Site icon IMLebanon

كيف سيُحاسب الحريري «غدر» اهل البيت

 

عملياً يمكن القول ان ازمة الاستقالة انتهت بالشكل ولكن تفاصيل كثيرة تنتظر المرحلة المقبلة سيكون على المسؤولين العمل على تخطيها ومواجهتها بحزم وقرارات شجاعة على غرار ما جرى في موضوع استقالة الحريري من اليوم الاول لغيابه في السعودية حتى عودته يوم الاستقلال باحتفال الاستقلال ومهرجان بيت الوسط، والأزمة وفق اوساط سياسية جرى تخطيها بسبب توافر عناصر قوة داخلية أحبطت المؤامرة التي كانت تحاك لضرب الاستقرار واسقاط لبنان في أتون معارك المنطقة، ومن عناصر تلك القوة الداخلية «حكمة « رئيس الجمهورية الذي أحسن صياغة المخرج بالتروي والصبر على الأزمة وبطريقة استيعابه للامور والأزمات، وبصلابة تمكن رئيس الجمهورية من ان يقود التحرك الدولي والعربي لمواجهة المأزق والفخ الذي نصب للبنان، وقد كان موقف رئيس الجمهورية واضحاً في رسالة الاستقلال بعدم الاستسهال ومنع  التدخل في الشؤون اللبنانية، ومن عناصر القوة ايضاً الحريري الذي خالف التوقعات والمخططات رغم انه كان مغلوباً على أمره، وقد لاقى رئيس الجمهورية ولم يخذله مما يؤشر الى قيام تعاون ايجابي بينهما، فيما لعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري دور الاطفائي في الازمات عندما تندلع الحرائق وهو على الأرجح سيكون صلة الوصل بين الحريري وحزب الله في المرحلة الحرجة المقبلة.

من العوامل التي سهلت عودة الحريري ووضعت الامور على سكة داخلية هو توافر المظلة الإقليمية  فوق لبنان، هذه المظلة لو سقطت وفق الاوساط لكان على لبنان السلام، ولكن السقف الاقليمي ما كان وفق الاوساط نفسها ليكون لولا توافر الوحدة الوطنية التي افشلت مشروع الاقتتال الداخلي والفتنة والسيناريو الخطير الذي تم رسمه، وبنظر كثيرين فان الحريري اتقن حتى الساعة التعاطي مع المستجدات وهندسة عودته التي تناهى معها الشارع المستقبلي والسني الذي تمسك بسعد زعيماً وحيداً له ورفض مبايعة غيره، وقرار الحريري ساعده فيه ضغط رئيس الجمهورية والمعالجات المناسبة التي فرضتها بعبدا لايقاف المخطط الأسود بتمني التريث على الحريري، اضافة الى مشاروات داخلية ارتأتها مجموعات القيادة المستقبلية او المطبخ السياسي للحريري بالتناغم مع النصائح الفرنسية والمصرية والقبرصية. وبالتالي فان السؤال «كيف ولماذا تراجع الحريري عن استقالته» قد يكون في هذه الحال لزوم ما لا يلزم، فالمجتمع الدولي فرض ايقاعه والرئيس ميشال عون فرض حكمته ايضاً، وحتى المصنفين اخصام سعد الحريري او الذين لا يلتقون معه في بعض المواقف لا يريدون غير الحريري رئيساً لحكومة لبنان راهناً، وباعتقاد مقربين من رئاسة الحكومة فان الأمور تحتاج الى صيغة سياسية جديدة ومعدلة ترضي كل ألأطراف للخروج من القمقم الذي دخلت اليه الأزمة اللبنانية، والصيغة يفترض ان تناسب الجميع، فلا يجب استفزاز اي طرف بصورة فاضحة وفاقعة ويفترض تقديم تنازلات من الجميع، الحريري كان أول من قدم التنازلات ودفع فاتورة معينة مقابل تسهيله وتفضيله مصلحة الوطن، وبنظر مستقبليين  يرفضون التعبير عن مكنوناتهم علناً، مهما كان القرار او التصرف السعودي في مكان ما غير مناسب مع رئيس تيار المستقبل إلا انه من المجحف القول ان المملكة لم توفر فرصة جديدة لرئيس المستقبل وانها لم تتجاوب مع المطالب الدولية، وبالتالي يفرض عدم ممارسة الاستفزاز تجاه السعودية او تكبيد الحريري ضرائب اضافية لبنانياً وسعودياً، وعليه فالمطلوب تسوية جدية معدلة في بعض جوانبها تواكب المتغيرات في المشهد السياسي فما بعد الاستقالة لا يشبه ما قبلها،وسيكون على رئيس الحكومة التعامل مع واقع سياسي مختلف.

في الظاهر لا تزال المجموعة السياسية القريبة من الحريري تتكتم على الكثير من التفاصيل وما جرى في المملكة تحديداً عبر النفي او اعتبار ما حصل مجرد شائعات، كما تتستر المجموعات المحيطة به على كل ما يتعلق بمواقف سياسيين من فريق 14 آذار او قياديين في المستقبل تردد في ألأزمة انهم كانوا يتبعون فريق الوزير السعودي ثامر السبهان ويأتمرون بتوجيهاته، وفيما يحاول الحريري الايحاء بأن لا شيء حصل معه وانه لم يتعرض لخيانات او غدر، فان «دموعه العاطفية وتأثره بالحشد المستقبلي على شرفة بيت الوسط مع عمته بهية الحريري فضحت بعض المستور وان كانت كلمته «من له عينان ليرى ومن له اذنان ليسمع» حملت رسائل ومعاني كثيرة يصعب البوح بها على المنابر وحيث ان الحريري لا يزال يخضع كلامه للتوازن ويحرص على عدم الوقوع في الأخطاء.

وعليه فان السؤال «اي سعد سيكون عليه الحريري مستقبلاً وهل يبادر الى ردات فعل سلبية او ايجابية؟ وهل سيعمل على مراضاة المملكة وكسب ودها مجدداً بابعاد شخصيات سياسية في المستقبل عن دائرة الضوء واولهم نادر الحريري المسؤول الأول بنظر السعوديين عن التسوية الرئاسية الاولى مع بعبدا خصوصاً ان عائلة الحريري ومنهم النائبة بهية الحريري ونجلها أحمد رفضوا الانضمام الى سعد الحريري وتلبية الدعوة السعودية لهم، ام ان سعد الحريري سيعمد شيئاً فشيئاً الى ابعاد «كتبة التقارير» من حوله ومن تبين انهم مشاركون في المؤامرة وفي اغتياله سياسياً؟ ام ان الحريري لن يتخذ اي خطوة لا الأولى ولا الثانية بل يترك ألأمور تسير بوتيرة عادية بدون ان يغضب احداً ولعل الخيار ألأخير هو الأرجح والمطروح حالياً، ولن يبادر الى اي خطوة اليوم وان كان الواضح ان الحريري تم تسليفه مواقف كبيرة ومشرفة من مجموعة سياسية محيطة به، فالوزير نهاد المشنوق عبر عن موقف شجاع في الأزمة عندما رفض املاءات لمبايعة بهاء الحريري بتشديده «لسنا غنم» ولا نبايع، فيما فؤاد السنيورة العقل الاستراتيجي لثورة الأرز اظهر وفاء استثنائياً لسعد الحريري رغم انه لا يلتقي معه في التحولات السياسية. وعليه فالأرجح ان الحريري لن يبادر الى اي خطوة اليوم داخل المستقبل يمكن ان تستفز احداً، فالعمل اليوم هو على استيعاب المرحلة وانجاز تسوية جديدة تريح الوضع اللبناني تماشياً مع الاستحقاقات المقبلة وقد تكون الانتخابات النيابية «يوم الحساب» لمن ظلم سعد الحريري من اهل البيت.