IMLebanon

كيف يقرأ «المستقبل» تفاهم ميقاتي ـ الصفدي ـ كرامي؟

يدرك «تيار المستقبل» أنه لم ينجح في تحجيم الرئيس نجيب ميقاتي أو في استفراده بإبعاد حلفائه عنه، خصوصا بعد استقالة حكومته وعودة «المستقبليين» الى الحكم من بوابة حكومة تمام سلام، بل بات يجد نفسه أمام أمر واقع يضطره للتعايش مع حركة ميقاتي الناشطة سياسيا وخدماتيا، لا سيما في طرابلس التي كان يعتبرها التيار الأزرق معقله الأساسي، وقد بات يخشى اليوم من سحب البساط الشعبي من تحت قدميه، لمصلحة الحلف الذي بدأ يتبلور في المدينة بين ميقاتي والنائبين محمد الصفدي وأحمد كرامي والوزير السابق فيصل عمر كرامي.

ويدرك «تيار المستقبل» أيضا أن مواجهته المفتوحة والمستمرة مع ميقاتي قد تجاوزت طرابلس الى الصعيد الوطني العام، خصوصا أن ميقاتي تمكن من تشكيل مرجعية سياسية ضمن الطائفة السنية، التي سعى «تيار المستقبل» منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري الى التفرد بقراراتها، وهو لم يعد قادرا على إغفال حيثية ميقاتي، خصوصا بعدما وجده شريكاً في تمثيل الطائفة على طاولة الحوار.

يكاد سعد الحريري يكون قد استنفد كل الأسلحة التي يمكن أن يحارب فيها نجيب ميقاتي الذي انتقل الى مرحلة تجميع النقاط السياسية لمصلحته، خصوصا بعدما جنح الحريري الى القيام بكل الخطوات التي كان يحرّمها على ميقاتي ويعتبرها من «الكبائر» عندما كان رئيسا للحكومة، وفي مقدمتها مشاركة «حزب الله» في حكومة واحدة ومن ثم الحوار معه. لا بل إن الحريري ذهب بعيدا في القبول العملي بمشاركة «حزب الله» في الحرب السورية، عندما تخلى عن لاءاته الشهيرة «لا للحوار ولا للحكومة ولا للجلوس مع حزب الله إلا بخروجه من سوريا وتسليم سلاحه الى الدولة، وتسليم المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى المحكمة الدولية»، وكل ذلك لم يحصل.

كذلك لم ينجح الحريري في خطته الرامية لاستفراد ميقاتي، بالرغم من كل الجهود التي بذلها على هذا الصعيد سواء في محاولته استمالة الصفدي، أو في التودد الى الوزير السابق فيصل كرامي بعد وفاة والده، حيث بدا واضحا أن الحريري كان يسعى الى فرط عقد أي حلف طرابلسي يمكن أن يجمع الرجلين مع ميقاتي، كما فعل سابقا في فرط عقد «التكتل الطرابلسي» الذي كان يضم الصفدي والنائب محمد كبارة والنائب الراحل موريس الفاضل.

لذلك فان الحريري ومعه قيادات «تيار المستقبل» باتوا يحسبون الف حساب للتقارب الحاصل اليوم بين ميقاتي والصفدي وكرامي في طرابلس، خصوصا في ظل الأزمة المالية المستفحلة التي لا تزال ترخي بثقلها على الحريري وتمنعه من تنفيذ الوعود الانمائية الكثيرة التي تعهد بها، وتحول دون قدرة تياره على تقديم أبسط الخدمات والمساعدات منذ العام 2009، في الوقت الذي ينشط فيه ميقاتي خدماتيا على أكثر من صعيد، وقد ساهمت خطوته الأخيرة مع الصفدي بانشاء شركة «نور الفيحاء» بهدف إنتاج الطاقة الكهربائية وتغذية طرابلس بشكل كامل في دغدغة مشاعر أكثرية الطرابلسيين الذين يجدون في تعاون ميقاتي والصفدي وكرامي حاجة ماسة لتشكيل قوة سياسية محلية طرابلسية قادرة على انتزاع حقوقها واسترجاع قرارها السياسي المصادر منذ العام 2005.

ثمة حالة من الارتباك والتخبط في «تيار المستقبل» تجاه حركة ميقاتي وتعاونه مع الصفدي وفيصل كرامي، حيث ترى مصادر قيادية في «المستقبل» أن تحركهم هو «مجرد لعب في الوقت الضائع، فالانتخابات لا تزال في علم الغيب. أما إذا كان هذا التعاون أو التحالف يصب في مصلحة طرابلس إنمائيا وخدماتيا فأهلا وسهلا به، وربما نصفق لهم على ما يقدمونه، لأن إنماء المدينة سيصب في مصلحة الجميع ولن يكون لتيار سياسي دون آخر».

وتتهم هذه المصادر ميقاتي والصفدي بأنهما «انقلبا» على «تيار المستقبل» وعلى التوجهات العامة للطائفة السنية خلال تشكيل الحكومة الماضية وأنهما لم يقدما شيئا لطرابلس، فيما تتهم عائلة كرامي بمنع وصول الانماء الى المدينة، لافتة الانتباه الى أن حراك ميقاتي والصفدي وكرامي هو من ضمن الحرتقات السياسية في وجه «المستقبل» وقد نجحوا حتى الآن في ذلك، نظرا لما يواجهه التيار من أزمات على صعيد تقديم الخدمات.

وتؤكد المصادر نفسها أن «هذا التحالف، في حال أبصر النور، لا يخيف تيار المستقبل، بل على العكس فان التيار سيواجهه بشدة، علما أن في السياسة لا حليف دائما ولا خصم دائما، فالأمور لا تزال مفتوحة، واليوم الرئيس الحريري لا يزال يتخذ موقفا حادا تجاه الرئيس ميقاتي، لكن لا أحد يعلم ماذا يحصل في المستقبل، فربما تأتي ظروف سياسية تحتم على القيادات السنية ان تكون متماسكة ومتحالفة لمواجهة أمر ما ربما يكون المؤتمر التأسيسي، عندها سنجد الرئيس الحريري على طاولة واحدة الى جانب ميقاتي والصفدي وكرامي وغيرهم من القيادات».