Site icon IMLebanon

كيف ستتعاطى إيران مع المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية؟

 

لعل العنوان الأبرز لهذه المرحلة هو الضغط الاقتصادي الأميركي على إيران، ومن ذلك إيقاف تصدير النفط الإيراني بشكل شبه تام، ابتداءً من الثالث من أيار، حيث ستفرض الولايات المتحدة حظراً يمنع الدول والشركات والأفراد من دخول الأسواق الأميركية، في حال استمرارها بشراء النفط الإيراني، أو مواصلة التعامل مع المصارف الإيرانية. كما تضمّنت العقوبات حظر تجارة الذهب والمعادن، وشملت حظر التجارة في قطاعي السيارات والطيران، وفرض حظر على استيراد المواد والصناعات الإيرانية.

 

وتتضمّن الخطّة الأميركية إجراءات لمحاصرة إيران اقتصادياً، بمقاطعة نفطها، ومنعها من تأمين العملات الصعبة لاستيراد السلع التجارية، وعزلها عن المنظومة المالية الأميركية، ما يُفسّر حظر استخدام المؤسّسات المالية الإيرانية لنظام «سويفت» الدولي للتحويلات المالية. وستؤدي هذه الإجراءات إلى تأزيم حاد لوضع إيران الداخلي والإقليمي والدولي، وعلى المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما أنّ الأوضاع الداخلية ستزداد سوءاً، إذ ستنعكس هذه العقوبات على الأوضاع المعيشية بشكلٍ مباشرٍ، ما يعني تفاقم الامتعاض الشعبي، في مسعى أميركي لأنْ يصبح النظام في إيران آيلاً للسقوط.

 

إلا أنّه سيكون من الصعب جداً تحقيق هدف تصفير الصادرات النفطية الإيرانية، لأنّ إيران استطاعت في السابق تفادي سياسات الحصار النفطي، عبر استحداث منافذ للتهرّب من الحصار، ومنها على سبيل المثال، البورصات المتخصصة التي لا تتعامل فيها الشركات المعنية بالدولار الأميركي، والمصارف التي ركّزت عملياتها مع الدول المُحاصرة، والتي هي بدورها لا تتعامل بالدولار، أو التبادل عبر المقايضة، وأيضاً التعامل التجاري الإيراني واسع النطاق مع الدول المجاورة مثل العراق وروسيا وغيرها. وهذا ما دفع الولايات المتحدة الى اتخاذ تدابير احترازية واستباقية لدرء التهرب الإيراني من العقوبات عبر إبلاغ ماليزيا وسنغافورة والهند ودول أخرى، عن شحنات النفط الإيرانية المحظورة والأساليب التي تستخدمها طهران لتفادي العقوبات عليها، ودعت هذه الدول الى الإلتزام بالعقوبات.

 

ورغم المحاولات التي قد تبذلها إيران لتفادي الحصار الأميركي، إلا أنّه من المتوقّع أنْ يؤدي الحصار إلى خفض صادرات النفط الإيراني بشكل كبير ممّا سيضطر طهران الى تقليص الاعتماد على النفط وخفض موازنتها ونفقاتها العامة. ومن المرجّح أن ترافق هذه الإجراءات زيادة في الضرائب وفرض قيود مشدّدة على الاستيراد بالعملة الصعبة، ما سينعكس سلباً على الاقتصاد الإيراني ويسبب تراجعاً كبيراً في مستوى معيشة المواطنين، وخصوصاً الطبقات الفقيرة، وزيادة في نسبة التضخم.

 

بهذا ستُصبح إيران أمام ثلاثة خياراتٍ مريرةٍ، أوّلها وهو خيارٌ مستبعدٌ، أنْ تُقوّم سلوك نظامها بما يتماشى مع الرغبة الأميركية فيتم رفع الحصار؛ أو أنْ تحاول الصمود عبر المواربة الاقتصادية بِما يُؤدّي ربما إلى تقويض النظام من الداخل؛ أو أنْ تدخل في حربٍ مع الولايات المتّحدة وحُلفائها في المنطقة.

 

في خضم غليان المنطقة وقرقعة طبول الحرب، قد تحمل الأسابيع القليلة المقبلة دلالاتٍ أكثر وضوحاً عن كيفية تعاطي طهران مع التصعيد الأميركي، والمواقف العربية والإقليمية والدولية من إعلان مشروع «صفقة القرن» المرتقب بعد شهر رمضان.