كيف يصمد الاستقرار في وجه الخطاب التصعيدي؟ أفق التفجير مُقفل برغبة مشتركة داخلية وخارجية
لا يقابل النبرة النارية للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله ضد المملكة العربية السعودية، والردود التي لا تقل نارية من جهة زعيم “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، ما يوازيها عنفاً أو تصعيداً على الأرض التي لا تزال تحافظ على حد مقبول جداً من الهدوء والاستقرار، وهو ما يطرح أسئلة عديدة عن الأسباب التي تقف وراء صمود الاستقرار الداخلي، وعدم خروج الوضع الأمني عن السيطرة.
ليس ما يبرر سقوط الإستقرار الداخلي تحت وطأة التصعيد المتمادي في الخطاب السياسي بين قطبي “المستقبل” و”حزب الله”، على خلفية المواجهة الشرسة على محوري الراعيين الإقليميين للفريقين المحليين، وقد بلغت بعد انفجار اليمن، سقوفاً غير مسبوقة في التخاطب السياسي بين المملكة العربية السعودية وإيران.
فالحوار الذي إنطلق مع بداية السنة بين الفريقين لا يزال صامداً، ويستكمل جولاته، وإن بنتائج لا ترفع سقف التوقعات الموضوعة له أصلاً منذ إنطلاقته الأولى قبل أشهر قليلة، فيما الوضع الأمني لا يزال ممسوكا وإن بحده الأدنى.
أمام هذه المفارقة اللافتة في زمن المواجهة القصوى في المنطقة، تقلل مراجع مستقبلية أهمية التصعيد المحلي ولا ترى فيه أي أفق مقلق على صعيد تأثيراته على الوضع الداخلي.
وتعزو قراءتها هذه الى ان التصعيد المشار إليه يبقى ملجوماً برغبة مشتركة لدي فريقي “المستقبل” و”حزب الله” في ألا يخرج الخطاب التصعيدي عن السيطرة، إذ لا مصلحة لأي من الفريقين في تفلت الأمور.
وتلتقي هذه المصلحة المشتركة مع مصالح مماثلة لدى طهران كما لدى دول الغرب التي يعكس سفراؤها في لبنان دعوة جدية الى التزام ضبط النفس وعدم خروج الأمور عن السيطرة، ليس لسبب إلا لأن لبنان ليس مدرجا على أي أجندة دولية في الوقت الحاضر، فيما تعي طهران ان الوقت ليس ملائماً لفتح جبهة داخلية جديدة على “حزب الله” المنغمس في أكثر من جبهة خارجية.
أما من الجانب المستقبلي، فتشير المراجع الى أن التيار الأزرق لم يخرج بمواقفه وخطابه عن الثوابت التي سبق أن أعلنها منذ اندلاع الحرب السورية وتورط “حزب الله” فيها. وتقول ان تردادها الدائم لتلك الثوابت والهواجس المرافقة لها من التورط الخارجي للحزب وارتداداته على لبنان هو جزء أساسي من نقاط الخلاف مع الحزب.
ولفتت الى ان احد أبرز مواقع التباين مع الحزب منذ إنطلاق الحوار معه، تمثلت في رفضه إدراج النقاط الخلافية على طاولة الحوار، وإكتفائه بحصر الحوار بالملف الأمني وتخفيف الاحتقان الحزبي والشعبي. من هنا، وجب على “المستقبل” ان يضع هذه النقاط على الطاولة وألا ينفك يذكر بها لكي لا تسقط في أدراج النسيان، فيما يسعى الحزب جاهداً الى إبعادها عن النقاش وإبقائها تحت الطاولة.
لا ترى المراجع أي أفق للتصعيد، مؤكدة ان “المستقبل” يتطلع الى إستمرار التواصل. لكنها في الوقت عينه تقيم على اقتناع بأن الحوار القائم لن يصل إلى أي نتيجة، وأهم ما فيه أنه يبقي التواصل قائماً، مشيرة إلى أنه لم يكن لدى الفريقين منذ إنطلاقه، أي توقع بأن يحقق أكثر مما حققه.
وتنفي المراجع بشدة وجود رأيين داخل التيار الأزرق حول جدوى الحوار وإستمراريته، كما تنفي مقولة ان ” الصقور” في “المستقبل” لا يريدون الحوار، ويدعون الى وقفه. وترى ان جهات من الفريق الآخر تقف وراءه لإظهار إنقسام وتباين او ضياع داخل التيار، مستفيدة من النقاشات التي تحصل حيال هذا الموضوع. لكن الواقع ان الرأي واحد لجهة ضرورة استمرار التواصل بما يؤدي الى تخفيف الاحتقان والتشنجات في المواقف وليس في الشارع.
وفي موازاة ذلك، لا ترى المراجع أي تأثير للتصعيد على الحكومة التي من مصلحة الجميع ان تستمر بالقيام بدورها ومهماتها ومسؤولياتها حيال البلد والمواطنين.