IMLebanon

كيف يُترجم الإجماع على الجيش؟

الطوائف تناوبت على خصومة المؤسسة العسكرية

كيف يُترجم الإجماع على الجيش؟

يكاد الجيش اللبناني يغرق بالحب والتعاطف معه، خصوصا في هذه المرحلة التي يواجه فيها الارهاب. سيل جارف من الكلام المنمق والداعم والحاضن. ولعلها من الأزمنة القليلة التي يتوافق فيها اللبنانيون على الالتفاف حول جيشهم.

بالامس القريب، وبعد المواجهات مع الارهابيين على الحدود، طالب مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان من البقاع بـ «مواجهة الاستهدافات، بالوقوف الى جانب الجيش والمؤسسات الامنية ودعمها». لم ينس، من باب ربط النزاع، ان يغمز من قناة «السلاح غير الشرعي»، بما لا يخرق سقف الحوار القائم بين «المستقبل» و «حزب الله»، مؤكدا اننا «لا نريد سلاحا غير سلاح الجيش والمؤسسات الامنية الشرعية، وأي سلاح يستعمل في الداخل اللبناني غير سلاح الجيش هو سلاح فتنة».

في السياق نفسه يكرر نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ «المقاومة في خندق واحد مع الجيش اللبناني، والمشروع الذي نواجهه واحد، وان شاء الله يكون النصر حليف هذا الاتجاه».

اما بكركي فتتمسك بـ «لازمتين» لا تُغيّبهما عن اي بيان لمجلس مطارنتها او نص مكتوب او مرتجل لبطريركها وهما «دعم الجيش اللبناني، وملء الشغور الرئاسي».

كلام رؤساء الاحزاب والسياسيين لا يختلف عن رجال الدين. دعم وتأييد لامتناه للجيش، خصوصا في مواجهته الارهاب.

ليس الظن في صدق الكلام ومصداقية التعاطف والتأييد «إثماً» ولا «من حسن الفطن». هو فقط يستند الى تاريخ طويل ومعقد من الصراعات والازمات بين مختلف الطوائف اللبنانية والمؤسسة العسكرية. فقد تناوب على المواجهة معها، في ظروف وتواريخ مختلفة، معظم المكونات الطائفية، كل لحساباته ووفق اجندته السياسية.

اليوم، من المرات النادرة التي يلقى الجيش اللبناني احتضانا حقيقيا من اكبر شريحة من اللبنانيين. صحيح ان لكل فريق أسبابه، منها التاريخية ومنها السياسية ومنها المصلحية، وحتى بعضها من باب مسايرة الغالبية والرأي العام. ومع ذلك فالجيش الذي يخوض حروبا على أكثر من جبهة لا يلقى الدعم الكافي الذي يمكّنه من الصمود على كل تلك الجبهات.

يقول سياسي مسيحي انه «على الرغم من التغييرات الكبيرة التي حصلت في المؤسسة العسكرية نفسها وفي نظرة المسيحيين اليها، الا ان هؤلاء يبقون البيئة الحاضنة، غريزيا، للجيش. لذلك اسباب تاريخية لها علاقة بأرجحيتهم يوما في تلك المؤسسة كما بقيادتها المحسوبة عليهم، كما لها مبرراتها بحرصهم وتمسكهم بفكرة الدولة التي تشكل الضامن الاساسي لحمايتهم».

يضيف السياسي المسيحي «قد يتحفظ بعض المسيحيين، كما غيرهم من طوائف أخرى، على تدخل العسكر في السياسة، وهذا ما انقسموا حوله حتى في العهد الشهابي الذي يجمعون على وضعه الكثير من اسس الدولة، لكن يبقى الجيش مرادفا للدولة وضمانة للامن والاستقرار». ويتابع «لهذه الاسباب استغرب كيف لا يبادر المسيحيون اليوم الى المطالبة بتخصيص جلسات لمجلس الوزراء واجتماعات للجان المعنية في مجلس النواب من اجل البحث في سبل تدعيم الجيش وتحصينه عمليا وليس بالاقوال».

في رأي هذا السياسي أنه «لم يعد مقبولا اليوم ان يكون الجيش يحارب الإرهابيين على الحدود ويتدخل في حل نزاع بين زوجين في حي من احياء المناطق الداخلية. ليس مقبولا ان يقف حاجزا في صراع بين عائلتين او جارين او خلاف على موقف سيارة. من جهة ثانية، كيف يمكن ان تقبل كل هذه الطبقة السياسية ان تترك جنودها مزودين بالحد الادنى من التسلح المفترض وبقلوبهم الباسلة فقط، يواجهون في اقسى الظروف الطبيعية محاولات اجتياح قرى ومدن لبنانية والعيث فيها ارهابا؟».

يؤكد السياسي المسيحي ان «التحديات امام الجيش اللبناني كثيرة. افراده ابناء هذا المجتمع بكل نزعاته ونزاعاته. يحارب على اكثر من جبهة ميدانية وسياسية. تُلقى عليه المهام والاعباء ويحرم من الدعم الفعلي والتسليح.» ويختم متسائلا «هل يمكن ان نستغل هذه اللحظة السياسية التي تعلن فيها غالبية الطبقة السياسية تأييدها للمؤسسة العسكرية من اجل ترجمة هذا التأييد افعالا ومساعدة ملموسة؟».