تدخل كسروان مرحلة الحماوة الإنتخابية كلّما اقترب الموعد المقرّر للتوجّه الى صناديق الإقتراع. وعلى رغم الحماسة التي يعيشها كلّ لبنان والتي تتقدّم على المطالب الحياتية والمعيشية، فإنّ للمعركة نكهة أخرى في ذلك القضاء، لأنّه الميزان الذي يحدّد بوصلة الزعامة المارونية.
خمسة نوّاب موارنة من أصل خمسة حصدهم «التيار الوطني الحرّ» في كسروان، ومعهم إستطاعَ العماد ميشال عون أن يقول «أنا الزعيم الماروني الأوّل».
إنتَخبت كسروان مع عون لدورتين متتاليتين، وبعد 8 سنوات (منذ إنتخابات 2009) إختلف الوضع المسيحي عموماً: «التيار الوطني الحر» متحالف مع «القوات اللبنانية»، عون رئيساً للجمهوريّة، عنوان المعركة «إستعادة حقوق المسيحيين»، الكنيسة التي تقف على الحياد لا تحبّذ خسارة العهد.
إضافة الى كلّ هذا فإنّ كسروان لا يمكنها أن تكون الخاصرة الرخوة في جسم رئاسة الجمهورية بعدما ألبَست عون ثوب الزعامة المارونية وأعطته سلاح التمثيل المسيحي لكي يمضي قدماً في المعركة الرئاسية.
هذه العوامل مجتمعة ترسم معالم المعركة الإنتخابية المقبلة، في حين أنّ هناك قسماً كبيراً من الناخبين في كسروان وكلّ لبنان يتأثّر بمَن يملك مفتاح السلطة نتيجة شبكة المصالح التي يشبكها.
«التيار»، القّوات اللبنانية»، «الوطنيون الأحرار»، النواب السابقون منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن وفارس بويز، الوزير السابق زياد بارود، رئيس «المؤسسة المارونية للإنتشار» نعمة افرام وعدد كبير من الشخصيات السياسية يطمحون للوصول الى الندوة النيابية، كلّهم يتنافسون من أجل حصد اللقب.
لكن يبقى السؤال: أين سيتمركز حزب الكتائب، فهل سيشكّل الرافعة للائحة كسروانية مع المستقلّين تقف في وجه تحالف «التيار» و«القوّات» أم إنّه سينضمّ الى هذا التحالف مُسقِطاً بذلك آمال مَن يطمح لمنافسته بعدما دعم لائحة «التيار» في إنتخابات جونية البلديّة الأخيرة؟
على رغم التأثيرات التي تركها تحالف «التيار» و«القوات»، يبدو حزب الكتائب مرتاحاً الى مسار الأمور، لا سيما أنّ تحسّناً في العلاقة طرأ مع «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» إضافة الى أنّ النائب سامي الجميّل زار عون واضعاً الحزب في تصرّف رئيس الجمهورية في ما خصّ معركة قانون الإنتخاب.
لا يمكن فصل تحالف الكتائب في كسروان عن تحالفاته في كلّ لبنان، فإذا حصل تحالفٌ ثلاثي، لا يمكن لحزب «الله والوطن والعائلة» مواجهة حلف «القوات» و«التيار» في كسروان، وبالتالي فإنّ الأسابيع المقبلة ستكشف المستور في هذا الخصوص.
لكن، ومهما كانت التحالفات، يُفترض على الكتائب إعلان مرشحها الكسرواني، وفي هذا الإطار يوضح مسؤول الماكينة الكتائبية الإنتخابية في كسروان زخيا الأشقر لـ«الجمهورية» أنّ «هناك آلية داخلية لإختيار الأسماء المرشحة، وهذه ترتيبات داخلية، والكتائب تزخر بالأسماء المؤهّلة لتولّي المناصب، لكن حتى الساعة لم نختر إسماً على رغم أنّ عضو المكتب السياسي سامي خويري ورئيس إقليم كسروان الكتائبي شاكر سلامه هما الأبرز، والأمر لم يُحسَم بعد».
تؤكّد الكتائب في كسروان أنها منفتحة على الجميع ولا تضع «فيتو» على أحد في تحالفاتها، وهي ضدّ السياسة الإلغائية وكلّ الإحتمالات مفتوحة، ولا مانع من التحالف مع «القوات» و«التيار الوطني الحرّ»، وفي الوقت نفسه تشدّد كوادر الكتائب على أنّ الكتائبيين والقواتيين في كسروان هم عائلة واحدة وينتمون الى المدرسة نفسها، ولم يدخل الشقاق بينهم، فالقواتي هو كتائبي والكتائبي هو قواتي.
وفي سياق الحديث عن الأحجام، يؤكّد الأشقر أنّ «الكتائب منتشرة في كلّ كسروان، ساحلاً ووسطاً وجبلاً، والأعداد تُقدَّر بالآلاف، لذلك يطمح الجميع للتحالف معنا، ونحن نعمل على تنظيم أنفسنا إستعداداً للمعركة وقدّ أطلقنا الماكينة الإنتخابية منذ نحو أسبوعين، ومن المقرّر أن تطلق رسمياً وإعلامياً في الأسبوعين المقبلين».
إذا لم تتأجّل الإنتخابات، فإنّ الأحزاب ستعلن عن أسماء مرشحيها في الأسابيع المقبلة، وبالتالي سيتّكل كلّ مرشّح حزبي على ماضيه النضالي للفوز بالترشيح، وبذلك، فإنّ الكتائب ستكون أمام إختيار صعب إذا ما خيّرت بين سامي خويري الذي كان رئيس إقليم كسروان الكتائبي ويحمل تاريخاً من النضال وتربطه علاقات مع كلّ الشرائح الكسروانية ويملك قدرة على التجييش، وبين شاكر سلامة الذي هو رئيس الإقليم الحالي ويضطلع بدور كسرواني وسياسي، وبالتالي يبقى السؤال لمصلحة مَن سيكون الحسم؟