلوب، فلماذا إذاً يبحث أقطاب الحوار عن هذا المرشح اذا لم يكن لإيران فعلاً علاقة بالانتخابات الرئاسية في لبنان على حد قوله وأردنا تصديق ما يقول وهو ان لدى ايران أوراق ضغط كافية لتحصل على ما تريد من دور ونفوذ في المنطقة.
إن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” يتحملان قبل غيرهما مسؤولة استمرار الشغور الرئاسي وإفشال محاولات “لبننة” انتخاب الرئيس، خصوصاً بعدما تم ترشيح عون وفرنجيه للرئاسة وهما من 8 آذار ومن خط سياسي واحد. فما هو المطلوب أكثر من ذلك وهو أن يكون الرئيس من 8 آذار وليس من 14 آذار، وهذا انتصار لتكتل على آخر كما قال السيد نصرالله نفسه؟
إن على النواب مقاطعي جلسات انتخاب الرئيس، اذا كانوا يريدون فعلاً رئيساً من صنع لبنان وليس من صنع أي خارج، اعتماد أحد الخيارات الآتية:
اولاً: حضور الجلسة لانتخاب احد المرشحين الثلاثة: عون، فرنجيه، حلو، أو انتخاب أي مرشح آخر غير معلن.
ثانياً: الاتفاق في اجتماع هيئة الحوار الوطني على مرشح تسوية أو توافق تتطلب انتخابه دقة المرحلة التي لا تسمح بمعركة انتخابية يكون فيها غالب ومغلوب.
ثالثاً: انتظار التطورات في المنطقة لكي ياتي رئيس للبنان على صورة نتائجها.
إن دقة الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في لبنان تتطلب اتخاذ قرار في أسرع وقت، لأن الوقت صار عدواً للبنان”.