هذا ما يقوله عبد المنعم يوسف عن الإنترنت غير الشرعي
كيف تم الاعتداء على الدّرك وموظفي «أوجيرو» في الزعرور؟
كاد القرار الظني الذي أصدره قاضي التّحقيق العسكريّ الأوّل رياض أبو غيدا، أمس، أن يكون أكثر من مجرّد ادعاء على 3 عاملين في مشروع الزعرور التّابع لغابريال المر بالجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة والسطر الأخير من المادة 379 عقوبات (من هاجم أو قاوم بالعنف موظّفاً يعمل على تطبيق الشرائع أو الأنظمة أو جباية الرسوم أو تنفيذ قرار قضائي أو مذكرة قضائية أو أي أمر صادر عن السلطة ذات الصلاحية).
ولكن أبو غيدا وسّع من أفق الدّعوى ولم يكتف بشهادة الموجودين في مشروع الزعرور أثناء حصول الحادثة، فسلّط الضوء على ما كان يحصل داخل المركز، ونشر ضمن قراره صور المضبوطات كالصحن اللاقط قبل تفكيكه والبطاريات والكابلات التي لم يستطع فريق «أوجيرو» مصادرتها، بالإضافة إلى صور قطع الطّريق على الفريق التقني وعناصر الدّرك.
ولذلك، فإن «الريّس» أبدى في متن القرار ملاحظاته على قيام بعض الشركات المرخصة ببيع خدمات الانترنت بعدم التقيّد بالسعة المحدودة لها وبيع مئات «الميغاوات» تهريباً بواسطة الصحون اللاقطة وبأسعارٍ زهيدة، ما جعلها في موقع منافس غير شريف لـ«أوجيرو» وهدر ملايين الليرات من خزينة الدّولة.
والأهمّ في ملاحظات أبو غيدا تمثل في إمكانية ترتيب مسؤولية قانونية مالية على الشركات الخارجية (التركية والقبرصية..) والتي كانت الشركات اللبنانية غير الشرعية تقوم باستجرار الانترنت منها. وبالتالي، قيام الدولة اللبنانيّة بمقاضاة هذه الشركات (الأجنبية والمحليّة) على اعتبار عدم قانونية أفعالها الذي ينطبق على جرم سرقة المال العام.
وقد ركن قاضي التّحقيق العسكريّ الأوّل الى شهادة المدير العام لـ«أوجيرو» عبد المنعم يوسف، الحاسم بوجود محطّة انترنت غير شرعي، مشيراً إلى أنّ الصحن اللاقط الذي ضبط في مشروع الزعرور لا يصنّع أصلاً في لبنان، فيما استيراده وتركيبه وتشغيله يحتاج إلى ترخيص من وزارة الاتصالات وهو ما لا يملكه أصحاب المشروع، وذلك بهدف التهّرب من دفع رسوم مالية وتطبيق مراسيم تعرفة الخدمات.
وشدّد يوسف على أنّ «محطة الزعرور»، استناداً إلى المضبوطات، يمكن استخدامها لخدمات الاتصالات اللاسلكيّة من نقطة إلى أخرى كنقل البيانات الرقميّة أو نقل قاعدة معلومات بين مركز وفرع شركة، أو نقل خدمات الصور الرقميّة كحال الـ «كايبل فيجين».
كيف تمّ الاعتداء؟
أمّا بشأن ما حدث في مقر المحطة في الزعرور في 12 آذار الماضي حين قام بعض العاملين في المحطة بالاعتداء بقوة السلاح غير المرخص على فريق «أوجيرو» ومنعه مؤقتاً من القيام بواجباته مع اثنين من العسكريين التابعين لمخفر بتغرين، فقد روى الموجودون ما حدث معهم.
يومها، وصل فريق «أوجيرو» إلى المحطّة وتحديداً إلى رأس الجبل حيث مكان غرفة «التيليسياج»، وبدأ بتفكيك المعدات وهي عبارة عن: خزانتي «SERVER» وبداخلهما كابلات عائدة لصحن انترنت كبير ممتدّ إلى الخارج نحو عمود حديديّ ضخم وعالٍ، وشارج «DC» موصول على بطاريات عدد 16، 8 منها لونها أبيض بقوة A200 و8 لونها أسود بقوة A180. وماركة SHARK، بالإضافة إلى جهازpower supply pb1000-48 وورقة مكتوب عليها عبارة topz 2013 (router password). وقد سبق أن ضبطت أربعة صحون لاقطة في عيون السيمان، اثنان منها موجّهان إلى الزعرور.
وتوجّه رئيس الفريق وهو رئيس فرع التحقيقات والشكاوى في «أوجيرو» مصطفى أ. ومعه آمر دورية الدرك المؤهل أول جوزف س. إلى مخفر بتغرين لتنظيم محضر بالموجودات. وفي هذه الأثناء، ورد اتصال إلى المخفر من غبريال المر ليبلّغ عن «حرامية» سرقوا المعدات من المركز، فأجابه المسؤول أنّهم ليسوا «حرامية» بل هم موظفو «أوجيرو» الذين يقومون بمهمّة الكشف على المركز بتكليف قضائي من المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، ليقوم «بالتهديد والوعيد»، بحسب ما هو مثبت في المحضر.
بعد دقائق، ورد إلى رئيس الفريق اتصال من أحد الموظفين الموجودين في مقر المحطة، أبلغه فيه أن عدداً من المسلحين حضروا وشهروا أسلحتهم في وجه الفريق وهم يصرخون «حرامية»، فأجابهم أحد الموظفين: «نحن من «أوجيرو» ومعنا الدرك». لكنّ العاملين في المحطة تقدّموا باتجاههم وفتشوهم ثمّ قاموا بإفراغ سيارات «أوجيرو» من جميع المعدّات المضبوطة التي تمت مصادرتها، ثم اقتادوا الفريق إلى مبنى داخل المحطة وتمّ احتجازهم لحوالي ساعتين.
وبناءً على هذا الاتصال، ترك رئيس الفريق ومعه الدركيون مخفر بتغرين وعادوا إلى الزعرور، حيث وجدوا أن مسلحين في المشروع قد قطعوا طريق المدخل بسيارتين وجرافة وراحوا يدورون حول سيارة الدوريّة صارخين: «ما حدا بفوت لهون إلا بأمر من السيد غابي (المر)».
حينها، بدأت الاتصالات مع قيادة الدرك وعبد المنعم يوسف لإعادة المضبوطات وإدخال الفريق إلى المشروع. وبعد نصف ساعة، سمح لفريق «أوجيرو» بالدخول واقتادهم العاملون من دون سلاح ظاهر إلى المبنى حيث حاصرهم 20 مسلّحاً.
في هذه الأثناء، وصل آمر فصيلة بتغرين ومعه أوامر بإعادة المضبوطات ليرافق الفريق مجدّداً إلى رأس الجبل، حيث تمّ استعادة المعدات باستثناء الكابلات.
وخلال جلسات الاستجواب في مكتب أبو غيدا، تعرّف رئيس فريق «أوجيرو» على الياس المر وهو المسؤول عن عناصر الحرس في مشروع الزعرور، مؤكّداً أنّه كان مسلّحاً واعتدى على الفريق، فيما أصرّ المرّ على أنّه لا يعرفه وأنّ الرّجل «يفتري عليّ»!
ونفى المدّعى عليهم المر وميخائيل صليبا وبيتر صليبا وعلي الفليطي، تعرضهم لموظفي «أوجيرو» وعناصر الدرك وهم لا يحملون السلاح أصلاً، على حدّ قولهم، لافتين الانتباه إلى أنّ فريق «أوجيرو» لم يقدّم أي إثبات خطي لمهمته.
وهذا أيضاً ما قاله المرّ الذي أشار إلى أنّه استمهل الفريق وطلب إبراز الأمر القضائي ولائحة المضبوطات. وعندما واجهه أحد موظفي «أوجيرو» مؤكّداً أنّه أبرز الأمر القضائي، ردّ المدّعى عليه قائلاً: «أنا نفّذت ما تفرضه عليّ وظيفتي»!
في المقابل، أشار أبو غيدا في قراره الظني الى أنّه من الثابت أن «عناصر الدرك منعوا من دخول المنتجع لدى عودتهم في المرة الثانية ووُجد حولهم عدد من الاشخاص يحملون مسدسات على وسطهم، وهذا المنع تأكد جازما في إفادات المستمع إليهم»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «إنكار المدّعى عليهم لا يمكن الركون اليه باعتبار ان واقعة المنع حصلت فعلا بواسطة قطع الطريق بسيارتي جيب وجرافة، وان المدعى عليهم كانوا حينها على مدخل المشروع».
وبالتالي، اعتبر أبو غيدا أن فعلهم ينطبق على المادة 379 عقوبات، ومنع المحاكمة عنهم لجهة المادة 72 أسلحة إذ لم يثبت استعمالهم السلاح بعملية المنع. فيما منع المحاكمة عن المدعى عليهما مخايل صليبا وبيتر صليبا لعدم كفاية الدليل.
وهذا يعني أن عقوبة المدعى عليهم بالحبس تتراوح بين شهرين وسنتين بعدما اعتبرهم أبو غيدا عزلاً وغير مسلحين.
كما سطّر مذكرة تحر دائم لمعرفة كامل هوية المسلحين الذين كانوا قرب سيارة الدرك.
أمّا بشأن التعرض لفريق «أوجيرو»، فقد أحال أبو غيدا صورة عن أوراق الدعوى على القضاء الصالح لأن الطبيعة القانونية لتلك الأفعال تخرج عن اختصاص القضاء العسكري.