فعلها الرئيس تمام سلام ودعا إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بخلاف التوقعات عن أن العطلة «القسرية» التي شهدتها جلسات مجلس الوزراء منذ نحو 3 أسابيع قد إنتهت، بعدما كثر الحديث عن لاإمكانية لهذا الإنعقاد قبل نهاية عطلة عيد الفطر في حال حدث خرق سياسي أو تحول ما في موقف التيار الوطني بخصوص البنود الخلافية في مجلس الوزراء، والتي أدت إلى «شللها» ومحاولة كل طرف تحميل الآخر مسؤولية ذلك.
هذه الدعوة المفاجئة حصلت بعد زيارة سلام إلى عين التينة ولقائه مع رئيس المجلس الرئيس نبيه بري الذي «يكتوي» بنار «التعطيل» الذي طال المؤسسة التشريعية منذ شهور طويلة والذي جاهر بالموقف الداعم لحكومة سلام وأنه داعم له إلى النهاية ـ حتى ولو خالف موقف بعض الحلفاء بذلك- بذريعة أن البلد لا يحتمل الفراغ بآخر «صرح دستوري» وهو مجلس الوزراء بعد الشغور الرئاسي والتعطيل التشريعي وتبعا لذلك حَمل الرئيس بري لواء دعم الرئيس تمام سلام بإعتباره معركته أيضا.
تقول مصادر وزارية متابعة لتحركات سلام ان رئيس الحكومة دعا إلى عقد هذه الجلسة بشكل «مباغت» بعدما إستنفذ كل الخيارات بشأن تراجع التيار الوطني الحرّ عن مطالبه بفرض بند التعيينات على جدول مجلس الوزراء من جهة وإن تأجيل الجلسات إلى ما بعد عيد الفطر سوف يعطي إنطباعا بدخول الشلل الحكومي بدوامة طويلة يصبح الخروج منها أمرا أكثر صعوبة، فكان الخيار بكسر حلقة الجمود والمرواحة بدعم واضح من قوى وتيارات كثيرة رفعت شعار حماية «مصالح الناس» والوقوف خلف إنتفاضة «الرئيس سلام!».
تتابع المصادر الوزارية بالقول، إن الجنرال عون يبدو اليوم محاصرا في وضع لا يحسد عليه بعدما تكتلت مختلف القوى السياسية من كلا الطرفين بوجهه محمّلة إياه مسؤولية» تعطيل» شؤون البلد وإحتياجات الناس بذريعة فرض بعض الشروط التي يراها البعض غير قابلة للتنفيذ في هذه الظروف وعلى رأسها موضوع التعيينات الأمنية التي تحتاج إلى مناخ «توافقي» غير متوافر حاليا وقد كانت كل الإجتماعات التي دارت في الأسبوع الأخير بهذا الإتجاه بدءا من لقاء الهيئات الإقتصادية والعمالية في «البيال» مرورا «باللقاء التشاوري» وصولا إلى بيان «لقاء مستقلي» 14 آذار وتيار «المستقبل» الذين أيّدوا دعوة سلام لإنعقاد جلسات مجلس الوزراء مهما كان الثمن الذي يبقى برأي هؤلاء أقل ضررا من «التعطيل» الذي يغطي كل مرافق الدولة .
مصادر قريبة من «التيار الوطني الحر» تقول إن كل التصريحات التي صدرت في الآونة الأخيرة بدعم سلام إنما الهدف منها «التكتل» بمواجهة الجنرال عون وليس الهدف منها مصالح الناس وقد إستغلت هذا الوضع للتشويش على الجنرال. وتتابع هذه المصادر بالقول إن وزراء التيار لن ينصاعوا لهذه «الضغوطات» بالإحراح ومن ثم بالإخراج «لإيمانهم بأن المعركة تكون أقوى من الداخل ولن تتكرر تجربة حكومة السنيورة التي ضربت «بالميثاقية» عرض الحائط وإستمرت بإتخاذ قرارات غير دستورية أدخلت البلاد في نفق مظلم حينها ونحن قادرون على التعطيل من موقفنا داخل الحكومة وبنفس الوقت حريصون على السلم الأهلي».
ولكن في المقابل ترى مصادر مخالفة لرؤية التيار أن وضع وزرار التيار أكثر صعوبة وذلك بسبب موقف بري الذي دافع عن سلام بالقول إنه ليس بحاجة الى تأكيد استخدامه صلاحياته الدستورية وهي وضع جدول الاعمال ودعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد ــــ وقد استخدمهما فعلا ــــ بل تشبثه بدوره على انه هو الذي يرأس الحكومة اولا ومجلس الوزراء المنوط به صلاحيات رئيس الجمهورية ثانياً، ويتولى انتظام عملهما وهي نقاط إلتقاء سلام مع رئيس مجلس النواب التي تقوم على إعادة دوران عجلة اعمال مجلس الوزراء بدوران عجلة اجتماعات البرلمان المتوقف منذ شهور وحسب «فتوى» بري لا شوائب في طريق التئام مجلس الوزراء ولا تشكيك في ميثاقية الجلسة لأن المكونات الطائفية ممثلة في الذين يعتزمون الحضور- وهم 18 وزيرا – في حال انسحب الوزراء الستة الآخرون، ولا مشكلة في تأمين النصاب الدستوري المتوافر للانعقاد بما يزيد على ثلثي الوزراء ولا خصوصا لاتخاذ القرارات لأن الاتفاق المعمول به بعدما انهى سلام اعتكافه قبل اشهر، على اثر الازمة الاولى لحكومته ازاء الخلاف على توقيع المراسيم، يقضي بأن يصير الى اخضاع آلية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية لآلية عمل مجلس الوزراء عند اتخاذ القرارات (حيث يقتضي الثلثان يُتخذ القرار بالثلثين، وحيث يقتضي النصف +1 يُتخذ بالاكثرية المطلقة)، وكذلك توقيع مراسيم القرارات، لم تعد المراسيم التي تصدر عن مجلس الوزراء تقترن منذ ذلك الوقت بشرط توقيع الوزراء الـ24 جميعا، كما في الاشهر الاولى من الشغور، وخصوصا في مواضيع غير اساسية تعنى احيانا بتسيير ادارات الدولة، وهو الأمر الذي يتمسك به سلام، ويؤيده رئيس المجلس بلا تحفظ، لاعادة الانتظام وإتخاذ القرارات في مجلس الوزراء دورياً. أما بخصوص الطرح المتوازي لدعوة مجلس الوزراء فإن الرئيس بري قرر المضي بالدعوة إلى فتح دورة إستثنائية للمجلس من أجل تمرير بعض القوانين العالقة والتي تمسّ «الأمن الإقتصادي» الذي لا يحتمل أي تأجيل متسلّحا بالقول إن فتح عقد استثنائي ليس في عداد المواضيع الاساسية التي نصت عليها المادة 65 من الدستور وبالتالي يمكن مقاربته على غرار سائر المواضيع العادية الاخرى التي تتطلب موافقة وتوقيع الاكثرية المطلقة من الوزراء على هذا المرسوم وهو ما يبدو متوفرا بحسب رؤية بري الذي أخذ وعدا من سلام بتوقيع هذا المرسوم فور صدوره كي يوجه بدوره دعوة إلى الهيئة العامة للبرلمان للإنعقاد وترؤس جلسات تشارك فيها المكونات الطائفية بغضّ النظر عن حضور أو تغيب أي فريق سياسي فالمهم هو مصلحة البلد.. حسب مصادر بري.
تختم المصادر بأن الجنرال عون سوف يواجه الإمتحان الأول في جلسة اليوم وسيثبت مدى قدرته على مواجهة كل تهم التعطيل والفتاوى الميثاقية والدستورية الصادرة عن موقعي الرئاستين الثانية والثالثة مقابل دعم حزب الله القوي الذي يبدو «حائرا » من المعارك «الصامتة» بين حليفيه (بري وعون) والسؤال كيف سيواجه الجنرال كل هذا «التحشيد»؟!